الفني

الفنان خالد أمين: لفتني أدب العمانيين وأخلاقهم وعُمان ملاذي في الهدوء والصخب

الطاقة الإيجابية والعمل الدؤوب هدفه، عاشق للحجر القديم وعاشق للمسرح الأكاديمي، اسم لا يمكن سماعه دون الالتفات إليه، قدم للفن التلفزيوني والمسرحي الكثير، شغفه بالفن وحبّه له جعل الحوار متّسما بالصراحة والصدق.. الفنان الكويتي خالد أمين في حوار خاص للتكوين.

حوار: شيخة الشحية

 

علاقته بـ سلطنة عمان
يزور الفنان خالد أمين سلطنة عمان بكثرة، وتتكرّر هذه الزيارات بين الحين والآخر، يقول الفنان: «بدأت علاقتي بـ عُمان عن طريق الطلبة والزملاء العمانيين الذين التقيت بهم في المعهد العالي للفنون في بلدي الكويت، لفتني أسلوبهم وأدبهم وأخلاقهم فهم واجهة الشعب وسفراء عمان في ذلك المكان، أكرموني قبل أن أحلّ بأرضهم وألحّوا عليّ بالزيارة، فكانت الزيارة الأولى سببا في تكرار الزيارات، ولديّ اليوم من الصداقات الكثير مع العمانيين من فنانين ومسرحيين، وأصدقاء من الإذاعة أيضا وغيرهم، ومن خلال زياراتي لـ عمان فأنا دائم التواصل مع الطلبة الذين درستهم في المعهد نجتمع معا لنرى ما حققوه من إنجازات».
ويضيف: «أحببت عُمان بشكل أراه غير طبيعي ومختلف جدا، فهي ملاذي عندما أبحث عن الهدوء والسكينة، وملاذي إن بحثت عن الصخب والضجيج، وأنا شخص محبّ للحجر القديم وكم هي مليئة به، ولدار الأوبرا مكانة خاصة في قلبي من خلال ما يُعرض بها من مسرحيات، كما أنني محبّ للمباني القديمة والأثريّة، أحب كل ما له تاريخٌ وعُمر، وطبيعة عمان وتضاريسها وجمالها له عُمر طويل وعمان اليوم تجمع بين الحداثة والأصالة ما يجعلها ملفتة وفاتنة».
وعن العمانيين ومدى ارتباطهم بالفن قال: «الشعب العماني شعب يحترم الفن ويقدّره، فنتاج أعمالي أجده في وجوههم وتجمعني بهم نقاشات حول الأعمال التي أقدّمها، كما أنهم ما زالوا محبين للفن القديم والجميل».
رأيه في الأعمال العمانية
أثناء الحديث وبين طياته فتحنا الصفحة على الأعمال العمانية وما يتم تقديمه حاليا فقال: «يؤسفني أنني لم أر إلى اليوم عملا عمانيًّا مهمًّا تم تسويقه بشكل جيد للخليج وأجهل السبب في ذلك فما أسمعه من الفنانين هو أن المسؤولين غير مدركين لما يحدث في السوق اليوم، ولكن من وجهة نظري أرى أن السبب الحقيقي يكمن في كسل الفنانين في البحث والغوص من أجل إعطاء الثقة للمسؤول بأنهم جاهزون وقادرون على تقديم الأعمال المهمة والكبيرة التي تضيف للتلفزيون العماني»، وأضاف: «بلد مثل عمان مليء بالتراث والثقافة والقصص التراثية، والشباب العماني قادر، كما أنه يتحدث اللغة البيضاء المفهومة للجميع. والعمل العماني لابد أن يمثل البيئة العمانية البحتة فهي غنية ووافرة فلا يمكن الخروج والاستعانة بقصص غريبة وبعيدة لا تمثل الشعب ولا المكان».
ووضح الفنان خالد أمين من خلال نقاشاته مع الفنانين العمانيين أنهم بحاجة إلى شخص يبادر إلى القنوات الصحيحة فالمسؤولون لا يمكن أن يحملوا نفس الفكر وأن الأعمال لابد أن تتنوع بين الجمهور الخليجي وبين أعمال عمانية بحتة تتضمن اللهجة العمانية الصحيحة، فإذا كان العمل يخاطب فئة معينة فهي صعبة التسويق لأنها غير مفهومة للكثيرين وبالتالي لا يمكن التركيز على جانب واحد من الأعمال فقط أو التركيز على جمهور واحد فقط. وذكر أنه من الضروري أن يكون للتلفزيون العماني حضور راسخ من خلال قنواته، فالتطور الذي نشهده اليوم يهدد التلفزيون الذي يعد المدرسة القديمة كما وصفه فلابد أن نواكب المستقبل وأنه من الضروري أن تكون هناك جلسة للمناقشة وإيجاد حلول فأن نشعل شمعة خيرا من أن نلعن الظلام.
