صدر للدكتور أحمد بن علي العلوي كتاب “قيم المواطنة ودورها في تعزيز الأمن الوقائي بالمؤسسات التعليمية” وذلك عن دار لبان للنشر.
ويشير المؤلف إلى أن أهميَّة هذا الكتاب تأتي “من خلال المساهمة في تعميق الانتماء للوطن والنهضة به إلى مصافِّ الدول المتطورة، وهو من أهمِّ الأسس التي يقوم عليه التطور والتقدم والازدهار؛ فالوطن ما عاد الوطن هو مسقط رأس الإنسان، بل هو المكان الذي ينشأ ويترعرع فيه، يتولد له فيه أصدقاء، وتنشأ له فيه علاقات وارتباطات، وترتبط فيه مصالحه ومنافعه الحسية والمعنوية”.
ويشير العلوي إلى أن هناك كثيرا من التحديات التي تواجه ذلك؛ موضحا ما أحدثته العولمة والثورة التكنولوجية والتقدم العلمي الفائق في وسائل الاتصالات والتغيرات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية المستجدة على الساحة إلى شعور الدول العربية والإسلامية بمدى خطورة تلك التطورات على قيم وعادات وتقاليد مواطنيها لاسيما الشباب حيث أثرت في ثقافة وقيم الشباب مما أدى إلى تكوين تناقضات فكرية وصراعات ثقافية نجحت في غزو عقولهم فظهرت على الساحة تيارات فكرية تحمل أفكارًا تتعارض مع مصالح المجتمع، إضافة إلى ظهور عديد من الأمراض الداخلية الاجتماعية السيئة كالبطالة، والتهميش، والفساد.. وغير ذلك، مما أدى إلى ضعف وعي الشباب بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المعاصرة، وضعف الشعور بالانتماء، ومن ثم تدهور قيم المواطنة وعدم الوعي بأهميتها وانتشار قيم وسلوكيات مخلة بالأمن، ومعوقة للتنمية كالسلبية واللامبالاة وعدم التقيد بالنظام، مما يهدد أمن المجتمع والوطن.
كما أن المؤلف يرى أنه قد واكب هذه التطورات والتغيرات السريعة التي يواجهها الشباب قصور واضح في الدور الوظيفي للمؤسسات التعليمية؛ التي اقتصر دورها على تقديم مناهج تعلم الطلاب قيم المواطنة دون تفعيلها وممارستها على أرض الواقع، ولهذا؛ حظي موضوع قيم المواطنة من حيث تعزيزها وتنميتها باهتمام كبير متزايد من قبل سلطنة عمان على المسارات المختلفة تشريعيا؛ حيث تضمنت الدساتير تقنينا لحقوق المواطن وواجباته، وتربويا حرصت المؤسسات التربوية على غرس قيم المواطنة وممارساتها في عقول النشء من أجل تحقيق الأمن والوقاية من الجرائم وتحقيق الاستقرار والرقي، وسياسيا في صور بناء مؤسسات واتخاذ آليات تستوعب مشاركة أفراد المجتمع من الطلاب.
ويؤكد د. أحمد العلوي على أن القيم مصدر أساسي لأهداف التربية؛ “فهدف العملية التربوية في أي مجتمع هو تربية أفرادها وتنشئتهم تنشئة صحيحة تمكنهم أن يكونوا مواطنين صالحين، كما تهدف لبناء الفرد وتعديل سلوكه بما يتفق مع ثقافته ومعايير المجتمع الذي يعيش فيه، عن طريق غرس القيم التي يرتضيها المجتمع لأبنائه، ويزداد الاهتمام بالقيم في الوقت الراهن؛ لكونها معايير ومحددات موجهة ومحركة للتصرفات المفضلة للأفراد والجماعات في المواقف الحياتية المختلفة، فضلا عن نهوض الأمم بها”، كما يوضح في جانب آخر أن “القيم الإيجابية تؤسس لمجتمع متعاون ومتآخي، يعيش فيه الناس حياة مجتمعية آمنة تتميز بالحيوية والنشاط وتنمو فيها روح المحبة والاحترام، وتسودها الألفة والمودة، كما أن القيم تجنب المجتمع ويلات النزاعات والصراعات، وتحميه من الضعف والانهيار، وتقوده نحو البناء والإبداع؛ لأن أفراده سيعملون بصدق وانتماء للوصول إلى أعلى المراتب”.
ويتضمن الكتاب أربعة فصول، تناول الأول “القيم والمواطنة المفهوم ودلالات السلوك المرتبطة من حيث مفهوم القيم، وأهميتها، ومكوناتها، وخصائصها، وتطور المواطنة ومفهومها: فيما تضمن الثاني بحثا في قيم المواطنة من حيث مفهوم هذه القيم، وأهدافها، وأهميتها، ومجالاتها وأبعاده، وتطرق الثالث إلى “الأمن الوقائي، وممارسة قيم المواطنة في المجتمع العماني من حيث مفهوم الأمن الوقائي، وأهدافه، وأهميته لدى الشباب، ودور الجامعات في تحقيق هذا الأمن لديهم، ورؤية استراتيجية لتحقيقه لدى طلاب الجامعات، والتحديات والمعوقات التي تواجه ممارسة قيم المواطنة في المجتمع العماني، أما الفصل الرابع فيقدم مشروعًا لتنمية وعي طلاب الجامعات بقيم المواطنة من حيث أهداف المشروع، واستراتيجية تطبيقه، والاعتبارات المهمة لتطبيقه، وآليات تنفيذه، والبرنامج التدريبي لتنمية وعي طلاب الجامعات العمانية بقيم المواطنة الصالحة الداعمة لتحقيق الأمن الوقائي، ومعايير التقييم.
وفي الختام يقدم العلوي مجموعة من التوصيات “لترسيخ قيم المواطنة في نفوس الطلاب والشباب بما يحقق الأمن والاستقرار في المجتمع” من بينها “تفعيل قيم المشاركة التطوعية في المجتمع العماني وتسهيل ممارسة طلاب الجامعات للأنشطة الثقافية ، وإشراكهم في ورش العمل والندوات للمناقشة مع الأساتذة، والعمل على تعزيز قيم المواطنة بشكل أكبر في المناهج الدراسية بالجامعة وبخاصة في التخصصات العلمية نظرًا لارتباطها بتحقيق الأمن الفكري والاجتماعي لطلاب الجامعات، إنشاء الجهات المختصة في سلطنة عمان لأجهزة وطنية تابعة لديوان البلاط السلطاني للحد من الفساد، والتخفيف من ظاهرتي البطالة والفقر وبخاصة بين صفوف طلاب الجامعات، وضرورة تفعيل القوانين والأنظمة وتطبيقها على الجميع دون محاباة أو تمييز، وتنظيم زيارات لطلاب الجامعات إلى الأجهزة الأمنية؛ للتعرف على أدوارهم ومهامهم في حفظ الأمن والاستقرار للمجتمع العماني”.