إصداراتنا
“الصيرة.. تحكي”: رواية المقاومة العمانية للوجود البرتغالي
يأخذ الدكتور سعيد بن محمد السيابي قارئه إلى تجربة جديدة عبر رواية “الصيرة.. تحكي” بعد أن دخل دهاليز التاريخ عبر روايته الأولى “جبرين.. وشاء الهوى” مسجلا ملمحا مهما في نقوش الذاكرة العمانية، عبر مراحل مهمة، وبسردية فنّية تستدعي الماضي عبر الحكاية، لتضعها أمام قارىء اليوم بثوب جديد.
والعمل السردي الجديد للسيابي يأخذ قارئه إلى تخوم الأمس، المعبأ بالحكايات الكثيرة القادرة على رفد الأعمال الروائية بالمزيد، فالرواية تقدم جانبا من المقاومة العمانية للغزو البرتغالي، وكيف بقيت الصيرة في قريات شامخة لتتوحد قلاع عمان معها من أجل طرد المحتل، وقد عاث في الأرض قتلا وفسادا، من خلال قصة مزجت بين الحاضر والماضي، يرويها طالب الدكتوراه حينما يضع قدميه على أرض البرتغال وفي ذهنه السؤال عمّا حدث في فترة لم تحظ بالتوثيق المهم، وكانت المفارقة أن يكون بحثه في الدولة المستعمرة، وفي وثائقها، مع انعدام الوثائق في البلد التي عانت من كوارث الاحتلال المدمر، وذلك عائد إلى ظروف شتى، تتعلق بثقافة الاهتمام بما يجري من أحداث كبرى لتسجيلها.
تتوزع الرواية على مجموعة عناوين أشبه بفصول تتوزع على ثلاثة أقسام، تبدأ بما يشبه المقدمة عن “مائة عام بحبر الخلود”، تعرّف بالمكان والزمان اللذين يتناولهما العمل السردي، فيقول عنها أنها “رواية تستلهم خطى التاريخ، وهي تسير في دهاليز الفترة الواقعة بين عامي 1506 إلى 1648 للميلاد، والمكان على بحر عمان، في منطقة المروحة الفيضية الواقعة بين قلهات ومسقط، تلك البقعة المتشكلة من جناحين: خضرة الزرع وزرقة البحر.. ولاية قريات، اسمها دال على مجموع قرى، وموقعها يجمع بين ثلاثة تضاريس مختلفة يمكن رؤيتها من مكان واحد، هي عناصر الحياة، وامتداد تواصلها الحضاري… البحر والسهل والجبل”.
ويقسم السيابي روايته إلى ثلاثة أقسام، الأول مكون من 13 عنوانا، يبدأ من “الصيرة تطل من أعلى سارية” ويختتمه بفصل عنوانه “شبيه الظل” كأحد أبطال الرواية، والقسم الثاني يتناول في مفتتح عناوينه العشرة “المجذوب.. قبضة من نور” إلى “الانحناء للعاصفة” ويأتي القسم الثالث من سبعة عناوين، تنتهي بـ”كسفح جبل أو هو أعلى” ووصولا إلى ما قبل آخر فصول الرواية بـ”هدم القلعة” في شهر رمضان من عام 1058 للهجرة، “ تم هدم قلعة البرتغاليين المسورة عن بكرة أبيها، لم يبق لها من آثار إلا حجارتها المتناثرة، وموقعها الذي كان يقابل برج الصيرة، وانمسحت ذكراها من الوجود، لم يعد أحد يراها، أو يسمع مدافعها”، ويأتي الفصل الآخير بعنوان “الحقائب تعود”، بعد ست سنوات من الدراسة التي أمضاها البطل / السارد، دارس
تبدأ الحكاية بلحظة اكتشاف البطل / السارد للبرتغال وهو يخرج مطارها يواجه بمجموعة من المفاجآت، وتبدا من مع سائق سيارة الأجرة والعائلة التي يسكن معها، ثم حينما يلتقي المشرفة على رسالته، والطلبة العرب الدارسين في العاصمة لشبونة.
وهناك زمانان للسرد، الراهن المتعلق بطالب الدكتوراه، والماضي مع الأحداث التي دارت خلال فترة الغزو البرتغالي لعمان، ووصوله إلى قريات، وكذلك فإنها تتمدد على مكانين، البرتغال كبلد حاضر تقدم للطالب العماني فرصة الدراسة لنيل الشهادة، وقريات، القادم منها البطل / السارد كحاضنة للأحداث التاريخية، وتلتقي الرؤى الزمانية والمكانية مع عثور الطالب على بغيته في الإرشيف الوطني البرتغالي مع مجموعة من الوثائق التي تشير إلى “قريات” متتبعا سيرة أرضه.
يقدم د. سعيد السيابي الإهداء إلى خاله “سالم بن صالح السيابي” الذي زرع فيه حب القراءة، ليعود معه وبه “بتاريخ ما حفرته في ذاكرتي وما بمخزون ما تعلّمته من مكتبتك”، وفي هذا يصلح للدراسة فقط، المجد والتاريخ هو أن تصنع مجدك وتاريخك اليوم، ذلك صنعه أجدادك”.
يذكر أن للمؤلف عدة تجارب سردية في كتابة القصة القصيرة منها مجموعته “رغيف أسود”، وأخرى في القصة القصيرة جدا منها “المبراة والقلم”، وصدرتا عن مؤسسة بيت الغشام، إضافة إلى دراسات بحثية في المسرح.
رواية “الصيرة.. تحكي” صدرت عن مؤسسة “لبان اللنشر” العمانية، ضمن أول إصداراتها التي بدأتها بعد تدشينها في العاشر من شهر أكتوبر الجاري.