جديد الفنان
عطاء الفنان لا يتوقف، متجدد ومتنوع، انتهى الفنان خالد أمين من تصوير مسلسل (ماذا لو) مع مجموعة من الفنانين الشباب منهم منذر الرياحنه، وروان المهدي، ونور الغندور، وليلى عبدالله، وحسن إبراهيم، وشايع الشايع وهذه عودة جديدة للفنانين حسن وشايع بعد غياب عن الساحة وسيتم تصوير المسلسل بتقنية جديدة خاصة بالمخرج الجديد والشاب حسين دشتي. إضافة إلى مسلسل (إقراج مشروط) ومن المحتمل عرضه في رمضان المقبل 2019 ومسلسل (ملاك الرحمة) الذي يتضمن حوالي 100 ممثل وسيتم تصوير جزء منه في جمهورية مصر العربية. أما في المسرح، فذكر الفنان أنه اجتمع مع الدكتورة آمنة الربيع لعمل فكرة جديدة لنص مسرحي تمنى أن تنتهي ليتم العمل عليها بشكل سريع، وتمنى أن تكون له مشاركة في أعمال عمانية قوية وذات أهمية.
رأيه في الأعمال الخليجية
بين كثرة الأعمال وازدحام القنوات بالمسلسلات سألنا الفنان خالد أمين عن رأيه فيها فقال: «هناك بعض الأعمال التي حققت النجاح والبعض منها فشل، وفشل هذه الأعمال ليس عيبا بل هي بادرة وفرصة للمحاولة من جديد فلا يهم عدد الأعمال التي قدمت وفشلت وإنما العيب أن أتوقف عن تقديم المحاولات والسعي خلف النجاح والاستمرارية، ومن الضروري أن لا نرمي أعباءنا على المسؤولين أو الجهات فنحن شعوب نالت من الدلع ما نالت والعمل الواحد لا يمكن أن ينال الكمال فالكمال لله وحده».
وأضاف: «إن أعمالنا اليوم لابد أن نناقش فيها قضايا مهمة بل ذات أهمية قصوى منها ابتعاد شبابنا عن الفكر والعلم والثقافة ونسيان العادات والتقاليد والمشاكل الاجتماعية الحقيقية كالطلاق الشائع حاليا والمخدرات التي باتت تنخر أجساد شبابنا بسبب الفراغ، ولكننا نبقى جهة إعلامية وليست تربوية بالدرجة الأولى فالترفيه مطلوب أيضا حتى يتقبل الجمهور منا ما نقدم سواء على المستوى الترفيهي أو التربوي والتعليمي».
يشكل المسرح جزءا كبيرا من حياة الفنان خالد أمين فهو الطالب والمعلم، سألناه عن رأيه في ما قاله الفنان الكبير سعد الفرج في حوار مع التكوين حول الوضع الحالي للمسرح الكويتي حين قال إن وضع المسرح لا يسرّ
وضح الفنان خالد أمين قائلا: «من الطبيعي أن يقول الفنان الكبير والعملاق سعد الفرج إن حال المسرح الكويتي اليوم لا يسر لأنه ينتمي لمدرسة ومسرح معين وهو المسرح السياسي، والمسرح القديم بشكل عام غير موجود حاليا، وأنا لا أعارضه في الرأي ولكنني أقول إنه يجب أن نتساءل هل المسرح يعاني بسبب الفنان أم بسبب الجمهور؟ فجمهور اليوم وثقافته ليس هو نفسه جمهور الأمس وثقافته، وأعتقد أن الأهم هو أن نقدم القضايا الهادفة والثقيلة والمهمة بالطريقة التي تسعد الجمهور وتحقق رغبته في الحضور في المرات القادمة فهو من يدفع ثمن التذكرة للحضور وليس نحن».
مضيفا: «طلب مني أن أعمل مقارنة في أحد البرامج التلفزيونية حول العروض التي قدمت سابقا من أعمال الفنان الراحل عبدالحسين عبدالرضا –رحمه الله- والفنان سعد الفرج وعروض لفنانين شباب فوجدت أن الجمهور يضحك في كليهما ومستمتع، لذلك أرى أن كل فترة بجمهورها، وحقيقة الأمر أن الجمهور هو السبب الحقيقي لهذه العروض المقدمة».
