تنتشر جائحة كورونا في العالم بأسره مختطفة أرواح آلاف البشر، وتزداد خطورة هذا الوباء العالمي كونه كائنا سريع الانتشار ويتفشى كالنار في الهشيم. ووفقا لآخر الأخبار حول فيروس كورونا في السلطنة، فقد أصدرت وزارة الصحة في آخر بيان لها اليوم بتاريخ 1/4/2020م الذي يفيد تسجيل ثماني عشرة حالة جديدة، ليصبح إجمالي عدد المصابين بفايروس كورونا (210) حالة، منها (34) حالة تماثلت بالشفاء، وسجلت في ساعةٍ متأخرة من الليل مساء البارحة أول حالة وفاة لمواطنٍ يبلغ من العمر اثنان وسبعين عاماً.
وحيث أن السلطنة جزء لا يتجزأ من هذا العالم، فهي كغيرها قامت بالعديد من الإجراءات الاحترازية التي تساهم في تقليل حدة انتشار هذا الوباء، فجاءت الأوامر السامية من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق –حفظه ورعاه- بتشكيل لجنة لبحث آلية التعامل مع التطورات الناتجة عن انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد19).
ولقد أثار فيروس كورونا العديد من التساؤلات منذ الإعلان عنه حول مدى تصدي القانون لهذا المرض وكل من يتعمد بنشره في المجتمع عن قصد أو إهمال منه أو قيامه بالامتناع عن الامتثال للإجراءات والتدابير المقررة لمنع انتشار العدوى أو نقلها للغير، وهذا ما سوف نتطرق إليه في مقالنا هذا.
المرض المعدي
لقد نص قانون مكافحة الأمراض المعدية الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (73/92) في مادته الأولى “يعتبر مرضا معديا كل مرض من الأمراض الواردة بالجدول الملحق بهذا القانون ولوزير الصحة – بقرار منه- أن يعدّل في هذا الجدول بالإضافة أو بالحذف أو بالنقل من قسم إلى آخر من أقسام الجدول”. و بالنظر إلى الجدول المشار إليه في نص المادة الأولى من القانون المذكور أعلاه يشير إلى فيروس كورونا كأحد الأمراض المعدية.
ونظرا لجهود السلطنة في مكافحة هذا الوباء العالمي فقد جاءت الأوامرالسامية بتعديل بعض أحكام قانون مكافحة الأمراض المعدية، وذلك بناء على المرسوم السلطاني رقم (32/2020) الصادر بتاريخ 23 من مارس سنة 2020م، الذي تضمن تعديل وإضافة بعض أحكام هذا القانون لتكون متوافقة مع الجهود المبذولة من الجهات المعنية في السلطنة لتقليل حدة نتائج هذا الوباء للخروج بأقل الأضرار والخسائر البشرية والمادية.
أبرز ما جاء في تعديل أحكام قانون مكافحة الأمراض المعدية هو تعديل نص المادة التاسعة عشر منه، الذي شُدّدت فيه العقوية لكل من لم يقم بالإبلاغ عن مرضٍ معدٍ لتصبح العقوبة السجن مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تزيد عن سنة واحدة، وبغرامة لا تقل عن ألف ريال ولا تزيد عن عشرة آلاف ريال عماني. بينما كانت العقوية لمن لا يبلغ عن مرضٍ معدٍ السجن مدة لا تزيد على ستة أشهر وبغرامة مقدارها مائة ريال عماني.
كما جاء التعديل في نص المادة عشرين التي تفيد على أن يُعاقب كل من يخالف حكم من أحكام قانون مكافحة الأمراض المعدية أو القرارات الوزارية المنفذة له مدة لا تقل عن شهر واحد، ولا تزيد على سنة واحدة، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة ريال عماني ولا تزيد على خمسة آلاف ريال عماني، بينما كانت العقوبة المقررة غرامة لا تقل عن عشرين ريالا ولا تزيد على خمسين ريالا عمانيا.
مواد جديدة
كما تمثلت التعديلات التي لحقت قانون مكافحة الأمراض المعدية في إضافة مواد جديدة بأرقام ( 5 ) مكررا، (5) مكررا(1)، (5) مكررا (2)، (5)مكررا (3)، (5) مكررا (4)، (5) مكررا (5)، (5) مكررا (6)، (5) مكررا (7)، (5) مكررا (8)، التي تنوعت أحكامها ما بين منح حقوق للأشخاص المصابين وإناطة بعض الواجبات على الأطباء وأحقية الجهات المختصة باتخاذ الإجراءات الاحترازية المقررة من الجهات المعنية، حيث جاءت المادة (5) مكررا بإعطاء الحق للشخص المصاب بمرض كورونا بأن يتلقى العلاج والرعاية الصحية في دور العلاج الحكومية.
كما جاءت أحكام المادة (5) مكررا(1) لتشدّد على أهمية الحفاظ على سرية بيانات المرضى، وعدم جواز الإفصاح عنها إلا في الأحوال المقررة قانونا أو بموافقة خطية من المريض نفسه.
و أشارت المادةر(5) مكررا (2) إلى أحد الواجبات الملقاة على عاتق الطبيب، وذلك لتقديمه المشورة اللازمة للشخص المصاب وتوعيته بطبيعة المرض وتعريفه بالوسائل والإرشادات الواجب اتباعها للحد من انتقال العدوى.
كما أشارت المادة (5) مكرر (3) على ضرورة التوجه لأقرب مؤسسة صحية في حالة الإصابة بالمرض أو الاشتباه بالإصابة.
وأوردت المادة (5) مكررا (4) في نصها على أنه يجب على كل مصاب أن يزوّد المؤسسة الصحية بجميع المعلومات والبيانات الخاصة بالأشخاص المخالطين له خلال فترة مرضه.
كما أوردت المادة (5) مكرر (5) على أنه يجب على الشخص القادم إلى السلطنة الذي يعلم أنه مصاب أو مشتبه في إصابته بأحد الأمراض المعدية أن يبلّغ سلطات المنافذ الحدودية فور وصوله إليها.
كما أجازت المادة (5) مكررا (6) لوزارة الصحة إخضاع القادم إلى السلطنة من المناطق الموبوءة للفحص الطبي للتأكد من خلوه من المرض، و يجوز للوزارة اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير المناسبة بما فيها عزله وحجز أمتعته ومتعلقاته الشخصية.
كما شددّت المادة (5) مكرر (7) بضرورة التزام الأشخاص المصابين بالمرض بالتعليمات والإرشادات الصادرة من الجهات المعنية، ويحظر عليهم القيام بأي سلوك يؤدي إلى نقل العدوى إلى الغير.
التعطيل والامتناع
وأخيرا نصّت المادة (5) مكرر (8) على أنه: “يحظر على أي شخص تعطيل أو الامتناع عن تنفيذ الإجراءات والتدابير المقررة بمنع انتشار العدوى، أو نقلها إلى الغير”.
هذا و قضت تعديلات أحكام قانون مكافحة الأمراض المعدية بعقوية لكل من يخالف أحكام المواد (5) مكررا (3)، (5) مكررا (4)، (5) مكررا (5)، (5) مكررا (7)، (5) مكررا (8)، وذلك بدلالة نص المادة (19) من القانون المذكور.
وعليه ولما سبق توضيحه من نصوص فإن المسؤولية تقع في عاتق كل من في هذه الأرض الطيبة للحد من انتشار الجائحة والخروج منها بأقل الخسائر. وختاما ندعو بدعاء السلطان الراحل – طيب الله ثراه- “والله العلي القدير ندعو بأن يحفظكم أبناء عمان المخلصين ويرعاكم كراما أوفياء”.