الفني
نجمة الدراما العمانية أمينة عبد الرسول: العفوية وحب الجمهور وصفة نجاحي
حينما نتحدث عن ممثلة بمكانة أمينة عبدالرسول فإننا نعني تاريخا طويلا من العطاء، وهوية عمانية كتبتها هذه الفنانة عبر أدائها المميز من خلال أدوارها الكثيرة التي ظهرت من خلالها على الشاشة الصغيرة، أو حينما وقفت على خشبة المسرح، فأمينة كانت أمينة على فنها، ومخلصة له، أعطت بلا حدود، وكسبت محبة الناس الذين لن ينسوا تلك اللهجة المحلية بصوت فنانة شكلت نموذجا للمرأة «بنت البلد»..
حوار: شيخة الشحية
عاشت الفنانة أمينة عبدالرسول، وهي من مواليد عام 1960، في ولاية مطرح، وكانت انطلاقتها في فترة مبكرة من العمر، تقول في لقاء مع التكوين إنها كانت تشارك في المسرحيات التي تقام في احتفالات مدرسة أسماء بنت أبي بكر الابتدائية بالمناسبات وغيرها، ثم أحبت التمثيل لتلتحق بالنادي الأهلي مع نخبة من زملاء الهواية.
تمضي الفنانة أمينة في حديثها عن مسيرتها لتضيف: «بعدها التحقت بفرقة مسرحية في حارة كلبوه سنة ١٩٧٤، وأول عمل مسرحي لي كانت مسرحية «أغنية الموت»، للكاتب شكسبير والمخرج محمد سعيد الشنفري، منوهة بدعم أسرتها لها، وتقول: «أسرتي قدمت لي الدعم، وكانت والدتي الداعم الأكبر لي لمواصلة مشواري الفني ومن بعدها دعم زوجي ومساندته لي، بما ساعدني على الاستمرار في المجال الفني».
وصفة النجاح
تتحدث الفنانة القديرة عن وصفة النجاح في مشوارها الفني فتقول: يكمن في «العفوية وحب الجمهور وأدائي للأدوار التي تلامس المجتمع والبيئة العمانية والبساطة في التعامل مع الزملاء وحبي للعمل الذي أقوم به، فالتمثيل بالنسبة لأمينة عبدالرسول ليس مهنة وإنما هواية وشغف وعشق منذ الصغر.
وتروي الفنانة أمينة حكايتها مع مشوارها الفني لتشير إلى أنها وجدت نفسها في الأعمال الإذاعية، والدرامية والكوميدية والتراجيدية، وتضيف: «وظيفتي مخرجة برامج إذاعية، وتخصصت في برامج الأسرة والطفل، وشاركت في إخراج برامج دينية وقضائية تخص الادعاء العام».
مشاركات خليجية
تشير الفنانة أمينة عبدالرسول إلى مشاركاتها الخارجية بالحديث عن حضورها الخليجي، فتقول: «أولها كانت بدولة الإمارات الشقيقة في مسلسل «أحلام السنين» في عام ١٩٩٠ مع الفنان عبدالله مرعي والفنانة سميرة أحمد، وإخراج أحمد الجسمي، كما شاركت في مسرحية «حسون ملايين» في سنه ٢٠٠٨ مع الممثل جابر نغموش، ومسلسل «حنه ورنه» عام ٢٠٠٩ مع مجموعة من الفنانين الإماراتيين منهم رزيقه الطارش وسعيد يتيجه وعلي التميمي، وخليجيا أيضا شاركت في مسلسل «حزاوينا خليجية» بمملكة البحرين من إخراج جمعان الرويعي وتأليف الزميل محمود عبيد الحسني.