وذكر الفنان أن الرقابة ومقص الرقيب حاضران وبقوة في هذه المسألة وأنه لا يسمح اليوم بعرض ومناقشة مواضيع كان الفنان سعد الفرج يتحدث عنها ففكر المجتمع تغيّر وقال الفنان: «كل ما انفتحنا أكثر على العالم وتطورنا نصبح أكثر انغلاقا في عقولنا ولا أخص الكويت فقط وإنما الكثير من الدول بل إن الانفتاح الحقيقي هو أن نستنير بالعلم ونتقبل الرأي الآخر فنحن نعاني كثيرا من تقبل آراء الآخرين».
وعبر الفنان قائلا إن المسرح التجاري اليوم لم يعد موجودا فكل المسرحيات والعروض هادفة ومواضيعها مهمة وأن الجمهور اليوم عاشق للمسرح ويحب أن يكون حاضرا والتقييم الآن يكون على أفضل عرض ومن الذي ما زال متواجدا ومن جد وجد ومن زرع حصد.
وعن رحيل الفنانين قال: «رحيل الفنان الكبير والعملاق عبدالحسين عبدالرضا ترك أثرا كبيرا وحمّلنا مسؤولية ضخمة وفعلا خسرنا مجموعة من الفنانين الذين كانوا أعمدة للفن وكان رحمه الله يتحمل المسؤولية الكاملة ومن قبله الفنان غانم الصالح رحمة الله عليه وفقدهم كبير ونتمنى الله أن يطيل في عمر الفنان سعد الفرج بو بدر ويحفظه ونطمح أن نشاهده في أعمال جديدة».
الجيل الجديد وطاقاته
يرى الفنان خالد أمين أن الشباب الملتزم والمجتهد هم الطاقات المبشرة بالخير سواء للمسرح أو للتلفزيون، فهم يحملون رسالة واضحة وستظل أعمالهم جليلة وباقية. أما الشباب الذي يدخل هذا العالم بغية الحصول على الشهرة فالشهرة قاتلة ومميتة كالسم ويمكن أن يحصل عليها فترة ثم ينطفئ نوره فيتمادى للفت الانتباه بعد ذلك فيقع في مشكلة ابتذال النفس ليحافظ على وجود اسمه لمجرد الذكر وليس كرمز فني حقيقي.
الفن والسياسة
هل يمكن أن يكون للفن دور في الأوضاع السياسية اليوم، أو يكون منبرا للحديث عن القضايا السياسية؟ سألناه فكانت الإجابة: «أنا ضد أن يكون الفن موجها سياسيا أو مكانا لفرض الآراء ولكن يمكن أن أطرح المادة وأترك الرأي للجمهور، أما في القانون العام فلا يوجد موضوع أو مادة تطرح على خشبة المسرح أو التلفزيون أو الإذاعة وتكون خالية من السياسة فكل المسائل لها جذور سياسية»، وأضاف: «لا يمنع أن نتناول هذه القضايا بوجود كتّاب مدركين وأذكياء وواعين لما يحدث، والمسرح برلمان سياسي أسس من أيام الإغريق، وأجد أنه من الأفضل أن نترك الأشياء لأناسها وأصحابها وأن لا نفتي في أمور لا نعلمها أو نفهمها. كما أننا في المسرح لنا قضايانا ولابد أن نتباحث فيها لإيجاد الحلول قبل التدخل في المسائل السياسية وغيرها».
من أجل العطاء
دائما ما يطمح الإنسان إلى تحقيق المزيد، يقول الفنان خالد أمين: «لا أعتقد بأنني سأصل إلى مرحلة أقول فيها إنني حققت طموحاتي، لأنني سأشعر بأنه لابد أن أتوقف وبأنني انتهيت، فهناك من الشخصيات والأدوار التي مازلت لم أمثّلها وأرغب في ذلك، ونظرا لتطور وتقدم المجتمعات والأفكار فالجديد سيكون حاضرا دائما».
وعن طموحه في الدراما والمسرح قال: «أتمنى أن يكون لي مكان قوي ومهم في الدراما ودائما أسعى إلى ذلك وسأكون دؤوبا دائما وأبدا لأحقق هذه المكانة خليجيًّا وعربيًّا، أما في المسرح فأنا عاشق له وللمسرح الأكاديمي بشكل خاص ولكنني أقدم نصيحة للمسرحيين بأن لا يقدموا عروضهم للأكاديميين فقط بل من الضروري أن تكون عروضهم للجماهير أيضا».

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق