الثقافي

الكاتبة شيخة الفجرية: المنتجون يعرفون أسباب توقف الدراما العمانية 

شيخة بنت عبدالله الفجرية، حاصلة على ماجستير في النقد الأدبي، وكاتبة عمانية مميزة تجد في الكتابة الإذاعية والتلفزيونية متعة تحمل أفكارها وآراءها وتقول بأن كلا المجالين يعلمها كيفية التفكير، وبالرغم من قُرب البنية التركيبية لكليهما واختلاف الشكل النصي إلا أنها تعتبرهما من أكثر أنواع الكتابة متعة لها.

حاورتها: شيخة الشحية

الدراما العمانية والخليجية

بدأت الكاتبة شيخة الفجرية الحديث عن الدراما العمانية واصفة إياها بـ (العبارة الواسعة)، فهي المتفرعة بين التلفزيون والإذاعة والمسرح، فتقول: “إن الدراما المسرحية لازالت فاعلة ومستمرة، أما الإذاعية فقد قلَّ إنتاجها، بينما وضع الدراما التلفزيونية فأنا والجميع يسأل عن الأسباب ومن يملك أمر الإنتاج وحده من يملك الإجابة عمّا آلت إليه الدراما التلفزيونية من توقف ووضع مزري لهذا العام؛ وأنني شخصياً أعلم بوجود النصوص الدرامية التي يمكن إنتاجها لو أراد المنتجون”.

وأشارت إلى أن الدراما الخليجية تدور في نفس القوالب متنقلة بين الثروة  والميراث  والإصابة بمرض كالسرطان باعتبار أن هذه القضايا عالمية ونراها في كل دول العالم وأن الاختلاف يكون في طريقة الصياغة الكتابية وطريقة التقديم عبر الرؤية الإخراجية والإنتاجية، فالثروة مثلا تمثل منطق سوسيولوجي في كل المجتمعات، ولكن تناولها في الدراما يختلف من مجتمع إلى آخر، فقد نرى مسلسلات أجنبية أبطالها أثرياء باذخي الثراء بسبب عملهم في العصابات المافيوية أو بيع الأسلحة أو ممارسة الأنشطة الممنوع تناولها دراميًا في الخليج، بينما نرى مسلسلات خليجية أبطالها أثرياء باذخي الثراء بسبب امتلاكهم للشركات  أو بسبب الورث وهكذا.

وتعتبر الكاتبة شيخة الفجرية أن كل دراما تستنطق وتنقل ما يدور حولها في المجتمع الخاص بها، رغم تشابه القصص، ولكن تبقى الدراما الخليجية لا تستطيع الاقتراب من  التابوهات التي تخترقها المسلسلات الأجنبية بسهولة تامة ويكون الخليجيون أول المقبلين عليها مؤكدة أنا هناك سببين لذلك الأول أن الدراما الخليجية  لا تموّل نفسها بل هي ممولة من حكوماتها، والسبب الثاني هو أن الجمهور الخليجي الذي يتابع  التابوهات في الدراما العالمية سيهاجم الدراما الخليجية بشراسة لو حاولت  فعل ذات الشيء.

وتعتقد أن الفنان العماني عندما يعمل مع مخرج مبدع سوف يبدع بدوره سواء كان العمل داخل عُمان أو في أعمال خليجية أخرى وأن عملية الانتقاد الموجهة لهم فهي أمر طبيعي لن يتوقف يوماً، وبأن كل فنان عماني شارك خارج السلطنة بأعمال درامية له الحق شخصياص في التعبير إن كانت تلك الأعمال أضافت لمسيرته أم لا نحن كمشاهدين لا يمكننا الحكم بصورة دقيقة.

التنوع  الكتابي

بين كتابة القصص والمسرحيات والمسلسلات والشعر، تؤكد الكاتبة بأن كل نوع من هذه الأساليب يفتح لها آفاق الإطلاع عبر الغوص في مختلف هذه الأشكال الكتابية لتطوّر من أفكارها بقدر توغلها في البحث والقراءة بشغف والتي تملك اليوم منها قائمة بعناوين كثيرة أنجزت وأخرى في طور العمل والتجهيز متأملة الكاتبة أن يتم نشرها في الدراما التلفزيونية والإذاعية إلى جانب أعمالها في الشعر والمسرح والنقد والقصة القصيرة  والرواية بإذن الله؛ مؤكدة على أنها انتهت من كتابة ثلاث روايات واحدة  منها في طريقها  للنشر.

