من الصعب أن يتخيل الإنسان حجم التحديات التى تواجه عمان بشكل خاص في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم وضربت بثقلها على الإقتصاد، ناهيك عن المتغيرات الإقليمية والدولية.
ورغم كل هذه التحديات العصيبة التى يمر بها العالم وعمان جزء لا يتجزأ منه، إتضح بما لا يدع مجالا للشك بأن السلطنة قوية ولها جذور صلبة على أرض خصبة، شعبًا وحكومة، هكذا تبدو عمان اليوم وتزهو وتسير وتعمل بهدوء وفق خطة مدروسة لتبقى قلعة صامدة تعانق الرياح وتتحدى الزمن، ثابتة في وجه التحديات والأزمات، عربية في عروبتها، معتزة بإسلامها، قوية في حكمتها ومنهجها في سياسة عدم التدخل في شوؤن الغير، آمنة وأمينة على أرضها، وهي راية سلام، سرعان ما تتعافى من أي أزمة أقتصادية تمر بها، أو تحديات تواجهها، تجدها كل يوم تلبس حلة جديدة وثوبا جديدا أكثر رونقا وبهاء، وأكثر قوة وإرادة وعزيمة وإصرارا على السير قدما إلى الأمام.. دولة وشعبا.
الثامن عشر من أغسطس من عام2020م يعد يوما ليس كمثله،عندما صدرت ثمانية وعشرون مرسوما سلطانيا جددت النهضة العمانية، هذا اليوم أعطى صورة مشرقة عن وجه عمان الجديد الذي يسير وفق خطط مدروسة ورؤية واضحة تحمل طموح المواطن التوّاق إلى التجديد، والذي بدأت معالمه تلوح في الأفق من خلال إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة، الذي رسم معالم جيدة لعمان الغد، تتحقق من خلالها أحلام المواطن العماني الذي يفتخر بإنجازات بلاده، إلا أنه يطمح إلى بناء منظومة جيدة، وفق إستراتيجية صحيحة ، لتتمكن هذه المنظومة من السير وفق رؤية علمية مدروسة وحديثة ومتطورة تواكب الدول الراقية في شتى المجالات الأقتصادية منها والعلمية، من خلال إيجاد وإحلال عقول فكرية جديدة متنورة وأيادي أمينة للوطن، كي تستطيع أن تسخر طاقاتها لخدمة عمان بإخلاص وتفاني، لنرى هذا البلد يسير على سلم الرُقي ويتربع مكانة مرموقة بين دول العالم، وهي من الأمور ألتى يطمح إليها المواطن أن يرى عمان دولة ذات حضارة تجعل من العلم سلاحا لها، وتنمية فكر شبابها الهدف الأسمى.
لاشك عمان لها مكانتها التاريخية بين الشعوب والأمم، لكن ليس من الحكمة أن تبقى تتغنى بهذه المكانة التاريخية، وتدور حول هذه الحلقة دون أن ترسم معالم المستقبل، وتضع بصمة أمل للأجيال القادمة لمستقبل أفضل، لأن من حولنا يتقدمون سريعا، صحيح أننا تأخرنا كثيرا وضاعت فرص وأهدرت أمولا طائلة دون جدوى إقتصادية أو لو سخرت للتنمية والاستثمار، لكن هذا لاشك لن يتكرر اليوم في ظل هذه المسيرة الظافرة، وبين الثورة العلمية والتكنولوجية المتسارعة، يتحتم علينا دعم مجال الإختراع والإبتكار وأن نبني منظومة اقتصادية قوية ونحن نمتلك كل المقومات والموارد لهذه المنظومة من البر إلى البحر، وعمان قادرة ومؤهلة، وهي تسير اليوم على هذا النهج الحكيم.
لاشك بأن الحكومة الجديدة ألتى أعطيت الثقة من جلالة السلطان هيثم المعظم حفظه الله أستوعبت الدرس وفهمت التوجهات، وهي جديرة بحمل هذه ألأمانة والثقة، وأن تجعل عمان نصب عينيها، وأن تعمل على أن لا تكرر الإخفاقات والفشل في بعض الجوانب التى سببت تراكمات وتأثيرات إقتصادية صعبة التى تعاني منها عمان اليوم، لولا السياسة الحكيمة ألتى أنتهجها جلالة السلطان حفظة الله، والتى كانت فعلا نقلة نوعية، ربما البعض لم يستوعبها، لكنها تصب في المحافظة على هذا البلد الذي تعهد جلالته منذ الوهلة الأولى بأن يسخر كل طاقاته وإمكانياته من أجل عمان، ومن أجل أن ينعم المواطن على أرضه بالحياة الكريمة التي يسودها العدل.
