مقالات
أنا أخاف من الكلب
ماهر الزدجالي
كلنا يتذكر المقولة التي قالها الفنان الكبير عادل إمام في مسرحية (شاهد ما شافش حاجة) عندما وجد نفسه أمام الأسد في حديقة الحيوانات (أنا بخاف من الكلب يطلعلي أسد) وفي اعتقادي أن الناس اليوم يخافون حتى من الفأر وليس من الكلب أو الأسد .
وبصراحة الخوف صناعة عربية بامتياز فالطفل العربي ينشأ ووالداه يرهبانه من الشرطة والكلب والحرامي و(حمارة القايله) والصرصور والضبعه والجن… الخ !
ويكبر الصغير منا وينشأ لديه الخوف من عصا أبيه وأمه والأخ الأكبر وبعض الأعمام والمدرس والمدير وإمام المسجد، وفي كل مرحلة من مراحل عمره يضيف بعض التحديثات الخاصة بالخوف وكأن الخوف تطبيق إلكتروني موجود في عقل كل إنسان عربي وعليه أن يضيف في كل عام مخاوف جديدة إلى جانب المخاوف القديمة…
ولو كان أحد يريد أن يستخدم ويستورد الخوف لكانت الدول العربية من أكبر المصدرين والمنتجين للخوف والممارسات التي تثير الخوف عند الإنسان، وهناك من يتفنن في ابتكار أساليب الخوف والرعب النفسي والمادي والجسدي وهناك خوف (كوكتيل) أيضا من جميع هذه الأنواع .
ولأن الخوف تمكن من تفكيرنا وعقولنا وعظامنا أيضا أصبحنا قبل أن نفكر في قول شيء نفكر مليون مرة ونخاف خمسين مليون مرة، ومن شده خوفنا تصورنا أن (للحيطان ودان) وتصورنا أيضا أن (الخوف نصف الشطاره) وعشقنا الخوف وتغنينا به فتارة نخاف على الحبيب، ونخاف من الزمن ونخاف من اللوم، ونخاف من المستقبل، ولأن الأغاني هي الأمن الاستراتيجي لأمتنا العربية فإننا نملك ترسانه هائلة من الأغاني التي تزرع الخوف في قلوب أعدائنا وتحمي مكتسباتنا الوطنية ونخاف عليها أيضا.
ومن مبدأ الخوف على أبنائها من الانحراف والظلال تقوم الحكومات العربية بالزج بهم في السجون وترشهم بغازات مسيلة للدموع ومواد كيماوية ومن مبدأ الخوف نفسه تمنعهم من التفكير والتحليل ومن مبدأ الخوف عليهم تقوم بعض الحكومات بزرع أربعة جواسيس في كل مجموعة تتكون من خمسة أشخاص.
وفي الماضي كانت تعجبني الأفلام الهندية التي كان فيها البطل شجاعا ولا يخاف من أحد من العصابات والأشرار وكان يزرع فينا الشجاعة الغائبة والمفقودة ولكن مع الأيام تغيرت الأفلام الهندية وأصبح البطل فيها يخاف هو الآخر، وأما أفلامنا ومسلسلاتنا فالقصة والسيناريو محبو كان أساسا على الخوف.
وإذا جاء أحدهم وسألني سؤالًا مباغت حول مخاوفي فإن الإجابة جاهزة عندي وهي أنني بصراحة كمواطن عربي مسلم لا أخاف من أحد أبدا سوى من ربي وأمريكا وترامب والدول الحليفة وكوريا الشمالية ومن القاعدة وداعش ومن الرؤساء العرب (أطال الله في أعمارهم) ومن رؤساء الوزراء (أطال الله أعمارهم أيضا ولكن أقل بقليل من الرؤساء) والوزراء وخاصة وزراء الداخلية ومن ضباط الشرطة والأفراد والتحريات والمخابرات والبلطجية التابعون لهم ورؤساء المؤسسات والمديرين ونواب المديرين ورؤساء الأقسام وبعض الموظفين ممن لديهم كلمة مسموعة عند المدير ولديهم حظوة . وأما الباقي فأنا لا أخاف منهم أبدا …