تسعد القلوب بغرس المحبة والأمل، وتبتهج النفوس بنبذ الكدر وعبارات السآمة والملل، ومن تكرار الأحاديث التي توجب الهموم وصنوف العلل، أن أي قطر من أقطار العالم الرحب لا يخلو من السلبيات أو الإيجابيات بل ويحتدم الصدام بينهما حتى يأذن الله بانبلاج فجر الحق بعد ظلمة الباطل، وهذا حديثٌ قطعي لا مراء فيه فلماذا ؟أدعو إلى التثبيط وألجم النفس بلجام اليأس بل وأبث هذا الفكر فيمن حولي؟
فالإنسان بطبعه مؤثرٌ ومتأثر، فليتأثر بكل ما هو نافع ليؤثر بعد ذلك بهذا النفع على نفسه وعلى من حوله ، وليبشر الناس بالخير وإن تكالبت الهموم وحلت الغموم، وليوقن تمام اليقين أن بعد كل عسر يسرا وإن رأى إستحالة ذلك الأمر، وليسعَ جاهدًا إن استطاع إلى الإصلاح سبيلًا فليفعل فنحن مع الإصلاح وضد الفساد وسرقة الأموال العامة ونهب أراضي البلاد والعباد، وقد ذكرنا ذلك في مواطن كثيرة ولم نخش في الله لومة لائم، إن محاربة الفساد لا تكون بلقلقة الألسن وبث روح اليأس والتثبيط وفقدان الأمل بالله وهو الذي خلق هذا الكون من العدم ولم يعجزه تدبير شؤونه، فمن قيض رجالًا لنصر أمتهم ودينهم وقضيتهم وهم قلة وما ظننتم أن ينتصروا قادرٌ على أن يقيض لوطننا الغالي عُمان رجالًا ينتشلونه من ظلم العباد ويسعون في مقارعة أهل الجور الفساد>
لا أريد الإسهاب في هذا الحديث بقدر ما أردت الإيضاح وما توفيقي إلا بالله عليه توكلتُ وإليه أُنيب،إن السخط بلا مبررات وغيبة الأحياء والأموات لا تحل من قضية الفساد بل يجلب بها هذا الساخط على نفسه الأوزار والسيئات، تراه ينادي بالقصاص وليس له من الأمر شىء وليس له يدٌ في ذلك، إن تغيير المنكر بينه رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم بحالاته التي تعرفونها وآخر هذه الحالات قال فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.
إن بث روح التفاؤل وحسن الظن بالله والتوكل عليه كفيل بانقشاع الهموم وزوال الغموم ، ويذكرني هذا الطرح بحديث ونقاش مع أحد الأحبة كذلك كان ينظر نظرة تشاؤم للحياة، ويرى أن اليهود قد سيطروا على العالم من خلال تقدمهم وامتلاكهم الأموال والشركات العالمية ونفوذهم هذا وسيطرتهم على العالم في نظره ونظر غيره للأسف يجعل منهم أسيادًا للعالم وأنهم القوة المهيمنة عليه فتبسمتُ من حديثه هذا وقلتُ له من القوي والمهيمن ؟ قال : الله جل جلاله قلتُ له ومن الذي يؤتي المُلك من يشاء وينزعُ المُلك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء وبيده الخير وهو على كل شىء قدير قال: هو الله قلتُ له انتهى الحديث والنقاش.
وأمثال هذا المُحب كثر وما الذي أوصله لهذا الفكر، إنها عبارات اليأس والتثبيط التي يسمعها من هنا وهناك، فدعوته لعدم الغلو في الجدال ونبذ التثبيط وقد كتبتُ في ذلك مقالًا أسميته لا للغلو في الجدال ولا للتثبيط،ولم يمض على كلامي هذا فترة طويلة حتى يكشف الله تبارك وتعالى هذه القوة التي لا تقهر كما يسمونها والفئة التي لا تغلب والتي تسيطر وتهيمن على العالم وتساندها القوى العظمى كما تسمى والأنظمة المتصهينة المنبطحة من العربِ وغيرهم
من أهل الشقاق والنفاق، لينصر الله الأحبة في غزة وهم قلة على الفئة الباغية وقد ذهبت قوتهم وسيطرتهم وهيمنتهم أدراج الرياح وعجزت عن تصديها لصواريخ المقاومة الباسلة وما النصرُ إلا من عند الله العزيز الحكيم، تحية مني إلى أهل غزة الأبطال وكل من ساندهم من الشرفاء من كل مكان.
فأين ذهبت القوة المهيمنة؟ وأين أنصارها وأحزابها؟ إنه الإيمان بالله والتوكل عليه وحسن الظن به فما ظنكم برب العالمين، فيا من استحوذ على قلبك اليأس لا تطلق عبارات التثبيط وأحسن الظن بالله، واستمع لمن يسدي إليك النصح ولا تقابل نصحه بالسخرية والاستهزاء والبس ثوب التفاؤل واخلع أثواب اليأس والتثبيط، فهو لم ينصحك إلا من محبة ولم يسع لفرض رأيه عليك لينتصر بقوله عليك،وإنما أراد لك الخير كما أراده لنفسه كُن متفائلًا وكفى بربك ناصرًا ومُعينا.