الثقافي
هل ولد من سيعيش 200 سنة؟
أبوظبي: التكوين
أصدر مشروع “كلمة” للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة بأبوظبي، الترجمة العربية لكتاب “هل ولد من سيعيش 200 سنة؟” لمؤلفته الباحثة الفرنسية فلورانس سولاري، ونقله إلى اللغة العربية الدكتور سالم أخشوم، وراجع ترجمته الدكتور فادي جابر.
يأتي هذا الكتاب التثقيفي الموجّه إلى عامّة الجمهور، استجابة لسؤالين أحدهما أزليّ يتعلّق برغبة الإنسان الفطرية في الإفلات من براثن الموت الذي يلاحقه والارتماء في أحضان الخلود، أو على الأقلّ ربح أكثر ما يمكن من الوقت أو العمر في هذه المعركة المحسومة، والآخر مستقبليّ، بل آنيّ، يتعلّق بتبعات ارتفاع متوسط العمر المتوقّع للبشر وتهرّم السكّان خاصة في القارّة العجوز، أوروبا.
وخلصت الباحثة إلى أن طول العمر قد يردّ إلى اتّباع أسلوب عيش سليم، مثل الامتناع عن التدخين وتناول الكحول وممارسة الرياضة، والالتزام بنظام غذائيّ قليل السعرات الحرارية، دون حدّ سوء التغذية، يقي من الأمراض المقترنة بالشيخوخة كالسكّري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين ويخفض احتمال الإصابة بالسرطان.
وأشارت الكاتبة إلى أنّ التقيّد بسلوك صارم ونظام غذائي متقشّف طيلة الحياة من أجل زيادة غير مضمونة في العمر قد لا تتجاوز بضع سنوات، قد لا يكون أمراً مغرياً، ما دفع الإنسان إلى العودة إلى الحلّ الطبّي بإنتاج جزيئات يحاكي مفعولها السريع مفعول التقشف الغذائي البطيء، وإلى الحلول البيولوجية المتمثلة في زرع البكتيريا المعوية (النبيت الجرثومي). ولكنّ الحلّ الذي يلوح من المستقبل يبدو متمثلاً في الطبّ التجديديّ الواعد بإعادة الشباب إلى الجسم من خلال إعادة إنتاج خلاياه المختصة بواسطة إعادة برمجة الحمض النووي للخلايا الجذعيّة، مما قد يسمح بإنتاج قطع غيار بشرية حسب الطلب، ومن شأن هذا الطبّ أيضا أن يغنينا عن التدخل الجراحي بواسطة عملية نقل الدّم من كائن فتيّ إلى كائن هرم ليقتبس منه شبابه، في عملية كأنها تضفي مصداقية علميّة مّا على رواية دراكولا والمعتقدات القديمة القائلة بفوائد امتصاص الدماء في إطالة العمر.
ولفتت الكاتبة إلى أنّ هذ التطورات الطبية جعلت الإنسان يعانق الخيال العلمي من جديد ليتصوّر مقاربة جديدة للشيخوخة وطول العمر تتجاوز المفهوم التقليدي للإنسان إلى كائن هجين مطوّر سيكون خليطاً من الآلة والإنسان (الإنسان البيوني أو البيوتقني) تستبدل أعضاؤه التالفة بأعضاء مخلّقة مخبريّاً كلما احتاج إلى ذلك. ومن الإنسان البيوني ينتقل الخيال إلى نموذج مستقبلي آخر للبشرية وهو صورة رمزية افتراضية خالدة، وروح خالصة محمّلة على روبوت تخلّصت تماماً من ربقة الجسد الفاني. كما ورأت الكاتبة في هذه المشاريع مجرد انعكاسات لهواجس البقاء التي ما فتئت تؤرق الإنسان، فإنّ شركات تجارية رأت فيها فرصة لتحقيق أرباح من خلال الترويج لفكرة حفظ الأجساد في محلول بارد لعلّ البشرية تتوصل يوماً ما إلى إعادة الروح إليها.