وعبرت الكاتبة عن تجربة  تحويل الروايات إلى  مسلسلات تلفزيونية فقالت: “كانت هذه التجربة حاضرة في رسالتي للماجستير “النصّ الدرامي الإذاعي والتلفزيوني جنساً أدبياً “، التي حولتها  إلى كتاب فيما بعد، تناولت فيه تاريخ  الدراما العمانية منذ انطلاقتها، ثم عمدت إلى تحويل بعض النصوص إلى مشاهد تلفزيونية، وإذاعية، وعملت على دراسة وتحليل الخطوات التحويلية من وإلى، لأكتشف ما  الذي كسبه النص  وما الذي خسره من هذه العملية التحويلية”.

وأضافت: “وعموماً تجربة تحويل الروايات إلى مسلسلات تعتبر عملية صعبة، لأن النص الأدبي هنا يتحول إلى نص أدبي آخر، كما أن الشرط الدرامي  للمسلسل التلفزيوني لا يتوفر في الرواية، إذ تمتلئ الروايات بالبياض السردي الذي يُعدّ عيبًا كبيرًا في المسلسل التلفزيوني، ومن هنا نقرأ ونسمع عن الخلل في الكثير من المسلسلات التي تأسست على الرواية، بينما في المقابل توجد روايات كثيرة نجحت نجاحًا كبيرًا لأن السيناريست سدَّ منافذ البياض السردي، مما أعاد الالتفات للروايات وارتفاع نسب مبيعاتها، وعلى سبيل المثال شاهدت مؤخراً مسلسل بعنوان (الرحمة) مأخوذ من رواية مهلهلة وضعيفة جدًا لأنها مليئة بالبياض السردي اسمها (لون الغواية) للروائية التركية هاندي ألتايلي، التي اشتهرت وترجمت جميع رواياتها بسبب نجاح هذا المسلسل، وثمة نماذج أخرى عربية وعالمية تسير على نفس الدرب”.

المسلسلات الدرامية بين الثقة والرضى

بعد كتابة 12 عملًا دراميًا، بين مسلسل تلفزيوني وإذاعي وحلقات تلفزيونية درامية منفصلة وتمثيليات رباعية، تشعر الكاتبة بالثقة الكبيرة والرضى فمنذ البداية التي كانت في  يوليو عام 2000 مع أول مسلسلاتها الإذاعية “عائلة في الميزان”، إلى آخر ما تم إنتاجه لها في يناير 2018 المسلسل الإذاعي “لبان  وعود”، تؤكد الكاتبة أن وزارة الإعلام كانت وقتها مهتمة كثيراً بالكاتب الدرامي والذي أقيم على أثره دورة تدريبية لدراسة السيناريو مدة أربعة شهور عام 2007 على يد المخرج المصري محمد القليوبي، و الكاتب المصري الكبير الأستاذ محفوظ عبد الرحمن، ورئيس معهد السينما المصرية الدكتور مدكور ثابت؛ رحمهم الله جميعًا. وتعتبر الكاتبة أن تلك الدورة ساهمت في اكسابها المعرفة الحقيقية في تقنية الكتابة التي لم تكن تعرفها في كتاباتها من قبل.

واختتمت الكاتبة الحوار بقولها: “عُمان كنز حضاري وثقافي وتاريخي لا بد من تخليده دراميًا، فالشواهد الأثرية المادية وتلك المكتوبة في الكتب القديمة، جميعها تدل على أننا بإزاء سرد تاريخي متعدد الثراء يمكن بثّه بأشكال درامية مختلفة، على أن توكل قراءة النصوص لمختصّين، لديهم المعرفة التامة ببُنية النص الدرامي الإذاعي والتلفزيوني، وأن يناقش كاتب النص فيما بعد القراءة عن بُنية وأفكار واتجاهات النص الذي قدمه، ولا يهمل النص لمجرد عدم معرفة قارئ النص عن العادات والتقاليد المختلفة بين المحافظات، فعراقة التاريخ والحضارة والثقافة العمانية هي من أوجدت هذا الثراء وعليه لابد أن يكون الكاتب معنيًّا في مناقشة ما كتب”.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق