مقالات
الرئيس الأمريكي روزفلت وقصة الإصبع الزائدة في طابعه البريدي
كتب: خالد المعمري
باحث في التاريخ البريدي
هو فرانكلين ديلانو روزفلت، المعروف اختصارا بـ FDR (1882 – 1945)، الرئيس الثاني والثلاثون للولايات المتحدة لأربع فترات متتالية. انتخب خلال فترة الكساد الكبير وهي أزمة اقتصادية حدثت في 29 أكتوبر 1929م، عرفت بالثلاثاء الأسود، وتعتبر أكبر وأشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين، وقد بدأت الأزمة في أمريكا مع انهيار سوق الأسهم الأمريكية.
وكان تأثير الأزمة مدمراً على كل الدول الفقيرة والغنية، وانخفضت التجارة العالمية، كما انخفض متوسط الدخل الفردي وعائدات الضرائب والأسعار والأرباح.
عمل روزفلت في القوات المسلحة الأمريكية في بداية الأمر، قبل الدخول إلى عالم السياسة، وحصل على عدة أوسمه، وكانت له إنجازات كثيرة في الولايات المتحدة، ومحبوبا لدى الشعب على ما قدمه لهم. توفي روزفلت عن عمر يناهز 63 عامًا عشية النصر العسكري الكامل في أوروبا، وخلال أشهر من الانتصار على اليابان في المحيط الهادئ. ويعتبر كأحد أعظم ثلاثة رؤساء أمريكيين حكموا أمريكا إلى جانب جورج واشنطن وأبراهام لينكون حيث قاد الحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية إلى النصر رغم حالته الصحية.
كان الرئيس الأمريكي روزفلت من أشهر جامعي الطوابع البريدية في العالم، وشكل مع رفقاء دربه في الهواية جورج وارد دين والجنرال جيمس فارلي إضافة قوية للهواية والهواة بأمريكا، حيث أسس الأول مجلة ثقافية تهتم بثقافة الطوابع البريدية في أمريكا، وساهم بالدعاية والإعلان والترويج لصديقة روزفلت للترشح لمنصب الرئاسة من خلال ابتكار أختام ومغلفات لتشجيع جامعي الطوابع في أمريكا على التصويت لزميلهم بصفته أحد هواة الطوابع للرئاسة الأمريكية، لعلمهم لو فاز سيكون لهواة الطوابع في أمريكا شأن كبير لرقي الهواية من قبل البيت الأبيض.
وأما الجنرال جيمس فارلي كان سياسيا محنكا واستلم إدارة البريد في الفترتين الأولي والثانية من عهد صديقة الرئيس روزفلت، وتعتبر هذه الفترة بالفترة الذهبية للطوابع في أمريكا، حيث يشارك الرئيس بنفسه بتصميم الطوابع البريدية بجانب المدير الجنرال فارلي.
روج روزفلت للهواية في كافة أمريكا وحث الهواة بالاشتراك في تقديم الدراسات وعروض عن الطوابع، وساهم الرئيس باستضافة المعرض الدولي للطوابع 1936 TIPEX في مدينة نيويورك، وكان المعرض تحت رعايته، وكان يشجع على إقامة المزادات، ويشتري الكثير من الطوابع. كما انضم إلى أغلب الأندية وجمعيات الطوابع المعروفة في تلك الفترة، وكان كغيره من جامعي الطوابع يهتم بجمع الأخطاء التي تكتشف في الطوابع ويحرص على جمعها.
وذكر في إحدى المقابلات له حيث قال “أنا أدين بحياتي لهوايتي وخاصة جمع الطوابع”، وذكر ابنه جيميس لاحقا أن الرئيس روزفلت كان يقضي وقت فراغه بين طوابعه مقلبا الألبومات المتوفرة لدية ومتابعا تفاصيل الإصدارات عندما لا يكون لديه جدول أعمال.
وبين الفترة والأخرى كان البيت الأبيض يقوم بنشر صور الرئيس وهو جالس في مكتبه مع شغفه وهوايته المحببة وهي هواية جمع الطوابع، وتوزع للإعلام.
قامت بعض الدول باستخدام الصورة الشهيرة له وهو يتمعن في طوابعه من خلال المكبر، بإصدار طابع بريدي يحمل نفس الصورة مثل جزر كوك، وموناكو، والفلبين، وجزر تركس وكايكوس، واليمن، بالإضافة إلى تكريمه من قبل 80 دولة أخرى بإصدار طوابع متنوعة.
ومن المفارقات أنه وقع خطأ في الطابع الذي أصدرته له إمارة موناكو، وكما نرى من خلال صورة الطابع وهو يمسك المكبر بيده الشمال، نلاحظ أنه رسمت 6 أصابع ليده!
لكن هناك من يرجح انه ليس خطأ في التصميم و إنما خدعة بصرية حيث أن الجزء أسفل إصبع الخاتم يبدو كأنه إصبع إضافي هو كم القميص وقد تداخل أثناء الرسم مع اليد وهذه وجهة نظر تحترم.
لكن خلال التدقيق والتمعن بالصورة يتأكد بأن الرسام قام برسم ستة أصابع للرئيس الأمريكي روزفلت أشهر هاوي طوابع أمريكي، ولا يعرف إن كان متعمدا أو أتت الرسمة بالصدفة، لكن الطابع يعتبر من النوادر، والكثير يبحث عنه لسببين، الأول لأنه لرئيس دولة عظمى والآخر بسبب الخطأ الواضح في الطابع.
وفي عام 1946، بعد وفاة الرئيس الأمريكي فرانكلين ديلانو روزفلت، باعت عائلته ممتلكاته من الطوابع في أشهر المزادات، مزاد هارمر (Harmer Auction) وحققت مقتنياته أسعارا عالية لما تحتويه من نوادر، وحدث أيضا جدل كبير أثناء المزاد، لأن معظم هواة جمع الطوابع رغبوا في امتلاك أي شيء من مجموعته الأكثر شهرة في البلاد، وجادل البعض بأن حكومة الولايات المتحدة كانت تمتلك بعضا من مقتنياته الشهيرة ولم تطرحها في المزاد.
وقد جرى أثناء المزاد ختم المواد المباعة بختم خاص حتى تثبت بأنها كانت للرئيس الأمريكي روزفلت، ولا يزال هواة الطوابع والباحثون والمهتمون يبذلون قصارى جهدهم للبحث عن أي شيء من مجموعة الرئيس الأمريكي روزفلت الذي عاش وكرس حياته لخدمه بلده وقضى أغلب وقته بين طوابعه وهي متنفسه الوحيد.