الثقافي
ملاحن ابن دريد
يتبادر إلى ذهن القارئ عند مصادفته لكتاب يحمل عنوان “الملاحن” أن الكتاب يتحدث عن المعازف والألحان، ويتبادر إلى ذهن آخرين أن الكتاب يتحدث عن الأخطاء اللغوية إذا ما عرفنا أن اللحن يقصد به في بعض الأحيان بالخطأ. ولأن الكلام معزوفة تحتاج إلى فطنة وحنكة في سبكها وصف قوالبها جاء انتقاء ابن دريد لهذا العنوان **.
وهذا ما يبينه العُماني ابن دريد (ت: 321هـ) في مقدمة كتابه “الملاحن” حول المغزى من هذا العنوان، إذ يقول: “معنى قولنا: الملاحن. لأنَّ اللحنَ عند العرب الفِطْنَةُ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعل أحدكم أن يكون ألحنَ بحجته) أي أفطن لها، وأغوص عليها ” ومن ذلك قوله تعالى: )وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ( [محمد:30]. والمراد بلحن القول في الآية الكريمة: ” ولتعرفنهم في لحن القول أي في فحواه ومعناه..” * * *.
فقراءة هذا الكتاب تفتح آفاقاً رحبة للقارئ في فهم ما وراء الكلام ومقاصده “وذلك أنَّ أصلَ اللحن عند العرب أن تريدَ الشيء فتورّي عنه بقول آخر…”.
عنوان هذا الكتاب نموذج واحد فقط من عنوانات كتب اللغة التي يدرسها كتاب ” سيمياء العنوان في كتب اللغة المطبوعة حتى نهاية القرن الرابع الهجري” الذي يدرس فيه سليمان بن صالح الراشدي العلاقة بين دلالات عنوانات كُتب اللغة ومدلولاتها.
وهذه دعوة يشرفني أن أقدمها للمهتمين بالكُتب وعنواناتها وللباحثين في الدراسات اللغوية لاقتناء نسختهم من كتابي.