أصدر الكاتب داود بن سليمان الكيومي مجموعته القصصية الجديدة “خضر وأخر يابسات” التي تتضمن ما يقارب ال30 نصا تتراوح بين القصة القصيرة وفن “القصة القصيرة جدا”، مقتربا من النقد الاجتماعي بحدّة وجرأة.
والمجموعة الصادرة عن دار لبان للنشر أهداها إلى أخوته وأخواته “من شددت بهم أزري”، فيما جاء على الغلاف الأخير للمجموعة ما يعكس حالة الكتابة حيث “أغرته الكلمة، تلبسته، فلم تدع له مجالا لإمعان نظر أبعد من عرنين أنفه، سوّلت له نفسه ما لم يكن يوما في حدود فكره. ولكنها النفس التي يؤثر فيها وقع الحروف، فتتشكل في لحظة وعي أو لا وعي، تطول أو تقصر، حسب الإغواء والانتشاء، أو لحين صحو معاجل من سكرة الكلمة.
تبدأ المجموعة بقصة هلوسة ليل، وتتوالى العناوين بعدها: “زركشة” و”الورقة القاتلة” و”الكرتون”، و”حكاية كل يوم” مستمرة في نقد المجتمع بالتقاط حكايات تبدو كأنها الواقع اليومي الذي يسير على طرقاته البشر، يقول في قصة “بياض”:
“يا لقوامها الفارع المتناسق، كأنها خلقت كما تشاء، بادرته بابتسامة وهي تخرج من المحل المجاور للمسجد متجهة لسيارتها الفارهة.
تبع تلك الابتسامة، مغروسا في مكانه، يتابع بياض ساقها حينما ركبت السيارة، حدّثته نفسه بما وراء ذلك، وإذا به يتجه نحوها وقد عزم على عدم تفويت هذه الفرصة للتعرف عليها وطلب رقمها، ولكنه تذكر أنه متوضئ للصلاة.
بعد خمس دقائق كان يعيد وضوءه في المسجد ، بعد أن استقر رقمها في جواله”.
ويقترب الكيومي من الحالات الإنسانية بصورة معمقة أكثر في نصوص أخرى توزعت على المجموعة القصصية مفعمة بروح الشعر، حيث يعد الكيومي من أبرز الشعراء المعاصرين، وله قصائد وطنية مغنّاة، لكنه يأوي إلى بيت القصة ليكون الناقد الاجتماعي، تاركا لقارئه مهمة وضع تصوره للحالة، كيفما يقرأ المشهد المرسوم عبر الكلمات، منوّعا في سردياته، بين التراثي “ومن المرجحانة” والعصري “كورونا”.