أمينة.. والجذام.. ونصيحة والدتها
وعن أهم المواقف التي يتعرض لها الفنان في مسيرته الفنية تشير الفنانة أمينة عبدالرسول إلى أن هناك لحظات تحدث ولا يمكن أن ينساها الفنان، وطبعا في كل عمل هناك مواقف طريفة تحدث، وأشياء تكون عكس ذلك، وتضيف: «شاركت في مسلسل آباء وأبناء، من خلال دور مختلف عن الأدوار التي سبقتها، قمت بدور سلامة، الإنسانة المصابة بالجذام، حيث ترك هذا العمل بصمة كبيرة في نفسي، لأنني قدمته بمعاناة كبيرة، فالإنسان المصاب بالجذام في تلك الفترة يستبعد من المكان، وكان لسلامة ولد صغير تركته عند جارها علي أمانة عنده، وأرهقني العمل كثيرا بسبب المكياج الثقيل، وكانت معي فنانة المكياج مريم موسى، ومخرج العمل الرائع أمين عبداللطيف.
كنت حينما أضع المكياج أحتاج إلى ساعتين ولأنه ثقيل يجب ألا تكون هناك حركة وبدون كلام، وكان الوقت حارا، نصور المشاهد ليلا، ورغم المعاناة، إلا أنني استطعت أن أتغلب على هذه المرحلة كلها بمساعدة من المخرج إلى آخر واحد من الفنانين الموجودين معي، فكان المخرج يحاول قدر المستطاع أن يصور أكثر المشاهد في اليوم الواحد، ورغم معاناتي في هذا الدور إلا أنني أحببته كثيرا وكنت أتمنى أن أقدمه والحمدلله نجحت فيه.
وذكرت الفنانة من الطرائف التي مرت عليها أثناء تصوير مسلسل آباء وأبناء قائلة: «إنني بعد الانتهاء من التصوير كنت أتعب في إزالة المكياج وكنا نصوّر في بستان قريب من منزلي، وفي أحد الأيام قررت العودة إلى المنزل بالمكياج فضربت الجرس وفتحت إحدى بناتي الباب وأغمي عليها من الخوف بسبب المكياج والملامح البارزة التي يسعى المخرج لتكون واضحة وطبيعية» وقالت: «بين فترة وأخرى أتذكر هذا العمل، ومن مساوئه أن والدتي رحمة الله عليها قالت لي حينها لا تقدمي مثل هذه الأدوار فالناس كانوا كثيري التشاؤم من مرض الجذام، مخافة الإصابة به» .
كما ذكرت الفنانة القديرة أن من اللحظات التي لا تنساها مشهد قدمته في مسلسل «وتبقى الأرض» وهو مشهد احتضار الأم حيث طلب فيه المخرج أمين عبد اللطيف أن تكون الابنة مشابهة للأم، فأحضرت ابنتي زهرة وكانت صغيرة في العمر فمثلت دور الموت وأخذت ابنتي تجهش بالبكاء ظنا منها أن الأمر حقيقي فكان من الصعب السيطرة على الموقف.
وأكدت الفنانة أن كل تلك الأعمال فيها من المواقف الجميلة والطريفة والإنسانية، وأنها راضية كل الرضى عما قدمته من أعمال وبأن دور سلامة المريضة بالجذام كان من الأدوار الأحب إلى قلبها ولاقى نجاحا كبيرا.
المسلسل والممثل العماني
تتحدث الفنانة أمينة عبدالرسول عن المسلسلات العمانية بكل حب وفخر، وتؤكد على تواجدها وأثرها الكبير منذ البدايات وحتى اليوم وبأنها كانت وما زالت لها بصمتها المميزة، فلولاها لما وجد الفنان العماني بهذه القوة وبهذا الطلب، وتضيف: «تم إنتاج ثلاثة من الأعمال العمانية خلال العام 2019م، تتنوع في مضامينها وإنتاجها الفني، ومستوى المسلسلات العمانية لدى الجماهير عال ويستمتع بها المشاهد، وأنا شخصيا متفائلة بها وأتمنى للدراما العمانية المزيد من التقدم لأنني ابنة عمان وابنة تلك الدراما التي ولدت وترعرعت بها.
أما عن رأيها في الفنان والممثل العماني وفي مشاركاته الخارجية وأهمية ذلك فقالت: «من الطبيعي أن يشارك الفنان في أعمال خارجية لما في ذلك من أهمية في صقل موهبته وتعليمه في المجال، كما أن هذه المشاركات فيها بحث جديد ومعرفة وهناك فنانون يعملون لصالح القنوات غير المحلية وأكثر من قنواتهم المحلية».
