التقني
مهرجان العلوم الثاني تحفيز للابتكار ومواكبة الثورة الصناعية الرابعة
منبر يشع ألقا وتألقا بشباب عمان الواعدين، وجوه مستبشرة بمستقبل باهر، لتولي زمام الأمور ودفع عجلة التطور إلى الأمام، تحت شعار (الثورة الصناعية الرابعة.. تقنيات بلاحدود) جمع مهرجان العلوم في نسخته الثانية 2019 طلبة المدارس، والكليات والجامعات، والتربويين، والأكاديميين والباحثين، وأولياء الأمور، بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية، ومؤسسات المجتمع المدني، ومؤسسات القطاع الخاص المعنية بمجالات العلوم المختلفة، من 4 إلى 8 نوفمبر الماضي.
استطلاع: أنوار البلوشية
انقسم المهرجان إلى 20 ركنا من الأركان التفاعلية المعنية بمختلف مجالات العلوم، وشهد مشاركة أكثر من (1200) مشارك، يمثلون (60) مؤسسة من القطاعات الحكومية والعسكرية ومؤسسات القطاع الخاص، إلى جانب مشاركة أكثر من (200) متطوع في تنظيم وإقامة الفعالية، بالإضافة إلى مشاركات واسعة من منظمات عالمية مختلفة، وقد استضاف المهرجان متحدثين عالميين للحديث عن العلوم في مجالات مختلفة، وأقيمت أكثر من 300 فعالية، تضمنت مسابقات رائدة في البرمجة والروبوت ومسابقات الهاكاثون، والطائرات بدون طيار، وعروضا علمية بالإضافة إلى السينما العلمية وأيضا شهد الحدث الكثير من الفعاليات وحلقات العمل التفاعلية. تجولت التكوين في أرجاء المعرض ورصدت الوجوه الشابة المشاركة والمتفاعلة في الحدث.. لقاءات سريعة وومضات خفيفة في السطور الآتية.
هدف مهرجان عمان للعلوم لهذا العام التعريف ببرنامج التنمية المعرفية في مواد العلوم والرياضيات، ومفاهيم الجغرافيا البيئية، الذي يعد برنامجا وطنيا أسس بتوجيهات سامية، يسهم في رفع مستوى التحصيل الدراسي للطلبة، ويشجعهم على البحث والاستقصاء والتفكير العلمي المنظم، وتنمية ملكات الابتكار لديهم، وتطبيق المعرفة التي يكتسبونها في حياتهم اليومية، من خلال اختبارات ومسابقات ومشاريع في مواد العلوم والرياضيات والجغرافيا البيئية، إلى جانب إيصال العلوم بوسائل سهلة وطرق محفزة للتفكير الإبداعي، وإيجاد اتجاه إيجابي نحو العلوم والابتكار والبحث العلمي، وتشجيع الطلبة على إدراك أهمية العلوم في الحياة، ومواكبة التوجهات العالمية القائمة على نشر العلوم والتكنولوجيا، والتغيرات والتطورات المستقبلية المتوقعة من الثورة الصناعية الرابعة.
طاقة مستدامة
بداية قابلنا مجان بنت خميس الريامية، طالبة من كلية العلوم التقنية، حيث تحدثت عن مشاركتها في المهرجان وقالت: وجودي في هذا الحدث لأمثل الكلية التقنية العليا بنزوى، بعرض مشروع «نقل الطاقة الكهربائية بدون أسلاك»، حيث تكمن الفكرة بمجملها في تجارب تتيح لنا نقل الطاقة الكهربائية في المستقبل بدون أسلاك، وتستند الفكرة أيضا على الحلم الذي كان يسيطر على تفكير العالم «تيسلا» في عام 1891م، حيث ابتكر دائرة كهربائية بسيطة لتحقيق هذه الفكرة على أرض الواقع، وباختصار فإن الفكرة تتمحور حول إيجاد مصدر مركزي للطاقة، يولد موجات كهربائية بإمكانها تغذية الأجهزة والأدوات التي تكون في نطاق تردد هذه الموجات الكهربائية، فتعمل بدون توصيلها بأي مصدر للطاقة يتطلب الأسلاك. تجربة المشاركة في هذا الحدث أضافت لي الكثير، هي فرصة لتطوير مهاراتي في التخاطب والحديث والعرض، وأيضا استفدت من خلال الاطلاع على الابتكارات العلمية المختلفة المشاركة في المعرض.