الحكومة الجديدة لاشك تعلم بأنه لا مجاملة ولا مساومة على الوطن ومقدراته ومقوماته، ومن المهم جدا مراقبة الله في كل الجوانب، وعمان أمانة في اعناقنا جميعا، الرقابة الذاتية أكبر وأعظم من الرقابة القانونية، وعلى كل فرد من أفراد الحكومة أن يجعل من قول الفاروق عمر بن الخطاب شعارا له، قال رضي الله عنه: ” “لوعثرت بغلة في العراق لسألني الله أو لخفت أن يسألني الله عنها، لمَ لا تصلح لها الطريق يا عمر”.
المسألة ليست مناصب وترفّع، إنما عدلٌ وإخلاصٌ وتفان في الواجب، وليس من باب الصدفة أن نرى عمان اليوم تنتقل من مرحلة، هي بداية نهضة عمان المعاصرة التي أسسها بانيها الراحل قابوس طيب الله ثراه، إلى مرحلة أخرى نراهن على أنها استمرار للعصر الذهبي، الذي هو عبارة عن مصطلح يطلقه المؤرخون لوصف فترة زمنية تبلغ فيها أمة أو دولة أو حضارة ما أوج تقدمها وقوتها وأزدهارها، كما هو اليوم العصر الذهبي لإزدهار الحضارة الاوروبية في شتى المجالات الإقتصادية والثقافية والعلمية والتنموية، فلا بد من الإهتمام بالموارد البشرية المتمثلة في هذا الجيل، لأن الفكر هو الذي يخلق الموارد ورُقي الفكر، وهو أعظم رُقي في الحضارة الإنسانية.
وفي واقع الأمر بأن إعادة هيكلة الحكومة، وبالأخص وزارة الداخلية، أعطت مهاما وواجبات للمحافظين والولاة بشكل أفضل وأوسع، وأعطت ثقلا كبيرا وأهمية للمحافظات والولايات، وأتاحت فرصة كبيرة في المساهمة الفعالة لخدمة عمان، وأحيت طاقات كانت شبه معطلة تأخذ ولا تعطي، كما أفسحت المجال بشكل أكبر أمام المواطنين من فئة الشباب المثقف ليُساهموا في خدمة ولاياتهم من خلال برامج التنمية لكل محافظة وولاية، ولا شك أن برامج التنمية ستصبح قوية، سائرة وفق خطط مدروسة ومشاركة فعّالة من قبل المواطنين كما كانوا يشاركون في فعاليات شهر البلدية في الأعوام الماضية ألتى أنجزت فيها مشاريع تطوعية كبيرة، لكن للأسف كانت دون دراسة أو رؤية.
كل المؤشرات تدل بأن عمان تسير إلى قمة الرُقي والإزدهار في ظل هذه المتغيرات، وستلتحق بركب التقدم في مجالات الإقتصاد والصناعة والسياحة وحرية التعبير الذي كفله القانون، والحكومة الإلكترونية ستصل ذورتها، وستذلل كل العقبات أمام المستثمرين أصحاب رؤوس الأموال، وستنتعش كل الموارد وسينعم المواطن بالرخاء، وستكون عمان لؤلؤة الشرق كما وصفتها وكالة “بلومبرغ ” الأمريكية في تغريدة لها نشرتها على موقعها، إنه إذا أردت التمتع بالصحة والسعادة عليك التوجه إلى عمان وكندا وهولندا وسنغافورة، وأكدت الوكالة أن سلطنة عمان أصبحت في مصاف الدول المتقدمة في مؤشرات الصحة والسعادة والثروة، مشيرة إلى أن العديد من الدول سجلت تراجعا في هذه المعايير موضحة أن سلطنة عمان أصبحت من بين أعلى عشر دول في مؤشر الرفاهية والإستقرار للمواطن.