وأضافت: «من الضروري للفنان أن يتنقل بين المحلي والخليجي والعربي ليصل إلى العالمية، ولتكون لديه مساحة معرفية وفنية وجمهور فكل ذلك له من الأثر الكبير في اكتساب الخبرات وتكوين الصداقات والتعرف على طرق جديدة للتعامل مع المخرجين والممثلين وغيرهم».
التسويق للأعمال
واستغلت الفنانة هذا الحوار لتوجه تحية للفنان الكويتي خالد أمين عندما سألناها عن رأي الفنان في الأعمال العمانية والتي قال فيها في حوار خاص له لمجلة التكوين، إن الأعمال العمانية ضعيفة التسويق وأن الفنانين كسالى، فوضحت قائلة: «أوجه تحية طيبة للفنان القدير خالد أمين وأعتقد أن كلامه فيه جزء من الصحة ولكن الفنان عمل في عُمان وعلى آليات إنتاج حديثة، أما بالنسبة للتسويق فهي عملية لها أسبابها وظروفها الفنية والمادية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وهي مسؤولية كبرى تقع على عاتق أصحاب شركات الإنتاج، ولا ننسى أن عُمان كانت تهدي المسلسلات والأعمال إلى القنوات الخليجية فكانت الأكثر عرضا وانتشارا والدليل وصول الممثل العماني للخليج والدول العربية».
أما عن كيفية تسويق أمينة عبدالرسول لأعمالها فقالت هو جزء لا يتجزأ من العمل، والتسويق الحقيقي للعمل هو تسويق حقيقي للفنان وبأن الفضل الأول في التسويق عنها يعود لتلفزيون سلطنة عمان فهو الداعم الأول للفنانين، وأكدت أن مجهود التلفزيون هو الذي ساعد في انتشار أعمالها واختيارها للمشاركات الخارجية.
الجدير بالذكر أن الفنانة انتهت من تصوير مسلسل «من مسرح الجريمة» ومسلسل «مجرد لحظات» ومجموعة من السهرات التلفزيونية والمسلسلات الإذاعية، وتتمنى أن تنال إعجاب الجماهير، كما تتمنى استمرارية الدراما العمانية والمسرح العماني بأنفاس أجمل وإبداع أكثر من السنوات التي مضت.
الغيرة والصداقة بين الفنانين
ترفض الفنانة أمينة عبدالرسول الغيرة التي تتولد بين الفنانين، وترحب بها في مجال التنافس وتقديم الأفضل فقط، وقالت: «إن لكل مجتهد نصيبا، وكل شخص في الدنيا سيأخذ نصيبه وبالكامل، والغيرة لن تقف حاجزا أمام إبداعات الفنانين وفي كثير من الأحيان تمد الفنان بالقوة، وفي حالة انتشار الغيرة فأتمنى أن تكون بمعنى التنافس الشريف، والغيرة في أن نتكاتف لا أن نتحارب».
أما عن صداقتها مع الفنانين فذكرت أن صداقاتها مع الجيل القديم قوية جدا وتفخر بها كإنجاز لها، وأنها دائمة التواصل معهم فالصداقة التي تجمعهم راسخة وتتخللها المشاعر الصادقة والألفة والمحبة الخالية من المصالح، كما تجمع الفنانة صداقات مع الجيل الجديد الذي وصفت البعض منه بالمجتهد والنشيط.
التكريم
من الجميل أن يقدر عمل الفنان وجهده، لذلك تأتي التكريمات شاهدة على ما يقدمه الفنانون من إبداع خلف ذلك الجهد والتعب الكبيرين. وتقول الفنانة أمينة: «من الضروري أن يكرم المرء وهو حي وليس بعد موته، والتكريم أجده مسؤولية كبرى في أن يكون الفنان أكثر حرصا في الاختيار».
يذكر أن الفنانة كرمت في العام 2002 كرائدة من رواد المسرح العماني في مهرجان الفرق الأهلية الثامن لدول الخليج في أبو ظبي، كما حصلت على تكريم كرائدة من رواد المسرح العماني في المهرجان العماني الأول في العام 2004. وحصدت الفنانة جائزة الإبداع الإعلامي كأفضل ممثلة تلفزيونية عام 2005، وجائزة الإبداع الإعلامي كأفضل ممثلة إذاعية عام 2006، وكرمت في مهرجان القاهرة الثاني عشر ضمن لقاء المبدعين العرب عام 2006، وكرمت من قبل مؤسسة هالي للإنتاج الفني يوم افتتاح استوديوهات هالي في نفس العام، ونالت الفنانة وسام حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد للإبداع الثقافي في 2006.
المسرح
على تلك الخشبة العظيمة وقفت الفنانة أمينة عبدالرسول منذ عام 1974، وكانت من النشيطات في المسرح العماني والمسارح الخليجية والعربية وما زالت بذلك الشغف والنشاط. وعن مشاركاتها الجديدة وأعمالها المسرحية قالت الفنانة: «ما زلت أطمح إلى تقديم الأعمال المسرحية، وبما أن أغلب النصوص اليوم شبابية فلم أجد النص الذي يناسب أمينة من كل النواحي، وأتمنى أن أجد يوما وقريبا الشخصية التي كتبت من أجلي حتى أؤديها بحب وشغف كبيرين فحبي للمسرح وعشقي له لا يزال مستمرا». وأضافت الفنانة: «وافقت مبدئيا على عمل عماني مسرحي كوميدي ولكن لم تتضح الرؤية لي للعمل وبعد وأتمنى أن تتضح قريبا».
رأي الفنانة في الأعمال اليوم
سألنا الفنانة القديرة أمينة عبدالرسول عن لجوء الممثلات والممثلين اليوم لعمليات التجميل، وعن رغبة الشباب الجديد اليوم في عالم التمثيل، كما سألناها عن مجازفات بعض الفنانين فقالت: «أرى أن القاعدة التي تقول إن الشخص المناسب في المكان المناسب هي من أفضل القواعد في الحياة، لأن الفنانين اليوم يجازفون بمسيراتهم الفنية، ومن رأيي الشخصي أجد أن تلك المجازفات لا تضيف لهم بل على العكس فالفنان لابد أن يقدم ما يتناسب مع عمره وملامح وجهه وحتى تقاسيم جسده، فالممثلة اليوم لا يصح أن تقدم أدوارا لا تتناسب مع عمرها والمشاهد ذكي وواعٍ ولا يمكن خداعه، إضافة إلى أن الأداء يكون غير مقنع وباهت».
وذكرت الفنانة أنها ضد عمليات التجميل التي يلجأ إليها الفنانون اليوم وأنها وللأسف ترى اليوم الوجوه متشابهة، وقالت: «لا أمانع أن يسعى الشخص للمحافظة على جماله الخارجي ولكن ليس بالطريقة التي تجعله يختلف تماما أو يتشابه مع غيره من الأشخاص وكأنهم بوجه واحد، والله تعالى خلقنا كل بشكله وملامحه مما يعني أننا نتميز عن غيرنا، والكاميرات اليوم يمكنها أن توضح حقيقة الملامح والوجوه».
وعن الجيل الجديد قالت: «هناك الكثير من الشباب والشابات الشغوفين والمحبين للتمثيل، وأقول لهم من يجتهد ويتعب ويثابر في حفر اسمه هو من يبقى على القمة، لأننا وللأسف نجد اليوم البعض منهم يأتي على استعجال ويذهب على استعجال، ولا يقبل البعض منهم الانتقاد أو التعليق على الأداء ويشعرون بأنهم جاهزون ويعرفون كل شيء وهذا خطأ كبير يقع فيه الممثلون الشباب الجدد». وذكرت الجيل القديم من الفنانين بشوق لتلك الذكريات وتلك الشخصيات وبالتعاون الذي جمعهم في تلك الفترة من الزمن وقالت إنه جيل لن يتكرر في تقبله للأمور ورحابة صدرهم وتفهمهم للانتقاد الذي يقود الفنان للأفضل وليس للأسوء. كما قالت الفنانة إن الفنان الحقيقي هو الفنان الذي لا يخاف على المكياج بل الذي يخاف على الأداء ومصداقيته.