شهدت تجربة سريرية يجريها مستشفى كليفلاند كلينك بالولايات المتحدة الأمريكية لتقييم فعالية عمليات زرع الرحم من متبرعات بعد وفاتهنّ نجاح ولادة ثانية؛ إذ أنجبت فتاة من ولاية بنسلفانيا صبيا في صحة ممتازة.
وتهدف الدراسة إلى إجراء عشر عمليات زرع رحم؛ حيث استطاع فريق كليفلاند كلينك، منذ إطلاقها في العام 2015، أن يجري منها ثماني عمليات؛ نجحت ستّ منها وتمخضت اثنتان من الست عن ولادتين لطفلين سليمين، بالإضافة إلى وجود حالتي حمل أخرى حاليا.
وقال جراح زراعة الرحم الدكتور كريستيانو كوينتيني، الباحث الرئيسي في الدراسة: “هناك حوالي 60،000 امرأة في الولايات المتحدة الأمريكية تعاني من العقم الناجم عن علة رحمية. هؤلاء النساء، اللواتي لا يعانين عادة من أمراض أخرى، غير قادرات على الإنجاب لعدم وجود رحم لديهن”، معتبرا أن عملية زرع الرحم “يمكن أن تحقق للكثيرات حلم حياتهن بالإنجاب”.
ولم يكن ثمّة سبيل للحمل، قبل هذه الدراسة الرائدة، أمام النساء المصابات بالعقم في هذه الحالات.
وأمضى فريق من المختصين العاملين في أكثر من 12 تخصصا طبيا أربع سنوات في إعداد الفتاة الخاضعة للدراسة لتصبح أمًّا، خضعت خلالها المتبرعات إلى فحص التطابق، لتُتوّج هذه الفترة الزمنية بعملية ناجحة لزراعة رحم أجريت في كليفلاند كلينك في يناير من العام الماضي، تلتها فترة مراقبة امتدّت لستة أشهر للتأكد من أن الرحم المزروع مستعد لحمل الجنين. وقد حملت الأم الخاضعة للدراسة بعد أول عملية نقل لجنين إلى رحمها الجديد، وأنجبت طفلها بعملية قيصرية في آذار/مارس من هذا العام.
ولإلقاء مزيد من الضوء على عمليات زرع الرحم، تولّى الدكتور كوينتيني وزميلاه، الدكتورة أوما بيرني المختصة بطب الأم والجنين، والدكتور أندرياس تزاكيس، الرئيس الفخري لقسم زراعة الأعضاء، والذي قاد جهود إدخال عمليات زرع الرحم إلى كليفلاند كلينك في العام 2015، الإجابة عن عدد من الأسئلة الشائعة.
لماذا تجرون تجربة لزراعة الرحم من متبرعات متوفَّيات؟
نهدف من هذه التجربة إلى إثبات أن زراعة الرحم تشكل خيارا علاجيا مجديا وآمنا للنساء المصابات بعقم ناجم عن علة رحمية؛ إذ تسمح لنا زراعة الرحم من متبرعات متوفَّيات بتلافي المخاطر المحتملة، التي قد تتعرض لها المتبرعة الحيّة.
الولادتان الناجحتان أدخلتا السعادة إلى أسرتين محرومتين من الأطفال، كما بعثتا بارقة أمل لدى فريق الدراسة، والعالم بأكمله؛ فمن الرائع أن نرى أخيرا النتائج المذهلة الكفيلة بتغيير حياة الناس إلى الأفضل، والتي يمكن أن تحققها عمليات الزرع هذه.
ما هي أسباب عقم الرحم؟
معظم المريضات وُلِدن من دون رحم؛ إذ يعتبر ذلك حالة شائعة إلى حد ما نجدها عند واحدة من كل 500 امرأة، وهؤلاء لا يعانين عادة من علل أخرى مرافقة. كما توجد حالات أخرى لنساء تم استئصال الرحم لديهن خلال سن الإنجاب بسبب نزيف مهدد للحياة أو أورام حميدة أو خبيثة.
ما هي الخيارات المتاحة أمام النساء المصابات بالعقم لعلة رحمية ممن يرغبن في إنجاب الأطفال؟
لو تحدثنا بصورة عامة نجد أن الخيارات الأخرى المتاحة تتمثل في التبني أو تأجير الأرحام، وهي حلول تناسب الكثير من النساء، ولكنها لا تناسب النساء في عدد من المجتمعات لأسباب ثقافية أو دينية أو مالية، ناهيك عن أن عملية زراعة الرحم ستجعل بوسع المرأة الإحساس بمشاعر المسؤولية والرهبة والفرح المرافقة لحمل وولادة طفلها بنفسها.
هل تُعتبر عمليات زراعة الرحم متاحة على نطاق واسع؟
هذه العمليات ما زالت إجراء جديدا، لذلك فهي غير متاحة بعد إلا في نطاق التجربة السريرية.
ما الذي تنطوي عليه عملية زراعة الرحم؟
الخطوة الأولى تتمثل في تقييم الحالة للتأكد من إمكانية إجراء عملية الزرع بأمان. والخطوة الثانية هي تخصيب الأجنة وحفظها ليتم استخدامها في حالات الحمل المستقبلية. أما الخطوة الثالثة فهي وضع المريضة على قائمة الانتظار والبحث عن متبرعة مناسبة.
عند تحديد المتبرعة المناسبة، يقوم فريقنا الجراحي بالذهاب إلى المستشفى، الذي تتواجد فيه، والحصول على الرحم ونقله إلى مستشفى كليفلاند كلينك من أجل القيام بعملية الزرع. وخلال هذه المرحلة تبدأ المريضة المتلقية بتناول أدوية مثبطة للمناعة لكيلا يرفض جسمها الرحم الجديد.
ومن الضروري الاستمرار بالعلاج الكابت للمناعة منذ لحظة زرع الرحم وحتى حصولنا على النتيجة المرجوة، أي ولادة طفل أو طفلين معافيين. وبعد 6 أشهر من إجراء الزرع بنجاح، يقوم أخصائيو العقم بعملية نقل الجنين. ويواصل فريقنا المختص الإشراف على المريضة حتى يطمئنوا إلى ثبات حملها وتتكلّل جهودهم بالولادة. وفي نهاية المطاف يتم استئصال الرحم المزروع.
كيف يختلف الحمل في رحم مزروع عن الحمل التقليدي؟
بالاستناد إلى تجربتنا والتجارب المماثلة حول العالم، نجد أن حالات الحمل هذه تشبه حالات الحمل في رحم طبيعي عند النساء اللواتي خضعن لعملية زرع أعضاء أخرى؛ حيث استطاعت آلاف النساء من مريضات زراعة الكلية والكبد والقلب والرئة إنجاب الأطفال وهن يتناولن أدوية مثبطة للمناعة.
كذلك ندرك ارتفاع مخاطر إصابة النساء اللاتي خضعن لعملية زرع الرحم بارتفاع ضغط الدم والتسمّم الحملي، كما أن الولادة يجب أن تُجرى عبر عملية قيصرية.
ماذا يحدث بعد الولادة؟
بعد أن تحمل المرأة وتلد، وربما تُكرِّر الحمل بحسب رغبتها، تخضع لعملية استئصال الرحم، للتوقّف عن تناول العقاقير المثبطة للمناعة.