يؤكد د. درويش المحاربي أن “القيادة وصناعة القرارات وجهان لعملة الإدارة، التي لها قيمة مادية ومعنوية، تُحدد بجودة التعامل معهما، ومدى استيعاب مكنوناتهما، ودرجة كفاءة ما يرتبط بهما من عمليات ونتائج إدارية، تسهم في تحقيق المقاصد والأهداف التي سخّرت لأجلها” مشيرا في كتابه الجديد (1+1=1 القيادة بين الرغبة والقدرة وأثرها في صناعة القرارات) أنه “لا يمكن الحديث عن القيادة في معزلٍ عن صناعة القرارات، والتي تنتج عن أعمالها وأفعالها؛ فالقائد المجيد هو بالضرورة صانعٌ جيدٌ للقرارات يستفيد من إمكاناته الشخصيةِ والمؤسسية، وبيئةِ العمل التي يُمارِس فيها مهامَّه ومسؤولياته”.
ويضيف المحاربي في كتابه الصادر عن دار لبان للنشر، ويحمل رقم 100 في سلسلة إصداراتها، أن “تفاوتَ القادة في مستوياتِ المعرفة، والمهارة، والتجربة، واختلاف شخصياتهم، وما يرتبط بهذه مجتمعةً من تباينٍ واسعٍ في السلوك، وأساليبِ العمل، تَظهرُ بشكلٍ واضح من خلال القرارات التي يتخذها هؤلاء، ونتائِجِها، وأثرِها على المؤسسة والمستفيدين من الخدمات التي تقدمها”، ولذلك فهو يرى أن “الاختبارَ الأكبر لأي قائد هو صناعتُه للقراراتِ، وهو مَربطُ فرس قيادته، وهو المتحدثُ الرسمي الأفصحُ عنه، وهو محاميه الأجدرُ عند عدم التقاءِ أفعاله مع الأهداف المراد تحقيقُها، وهذه قطعًا لا تتحقق بالأمنياتِ والرغباتِ، وتقلّدِ المناصبِ الإدارية؛ وإنما تتحقق من خلال المعرفةِ المناسبةِ، والقدرة الفاعلةِ، والمهارة المؤثرةِ، والخبرةِ النّافعة، والشّخصيةِ الملهمة”.
ويشير المؤلف إلى أن “القيادةُ أمرٌ جاذب، ومطلبٌ إنساني واجتماعيٌّ طبيعي للغاية؛ ولكن ما لم تُقابَل هذه الرغبةُ ما تحتاجُه أساسًا من القدرةِ على التأثير والأثرِ النافعِ؛ فإن ما يصنعُه القائدُ في هذه الحالة من قراراتٍ لن يتعدَّى حدودَ العبث الإداريِّ، الذي لن يُجديَ المؤسساتِ والأفراد أيَّ نفعٍ”، لكن “مَن ينصّبُ شخصًا ما على رأس مؤسسة دون أن تكون عنده الخصائص القيادية اللازمة والمناسبة للغرض القيادي، ودون استثمار الوقت اللازم لفهم شخصيته، وقدراته الاجتماعية، والاعتماد فقط على مؤهلاته وخبرته المفترضة قبل اختياره، مع أهميتها؛ هو أمر له تبعات سلبية لا حصر لها. ثم إن محاولة إعانته على تأدية المهام المنوطة به بعد ذلك، وتسخير الإمكانات المؤسسية الداخلية والخارجية له، ورفده ماديًّا ومعنويًّا، وانتظار ثمار قيادته المرجوة للمؤسسة التي يقودها؛ هو كمَن يزرع جذعَ نخلةٍ ميتة، وينتظر جنيَ ثمرِها بعد حين، وهذا لا يعني أن جذوع النخيل لا فائدةَ فيها؛ إذ إنها تُستخدم لصنع الأثاث والأعلاف، ويُشعل الكثيرون من الناس النيران فيها؛ إما لبعض الاستخدامات المفيدة، أو للتخلص منها؛ وهو الشائع، ولكنها لا تفيد إطلاقًا لمَن يرتجي الثمار”.
ويعنون المحاربي فصول كتابه بوجهات، تبدأ من الوجهة الأولى “لماذا هذا الكتاب؟” ثم “القيادة بين الرغبات والنتائج المرجوّة”، “واقع القيادة”، “كيمياء القيادة”، “القيادة المؤثرة ودورها في نموّ الأفراد والمؤسسات”، “صناعة القرارات مِضمار القيادة”، “لماذا التركيز على صناعة القرارات؟”، “أنواع القرارات”، وتتابع عناوين الوجهات لتشمل فكر القرارات وبيئتها وصناعتها، وصولا إلى الجانب الاجتماعي في هذه الصناعة، ودور السلطة في صناعتها، ثم تبحث الوجهة التاسعة في “جَودة القيادة بين الأمنيات والعمل الجادّ” من حيث كون المؤسسة: كآلة، كعقل، كمجتمع، كتوليفة سياسية، كسجن نفسي، كأداة تغيير وتحويل، ثم كونها كأداة للسيطرة والهيمنة، ويصل إلى الوجهة العاشرة ليتحدث عن “عهد الإمام علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- إلى مالك بن الحارث الأشتر النخعي”.
يذكر أن د. درويش المحاربي عضو بمجلس الدولة حاليا، وقد عمل سابقا كوكيل لوزارة الصحة وقبلها عميدا لكلية التجارة والاقتصاد بجامعة السلطان قابوس، كما أصدر كتابين في الإدارة هما: “خمس كلمات ثم جاءت الحياة”، و”لصوص الإدارة”، إضافة إلى إصداره الحالي “1+1=1″، وجميعها صدرت عن دار لبان للنشر.