مقالات

فجوة الابداع

حمدة بنت سعيد الشامسية

مثل الكثيرين أجدني أحيانا أعاني من مشكلة التسويف والتأجيل، أمتلك مخزونًا من البرامج والخطط والأفكار التي تنتظر التنفيذ، فأنا أقضي وقتا طويلا في التخطيط على حساب التنفيذ، أمر يسبب لي كثيرًا من الاحباط أحيانا.
قبل فترة أرسل لي أحدهم رابط فيديو على قناة اليوتيوب بعنوان (فجوة الابداع) ساعدتني على فهم المشكلة التي أعاني منها والمتمثلة في هذه الفجوة على ما يبدو، وهي ظاهرة منتشرة بكثرة وفقا للشاب صاحب الفيديو، زادتها وسائل التواصل الاجتماعي عند الكثيرين، يكمن سببها في كون الفجوة بين الحس النقدي والذوق لدى الغالبية أكبر بكثير من مستوى المهارة خاصة بالنسبة للمبتدئين، نتيجة متابعتنا المستمرة لإنتاج المبدعين في شتى المجالات رفعت عندنا الحس النقدي ومستوى الذوق.
البعض منا يقضي جل وقته في متابعة هذه الأعمال عوضا عن ممارستها، لأنه يعتقد بأنه لن يصل لمستوى هذه الأعمال لو شرع في تنفيذ أفكاره وممارسة موهبته، متناسيا أن المبدع الذي يتابعه لم يصل لهذا المستوى إلا من خلال سنوات طويلة من التدريب والممارسة التي صقلت موهبته بهذا الشكل، اتساع هذه الفجوة يصيب البعض بالإحباط ويدعوه للتوقف عن التجربة، حارما البشرية من ابتكارات وابداعات كان من الممكن أن تصنع فارقا في حياة البشر، لكن متابعة هذه الحسابات أو الأعمال أسهل وأكثر متعة لا تتطلب جهدًا مثل التدريب والممارسة ولهذا من السهل أن نجدها تستحوذ على اهتمامنا بهذا الشكل.
وكما أن اتساع فجوة الابداع هذه تحد من الابداع نفسه فإن تقلص الفجوة قد يصيب المبدع بالغرور ويجعله حبيس منطقة الراحة لأنه يعتقد بأنه وصل للقمة، بالتالي -وهذا واحد على ما يبدو من أسباب انحسار نجومية بعض المشاهير، أو انحدار مستوى بعض المبدعين في شتى المجالات-، لأنهم توقفوا عند ما حققوا من نجاح، ولم يستمروا في الاطلاع على أعمال المبدعين في مجالاتهم، وتجربة طرق جديدة وطرق أبواب مختلفة كل مرة، وهو ما يجعل البعض يتخلف عن الركب، في زمن يتطور ويتغير بشكل سريع جدا.
نصيحتي لنفسي ولكل من مازال في مرحلة التخطيط، أن يبدأ بغض النظر عن تقييمه لنفسه، ذلك أننا غالبا ما يصعب علينا تقييم ذواتنا بسبب هذه الفجوة، ولا تسعى للكمال لأنك لن تصل إليه، فالكمال والصورة المثالية التي تتوقعها نتيجة حس الذوق العالي، والذي أنت على يقين بأنه لن يتحقق في عملك، وهو فعلا لن يتحقق من التجربة الأولى، عليك بالممارسة والتمرين، على الدوام وعدم الاكتفاء بمتابعة أعمال الاخرين لأن ذلك كما ذكرنا لن يزيدك إلا إحباطا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق