إصداراتنا

معمر التوبي يبحث في “هكذا نتطور” مفاهيم الكون والأفكار

 

اختار د. معمر بن علي التوبي عنوان “هكذا نتطور” ليقترب مما عرّفه بأنه “فلسفة التطور في عالم الإنسان والأفكار والأشياء” كما هو العنوان الفرعي في الكتاب الصادر عن مؤسسة “لبان”، وهو ثاني إصدارات التوبي بعد كتابه “العلم والإيمان” الصادر سابقا عن “بيت الغشام”.

 

في مقدمة الكتاب يرى د. معمر أنه “هكذا نفكر عندما نكون أمام كم هائل من الأفكار والأشياء؛ فنرى الأمور وفقا لما هي عليه، وقد يكون من الأسلم أن نقول وفقا  لأحكمامنا وقيمنا الخاصة، بنا؛ لنحكم عليها وعلى آلية وجودها وتطورها من خلال حصيلتنا ومكتسباتنا المعرفية. الأسئلة حول الوجود بين الفلسفة والعلم تارة وبين الدين والعلم تارة أخرى – وفقا لجغرافية المكان والزمان وثقافتهما- تتعدد وتختلط حسب درجة غموضها وكلها تصب في سؤال فحواه: كيف بدأ الوجود -بكل ما فيه وما يحويه- وكيف تطور؟ والأهم لماذا؟ ومثل هذه الأسئلة موجودة -في واقعها- في ذهن الإنسان وعقله منذ وجوده الأول” مشيرا إلى أن هذا “ما يدفعنا إلى التفكير في فلسفة التطور نفسها”.

 

ويشير المؤلف إلى أنه “من السهل جد تتبع التطور في التاريخ في معظم الأفكار والأشياء؛ كانت بعض المبادئ والأفكار الفلسفية تتطور مع مرور الوقت ويأتي من يزيد عليها أو يفهمها”، موضحا أن “التطور كفلسفة فهو متمثل في تسلسل الأفكار وتطورها من أفكار سابقة، أما التطور كمبدأ بيولوجي فهو قصة أخرى لها جذورها الطويلة عبر التاريخ”.

يأتي الفصل الأول تحت عنوان “هكذا نفكر في كيفية بداية الخلق”، مقدما تمهيدا للفكرة ثم مبحثا فرعيا عن الفكرة البيولوجية (فكرة نشأة الإنسان وخلقه)، مع خلاصة للفكرة، منوها المؤلف بأن فكرة الخلق منذ القدم اختلطت بتصورات الإنسان وخيالاته، والتي نسب بعضها للمصادر الدينية، مشيرا إلى أن التناقضات التي كانت في الكتاب المقدس لدى الكنيسية هو شرارة الصدام بين العلم المتمتثل بنظرية التطور وبين الدين.

 

فيما يأتي الفصل الثاني عن “النشأة والتطور في عالم الأفكار” ويتناول فيه مفاهيم كالأخلاق، والتواصل واللغة، والدين والإله والمعتقدات والطقوس الدينية، وفكرة الوجود والبقاء والصراع”، إذ يرى المؤلف أن “تطور الفكرة أمر حتمي وضروري، وفي حقيقته طبيعي نتيجة للحاجة الظرفية التي تناسب الزمان وفق المتغيرات المتعددة، والفكرة القديمة رغم أنها سبب للفكرة المتقدمة والجديدة قد لم يعد لها مكان وتأثير في زمن جديد ومتقدم”.

 

 أما الفصل الثالث فيناقش النشأة والتطور في عالم الأشياء، كالنشأة والتطور في الحضارة، والتطور النصاعي والعلمي وتأثيره على عالم الأفكار، وعالم الأشياء إلى أين؟، وفي التمهيد لهذا الفصل يؤكد د. معمر التوبي أن عالم الأشياء عالم فسيح، تطوره في تسارع مستمر، ويمكن أن نقيس هذا التسارع والنمو في عالم التقنيات والمادة والتي جمعناها بعالم الأشياء؛ بدءا من المرحلة أو الثورة الزراعية التي أسهمت في تطور الأشياء من تقنيات وأدوات بداياتها كانت في الحقول والمزارع وانطلقت لتشمل البيوت والمجتمعات” مؤكدا أن هذا جاء “نتيجة لعامل التطور الذي يبدأ بشيء واحد وتتفرع منه أشياء متنوعة تخدم مجالت كثيرة تصب كلها في خدمة الإنسان لتيسير حياته وتسهيلها”.

 

ويتمحور موضوع الكتاب حول فكرة أساسية مهد لها الدكتور معمر التوبي، حينما أشار إلى أن “قبولنا بالحق لا يكون بالجبر والإكراه قدر ما يكون بالبحث والدليل والبرهان والاقتناع؛ وإلا فإننا سنجد أنفسنا في مجتمع من القطيع البشري الذي يتحرك ويتكلم ويعتقد وفق منهج العقل الجمعي الذي لا قيمة فيه للعقل الإنساني الذي اصطفاه الله وكرمه، وفيه يكون تهميش للذات الإنسانية المفعمة بحب البحث والسؤال وبلوغ اليقين من خلال عبورها لجسر الشك”.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق