مقالات
رسائل إلى صديقي السري
مروة يعقوب
(٢٠)
صديقي الخاص، السري، والعزيز..
كيف أنت؟
وكيف ترى حالي من مكانك؟
صديقي العزيز..
كيف يتخلص الإنسان من نفسه؟
أتملك إجابة مقنعة ومجدية لسؤالي هذا؟
يمكننا أن نتناقش في هذا الأمر في رسالة أخرى.
صديقي المخلص.. جدا،
يكون الإنسان انتقائيا لكل شيء يتعلق بحياته بشكل مُباشر، يحب أن تتعدد الخيارات لديه فيقلصها وفقا لرغباته.
لذلك -يا صديقي- هناك أشياء حين تبدأ تنتهي عندها أشياء قد سبقتها. تلك الأشياء قد تكون أناسا، وأعلم أنك لن تستطيع تفهم حقيقة التبديل المستمر الذي يمارسه البشر على بعضهم بعضا؛ فأنت خيال ولا يمكنك تصور حقائق مؤسفة كهذه!
صديقي العزيز ..
لا أظنك تعرف الخيبة. وكيف سيدرك أحدهم وقع أمرٍ لم يمر به؟ لا تخف، الحقيقة أني لا أرجو لك إلا الخير، والخيبات خير إن وقعت على شخص ذكي. أتفهم قصدي؟
صديقي السري الرائع ..
لا أعلم كيف مر ثلاثة وعشرون يوما من إبريل التافه هذا! لكنها مرت ويسرني لو يأتي شخص مختل بنظرية زمنية يُقنع بها العالم بإسقاط هذا الشهر من عُمْر العام، ستجدني أكثر سعادة.
أخبرتك عن إبريل في رسائلي السابقة، كم هو مؤرق ومرهق، وكم تتعثر فيه كتاباتي، وكم من وعكة صحية تصيب جسدي بسببه!
صديقي الذي لا أعرف ..
يا من لا تصلك رسائلي ولا تقرأ كلماتي ولا ترد عليّ،
أتعرف أن فكرة وجودك مُنقذة لي من أشياء كثيرة؟
كُن بخير لأصمد بك أكثر..
نفسك
(٢١)
صديقي العزيز .. السري والخاص،
كيف كلانا؟
اليوم يُصادف التاريخ ٢٢، لم أخبرك عن علاقتي بهذا العدد قبلا، كما أن هذه رسالتي ال٢٢ لك.. أتعلم أن هذه مصادفة جميـلة؟
صديقي الذي لا أعرف..
يستطيع الإنسان تخطي الأشياء التي يختار تخطيها، إن التجاوز يبدأ من أنفسنا، لا أعلم كيف أشرحها لك، لكننا -البشر- نتصرف وفقا لنسبة تحكم العقل والعاطفة بنا.. تغلب العاطفة لدى البعض ويغلب العقل لدى آخرين، وقد يختلف أمر الغلبة وفقا للموقف وسماته.. ما لا جدل فيه أن العقل والعاطفة لا يصلان لنقطة تساوٍ أبدا، وإن بدا التقارب شديدا بينهما.
صديقي العزيز..
قلبي لا ينتصر، وكم أحب قوة التحكم التي يملكها عقلي.
القلب يأتي بالخيبة لصاحبه، وكبريائي لا يحتمل حماقات القلب، لذلك يبدو للناس أني شديدة وقوية.
أختار تجاوز الأشياء والأشخاص والمواقف التي تعيق إحساسي بالاستقلال، لا أحب أن يكون أمري بقبضة شخص أو ظرف لا أستطيع التغلب عليه.
قيل لي إن المرأة القوية مصدر طاقة وإلهام للجميع إلا أن الرجل يخاف التورط معها في علاقة شخصية، علاقة حب، فلا يقترب وإن اقترب اكتفى بمسافة محدودة ولوقت قصير ثم يتركها، ليس لسوء فيها بل لأن الرجل لا يحب أن يكون له منافس في التحكم بالعلاقة، فيفضل أن يكون مع اِمرأة أضعف منه، تستند عليه، يشد عليها فلا تستطيع إلا خضوعا له!
إننا نعيش في مجتمع ذكوري ، وإن كنت رجلا يا صديقي ستُسر بالوضع هنا، أما إن كنتِ اِمرأة فستفهمين كلامي بشكل أعمق.
المرأة لا تتجاوز الرجل! هكذا يريد الرجال نساءهم، والنساء اللاتي يشبهنني لا يرضيهن وضع كهذا.
ربما تتبدل بعض الأشياء قريبا.
التوقعات ليست حقيقة حتى تأتي، لذلك ننتظر.
نفسك.
نشر هذا المقال في العدد (33) من مجلة التكوين