مقالات
امرأة.. تحت الوصاية
منى المعولي
اجتاحتني ليلا فكرة الخروج إلى مقهى ما..
احتجت إلى وقت أكبر لأفكر فيه، ووقت أطول:
لأقرر.
لأبرر خروجي، ولأحتذي الحذر، وأنتعل الأعراف..
لأصفّي ذهني للخروج بطريقة تليق بامرأة وحيدة تمشي في ظلال المساء.
ذلك لأنني الخطيئة الراجلة على قدمين.
فأنا لا أملك أن أعبث بدستور الحقوق.
ولدت تحت الوصاية وكذلك سأموت..
فجسدي ليس ملكي وهو مملوك بالفطرة..
من مهد الرعاية الأبوية.. وحتى تابوت المؤسسة التي توثق تملكي الكامل
بعقد الورق و القلم.
عقد يكون فاتحته الاستسلام وختامه مذيل بكلمة «نعم»،
فأنا الجنس
وخطواتي تثير لعاب الغريزة!
أسير في عمق الظلام بتؤدة
أحمل بين ذراعيّ رأسي وهموم امرأة.
عليّ أن أعترف أني خيبة انتظار أبي.
ويأس.. وحيرة أمي.
أنا نزق أخي وغيرته على سمعته.
أرادوني ذكرًا.. وولدت أنثى!
لذلك عليّ أن أستخير عند كل طلعة ليلية، وأن أرتل الصلوات بأبجدية الخشوع.. والاستذكار.
وأطوق رأسي وعنقي بالحجاب.
على ملابسي ألا ترسم خريطة جسدي.
على نحري اللامع كإبريق فضة ألا يشع من تحت الخمار.
أنا تلك القضية المقيدة منذ عشرات السنين ضد مجهول..
وباختصار.. لا مجهولا غيري في سجلات القضية.
عطري المبخوخ على قارعة الطريق رذيلة.
وصوتي وضحكتي في جرم العرف إيحاء.
لمحت قرن النجم يهتز..
دبّ في هاجسي الرعب والقلق.
فماذا يعني لي أن ألتف كحلزون حول نفسي؟!
وماذا يفيد احتساء قهوة المساء في المقهى البعيد وأنا أحمل البيت على ظهري!
أمسكت بالكرة الأرضية بيدي وحملتها مع كتابي على السرير..
رأسي هو سقف العالم.
خشيت أن يتحطم غضب الليل على رأسي
ويدي هي مزلاج الأرض وباب سجني.
فقررت أن أرتشف فنجان القهوة وأعود أدراج السرير والمساء..
فعلى المساء ألا يستبيح عذرية قهوتي.