التقنية النووية السلمية
متعة الاستطلاع والتعرف على كل ما هو جديد، والشغف الذي ينتاب الجيل الجديد الباحث والمحب للتكنولوجيا الحديثة، دفعهم للتجمهر حول الأستاذ حمود بن سالم الشيباني، معلم فيزياء، وعضو في الفريق الوطني لتدريس العلوم النووية بوزارة التربية والتعليم، في ركن «التقنية النووية السلمية»، حيث استوقفنا المعمل ليشرح لنا عن ماهية وهدف هذا الركن، ذكر قائلا: نحن هنا في ركن الطاقة النووية السلمية نشرح للزوار التطبيقات السلمية للطاقة النووية، لأن المفهوم الشائع لدى الناس عن العلوم النووية مقصور فقط على القنابل النووية والمفاعلات النووية المستخدمة لأغراض الحرب والشر. نحن متواجدون هنا لتوضيح الجانب السلمي للعلوم النووية، أكثر من ٩٠٪ للاستخدامات في الطاقة النووية هي سلمية، قدمنا صورة واضحة للناس عن هذه العلوم وتطبيقاتها في الحياة اليومية، وذلك بتقديم المعلومات عن بداية تكون هذا العلم عن طريق عرض صورة كل عالم أسهم في هذا المجال ومن خلال السماعة يمكن سماع معلومات عن العالم والأشياء التي أضافها لهذا العلم، مثل العالم بيكرل وفيرمي وراذرفورد وماري كوري. وأيضا قمنا بعمل تجربة الغرفة السحابية التي نوضح من خلالها المسارات التي يمر بها الاشعاع، وتوجد مفاتيح ثلاثة ضرورية للتقليل من التعرض للاشعاع وهي: الوقت والمسافة والحاجز أو الواقي الذي يحمي من الإشعاع، فهي عوامل مهمة جدا لأي شخص يتعامل مع الإشعاع، إضافة إلى مفهوم المحاولة في التقليل من التعرض للأشعة بقدر الإمكان، حتى وإن اضطررنا للتعرض لها. وأيضا نشرح البرامج التي تحسب كمية الاشعاع الذي يتعرض لها الإنسان خلال حياته اليومية وفي مدة زمنية محددة فعلى سبيل المثال يتعرض الإنسان للإشعاع خلال السفر والتعامل مع الأسمدة الكيماوية وأدوات البناء والأجهزة المختلفة، ويوجد الكثير من الأطعمة كالخضار والفواكه وغيرها تحوي قدراً بسيطاً جدا من المادة المشعة، حيث يجمع البرنامج هذه المعلومات ويقيمها والناتج النهائي يظهر أن ما تم تجميعه من إشعاعات تعرض لها الإنسان خلال سنة هو أقل بكثير من الحد الخطير.
وأضاف الشيباني قائلا: ركزنا من خلال المعرض على طلبة المدارس والكليات والناس بشكل عام، نحاول تصحيح المفهوم الخاطئ حول العلوم النووية، ونوضح الجانب الإيجابي من هذه العلوم وتعريف الناس بوجودها، وقد ركزنا بشكل أساسي على طلبة المدارس لأنهم هم من يحلوا محل الوظائف في المستقبل، فيجب أن يعوا معنى التطبيقات السلمية للطاقة النووية. عمان عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وهي وكالة دولية تقوم بطرح برامج لتدريب معلمي الفيزياء والعلوم الأخرى من أجل الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من الطلاب وأفراد المجتمع وتصحيح المفاهيم الخاطئة حول هذا العلم الذي يحوي إيجابيات كثيرة أكثر بكثير من السلبيات.
مبرمجو المستقبل
وفي ركن البرمجة قابلنا يمنى بنت أحمد الشرجية، الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة أتومز لاب، التي تحدثت عن تجربتها وسبب تواجدها في المهرجان، وقالت: عندما وصلت مرحلة إعداد مشروع التخرج في فترة دراستي بتخصص هندسة الاتصالات والالكترونيات بالكلية التقنية العليا، واجهت بعض الصعوبات، حيث كانت الفكرة المطروحة مبتكرة وجديدة، فلم نجد خبراء في هذا المجال لأخذ المشورة منهم، وأيضا القطع الالكترونية كانت غالية الثمن، وفي أغلب الأحيان عندما نطلبها عبر مواقع الانترنت كانت تصل إلينا معطوبة، فالأدوات لم تكن متوفرة حتى نستطيع تنفيذ مشروعنا الذي كان عبارة عن جهاز يتحسس وجود الكابيلات خلف الجدران. هذه الصعوبات دفعتني لفتح هذا المشروع الذي أستطيع من خلاله توفير القطع الإلكترونية التي يستخدمها طلاب الهندسة الإلكترونية وتقنية المعلومات لتنفيذ مشاريعهم، وأيضا استقدمت خبراء في هذا المجال لتقديم الاستشارات الهندسية وبأسعار رمزية، ثم قررت امتلاك طابعات ثلاثية الأبعاد لتصنيع هذه القطع، ولله الحمد أنا الآن وكيلة حصرية لماركات عالمية لعدد من الطابعات ثلاثية الأبعاد.
وأضافت الشرجية قائلة: الآن نحن نقدم تصاميم ثلاثية الأبعاد، إضافة إلى الدعم الفني والتدريب، وجودنا في المعرض لتعريف الناس بأهمية ومهام الطباعة ثلاثية الأبعاد، فهي تسرع عملية التصنيع. وكذلك لدينا كتابان قمنا بعرضهما في المعرض، وهما: كتاب تطوير مشاريع الأردوينو، وكتاب ذكاء الأعمال وهما مفيدان جدا للطلاب. عرفنا الناس على الطباعة ثلاثية الأبعاد عن قرب وعرضنا عليهم نماذج متنوعة، وبالإمكان طباعة تصاميم الأبنية وتوجد لدينا دراسة حول إنتاج الأعضاء الصناعية البشرية كذلك، نوفر من خلال هذا المشروع الوقت والجهد وبأسعار مناسبة.
