كلمتين راس
العمرة.. و”فك كربة”
التوق إلى مدينة رسول الله والصلاة في المسجد الحرام مما لا جدال فيه، أو عليه.. أقدّم هذه الجملة تجنبا لتفسير ما سيأتي هنا، حيث إن الإنفاق والصدقة حثّ عليها الخالق عز وجل عشرات المرات في كتابه العزيز، لما فيه خير الأمة، وتحقيقا لعدالة توزيع الثروات، بينما لا نجد ذلك في مسألة الذهاب إلى العمرة، وتكرارها كل عام، لدى البعض، مرات ومرات.
-
وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ
-
وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ
-
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ
-
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ..
منذ السورة الأولى (سورة البقرة) تأتي الآيات القرآنية مشدّدة على ذكر الإنفاق والمنفقين، والكرامات التي يحصلون عليها لما يقدمونه للمحتاجين من خلق الله، ففائدته أشمل من وجوه الخير كلها، بينما الذهاب إلى العمرة فائدته على شخص واحد، و”التصدق” له فوائد شتى، تعود على المنفق بما قد يكون أكثر من أعماله الصالحة الأخرى حيث ربطها الله سبحانه وتعالى بالصلاة “قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً”، كما ربطها بالنجاة في قوله عز من قائل: “وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ”، فكلمة “أصّدق” دالة بما فيه الكفاية على أن الإنسان يتمنى فرصة ليعود “ليصّدق” بما يكفيه للنجاة، ولا أن يفعل شيئا آخر.. كالذهاب إلى العمرة، مثلا، أو الحج، هذه الفريضة الوحيدة التي ربطها الله بأمر الاستطاعة.
وصف الله سبحانه وتعالى الإنفاق بأنه “قرض” له، ووعد من يفعله بمضاعفته، وفي الظروف الحالية فإن هذا الأمر واجب بشدة، ويأتي متقدما على مسألة تكرار العمرات، فما ينفق فيها أولى به عباد الله المحتاجون، وما أكثرهم حولنا، بما يعينهم ليس على لقمة العيش فقط، بل منحهم فرصة تعليم أفضل، وحياة أيسر.. بمساعدتهم في تحمل فواتير الماء والكهرباء ومصاريف العيدين والملابس وغيرها مما يحفظ كرامتهم دون الحاجة للطلب واستجداء الناس، وأشدّد هنا على مشروع “فك كربة” الذي تتبناه جمعية المحامين لما فيه من فوائد جمة على المجتمع:
وأختتم هنا بقوله تعالى:
وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ.