أعرف أناسًا كثيرين يفكرون تفكيرًا عميقًا، وأقصد بـ”تفكير عميق جدًّا جدًّا” بالأيام العصيبة التي مرت عليهم في الماضي ويحزنون، ويبكون، ويلقون اللوم على أنفسهم على طيبتهم الزائدة مع شخص ما، ولماذا أعطيتهم أكبر من حجمهم، ولماذا لم أجتز المقابلة، ولماذا لم يتم قبولي ولماذا..لماذا؟ وما يدريك بأن تلك الأيام كانت سبب قوتك وصلابتك اليوم، وما يدريك بأن الله مخبئ لك أجمل الأقدار إذا صبرت وآمنت بما كُتب لك. أصبحت أنت من تلك المواقف أكثر وعي وحذر في تكون علاقاتك؛ وعلاوة على ذلك أنك قمت بوضع حدود مع كل الناس. أنت لم تصل لهذا القدر من الوعي والإدراك والمعرفة بطبيعة الناس وسلوكياتهم لولا تلك المواقف. والله لم يكتب لك اجتياز الاختبار أو القبول في وظيفة ما إلا لسبب غيبي أنت لا تعلمه. الكثير من الناس اليوم يصارعون مع هذه المواقف مثلك تمامًا، ولكن العاقل هو من يأخذ تلك المواقف في صدد القوة والثبات اليوم، وفي الأساس الدنيا عبارة عن خليط من أيام العسر واليسر. عش أيام العسر بنفسك بكل ما فيها من ألم وتعب ونصب، وخوضها بمفردك لتتعلم وتصبح أكثر نضجًا في المرات القادمــة. فالأخطـــاء تعلمـــك وترشـــدك، وتوجهـــك نحـــو طريــق الصـواب.
جميع الناجحين واجهوا العديد والعديد مثل هذه المواقف. ليس بالسهل أن تنجح في تكوين علاقاتك أو في الحصول على مراتب عالية أو في اتخاذ قرارات صائبة. فالنجاح يتطلب منك المحاولة ثم المحاولة ثم المحاولة والإصرار والصبر، ومن ثم يأتيك الفرج الربَّاني بعد كل هذه العثرات؛ ليذهب عنك أسى وتعب الأيام، وستخوض الكثير مثل هذه الأيام حتى لو كنت من رُوَّاد النجاح، فالحياة لا تقف على حد ما، ولكن هذه المرة ستصبح أكثر انفتاحًا ووعيًّا. فلماذا تأس على ما فات؟!