لنحلق في الفضاء
باتت طموحات الشباب عالية تلامس عنان السماء حتى وصلت إلى الفضاء، الطالبة هاجر بنت معاوية الزيدية، من مدرسة فداء للتعليم الأساسي بولاية ضنك، وقفت أمام طاولة مليئة بنماذج لأدوات وأجهزة متعددة، تحت ركن «لنحلق في الفضاء» حدثتنا قائلة: هذا الركن تابع لمشروع «خير أمة» التي تشرف عليه أستاذتان من مدرستي، نحن نهتم بكل العلوم، وتوجد لدينا نماذج نوضح من خلالها هذه العلوم والابتكارات مثل الفضاء والفلك والصحة وغيرها. في قسم الفضاء نعرض الأجهزة المستخدمة في مجال الفضاء مثل التلسكوب الشمسي، والتقويم الخاص بالكواكب وغيرها. لدينا قاعة في المدرسة فيها أركان مقسمة لكل علم من العلوم، وبالإمكان زيارة هذا المكان من قبل الزوار من خارج المدرسة، هذا المشروع بدعم من وزارة التربية والتعليم. المشاركة في هذا الحدث أتاحت لي الفرصة للتعريف بهذا المشروع المفيد الذي يبسط للطلاب طريقة فهم علوم الفضاء والفلك، وأيضا التعرف على معلومات جديدة ومفيدة تتعلق بالفضاء.
نتعلم بشغف
قابلنا الأستاذة عائشة بنت محمد الرحبية، محاضر في مركز فضاء التقنية، حيث ذكرت قائلة: أعمل في مركز فضاء التقنية المختص بتنمية مهارات الطلبة في جانب الابتكار والإبداع والبرمجة، نؤسس الطفل ونعلمه ماهية الروبوت وبرمجة الروبوت، وكيفية صناعة الألعاب الالكترونية، نعلمه الأساسيات في البرمجة من خلال دمج التعليم بالتسلية، بهذه الطريقة نستطيع إيصال الفكرة ويتقبلها الطفل بسرعة، وتبقى في ذهنه لمدى طويل، لأنه تلقى هذه المعلومة بطريقة محببة إليه، وننمي فيه ملكة الخيال والتفكير، وأيضا نعلمه البرمجة بطريقة مبسطة جدا عن طريق الرسم والخط وباستخدام الألوان. تواصل الأطفال مستمر مع المركز حيث نقيم حلقات العمل بشكل دوري في مقرنا بالخوض، وأصبح أولياء الأمور يكافئون أطفالهم بضمهم للمركز. نقيم حلقات قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى مع التنوع الدائم للمحتوى. في البداية نستكشف ميول الطفل وشغفه حتى نتعرف عن قرب عن اهتماماته ومدى تقبله، ومن ثم نسير معه حسب ما يرغب الطفل ويحب. مشاركتنا في المهرجان عبارة عن بيئة مصغرة للمركز، يستطيع الطفل تجربة الألعاب والأدوات وحتى يأخذ أولياء الأمور معلومات سريعة ومختصرة عن فكرة المركز. شهدنا إقبالا كبيرا، وإلتمسنا اهتمام أولياء الأمور حول تثقيف أبنائهم وتعليمهم كل ما هو جديد في عالم الابتكار والتكنولوجيا.
التقنيات العسكرية
وقد استجد لهذا العام ركن «التقنيات العسكرية» بمشاركة واسعة من قبل البحرية السلطانية، والجيش السلطاني العماني، وشرطة عمان السلطانية، وكلية الحرس السلطاني العماني للتقنية، والكلية العسكرية التقنية، وسلاح الجو السلطاني العماني، والهيئة العامة للدفاع المدني والإسعاف. قابلنا عيسى بن يحيى الجهوري، عند ركن كلية الحرس السلطانية العمانية، حيث ذكر قائلا: أنا طالب في مدرسة الحرس السلطاني، أمثل الكلية من خلال عرض الابتكارات، مشاركتنا لهذا العام أننا نقدم عدة ابتكارات وتجارب قام بتطويرها قسم الالكترونيات في الكلية، حيث قام بتطوير الذكاء الاصطناعي إلى مدى معين، بتطوير شاشة ذكية تصور الأشخاص وتكشف عن جميع الأجهزة والأدوات التي يحملها معه مثل الهاتف والأسلحة وغيرها. الطلاب في مدرسة الحرس من الصف الخامس يتم تصنيفهم إلى مجموعات لتطوير لغتهم الإنجليزية، وفي الصف العاشر ننقسم ونختار إما الهندسة الإلكترونية أو الهندسة الميكانيكية.
وأخيراً استفدت من مشاركتي بهذه الفعالية حيث أتيحت لي الفرصة للتدرب على تقديم العروض المرئية عن طريق الشرح والحديث مع الناس ومشاركتهم الآراء والنقاش، وأيضا تطوير مهاراتي في التواصل مع الآخرين.