الثقافي

عن الحرب أو الخدمة في الجحيم

حسن المطروشي

(1)

السِّلْمُ تأخذُ منها ما رضيتَ به
والحربُ يكفيكَ من أنفاسِها جُرَعُ

العباس بن مرداس

(2)
ليس من سبيل المبالغة أن نقول إن تاريخ الإنسان مكتوب بالدماء ويمر عبر الحروب الطاحنة والصراعات والمعارك. ولك جدلا أن تمسك بأي كتاب للتاريخ على رفوف مكتبتك، ثم تتصفح أي ورقة في الكتاب دون تحديد. النتيجة أنك ستقرأ عن حرب نشبت هنا وغزوة قامت هناك. الدول والممالك لم تقم على السلم، وإنما على الحرب، إذ ينتهي الصراع لصالح المنتصر الذي يرفع علمه على جثة خصمه المهزوم، ثم يقيم مملكته ويبسط هيمنته وسلطانه. قد يكون هذا تبسيطا ساذجا لسيرورة الأحداث والوعي بالتاريخ، ولكنه في نفس الوقت لا يخلو من مقاربة للواقع وملامسة للصواب.
ورغم ما تزخر به الأدبيات الإنسانية والديانات والشرائع من دعوات للخير والتسامح، إلا إنها في الوقت ذاته كرست لمفهوم «الحرب المقدسة» ولم تكرس لـ «السلام المقدس»!
أغلب دول العالم لديها وزارات للجيوش والدفاع، ولكن لا نعلم دولة أنشأت وزارة للسلام. وما تنفقه الدول على التسلح والاستعداد للموت والقتل، أكبر بكثير مما ينفق في كافة وجوه الحياة والنماء والبناء والسلام.
المجد لدولة مثل كوستاريكا التي ألغت الجيش واتجهت لاستغلال مواردها لبرامج التنمية والتطوير المختلفة.
(3)
في السلم يدفن الأبناء آباءهم، وفي الحرب يدفن الآباء أبناءهم.

كونفوشيوس
(4)
الجنرال الأشيب مولع بتقديم نفسه أمام صغار الموظفين كمحارب وبطل وطني عتيد، وقد شارك في حرب ظفار وأبلي فيها بلاء عظيما وحقق انتصارات باهرة. كان يسرد القصص عن قدراته الهائلة في ملاحقة فلول المتمردين «الشيوعيين» والأعداء، وإلقاء الرعب في قلوبهم. تحدث كثيرا عن براعته الهائلة ومهاراته في الرماية والاستحواذ على ميادين القتال كلما كان هو طرفا في المعركة.
كان يروي هذه الأحداث على من يتحلق حوله الموظفون يشيدون ببطولاته ويثنون على قدراته العسكرية الفذة، بالرغم من أنهم يعلمون أن أغلب ما يسرده مجرد هراء لا علاقة له بالواقع.
كان كلما ذكر واقعة أو سرد موقفا أشار إلى سائقه «رسول» قائلا: هل تتذكر هذا يا رسول؟ فيجيب رسول: نعم سيدي!
إلا إنه حين ينتهي من حديثه وينصرف إلى مكتبه يتنصل رسول من شهادته قائلا: أنا أعمل معه منذ خمس سنوات فقط!

(5)
وانتظرناك ثانيةً
تحت نافذةٍ
أَشْرَعَتْها احتشاداتُنا
ذات شمس
على بعد عشرين ألف ظلامٍ
وسبع حروب!
الشاعر محمد حسين هيثم
(6)
الأدب الإسرائيلي مليء بالكتابات التي تمجد الحرب، وتعلي من قيمة الجندي والمحارب الذي يحقق الانتصار لشعبه. وهناك أمثلة كثيرة على أدب الاستنهاض والحرب في الأدب الإسرائيلي. ومن أمثلة ذلك ما تكتبه إحدى الشاعرات وتدعى نعمي شيمر، التي تعد من أكثر الكتاب تطرفا وغلوا في كراهية العرب. في الأبيات التالية تمجد هذه الشاعرة الطيار الإسرائيلي الذي يحلق بطائرته في السماء العربية ويقصف المدينة تلو الأخرى، فتقول: على أجنحة الفضة الفوارس يمتطون الغيوم الأقوياء الطيبون. وتقول أيضا: في منتهى السعادة يتألقون ونحن نحلق معهم من الجولان وحتى البحر الأحمر.
(7)
ربما في الحروب الذرية القادمة
وأنا أبحث عن قلبي
أجدك مختبئة خلف شظايا النجوم
أو عالقة في سحابة من جثث الأشجار
حينها سأقبلك بشفتين من لهب
وبعينين متسعتين أضم رمادك إلى صدري!
الشاعر العراقي يحيى البطاط

(8)
لا يمكن الحديث عن الحرب وأدب الحرب دون التوقف عند تجربة الشاعر الإنجليزي ويلفريد أوين، الذي يعده النقاد والدارسون «شاعر الحرب» بامتياز. لقد كرس ويلفريد أوين مشروعه لمناهضة الحرب وفضح قبحها وصور بشاعتها ومآسيها. وقد شارك في جبهات القتال في الحرب العالمية الأولى، لكي يعيش الحرب ويتمترس في الخنادق ويشم دخان البواريد والغازات ويصغي لصرخات القتلى وأنين الجرحى والمصابين، من أجل أن يكتب الحرب كما عايشها وليس كما سمع عنها.
هذا النزوع لدى الشاعر قاده لأن يكون أحد ضحايا الحرب، حيث قتل في الجبهة الفرنسية بتاريخ 4 نوفمبر 1918م، أي قبل انتهاء الحرب بأسبوع، وكان في الخامسة والعشرين من العمر. وفيما كانت الكنائس في بريطانيا تدق معلنة انتهاء الحرب تلقت أمه نبأ وفاته!
تقول الناقدة الأردنية سمية الحاج أن أوين يعارض بوضوح الشعرَ الذي يُجمّل واقع الحرب بوصفها بطولة ومغامرات رومانسية، ويفضّل على عكس ذلك أن يكون الشعر صادقًا، يعكس الواقع بآلامه وويلاته. لكن أوين يعترف أيضًا بأن هذا الشعر المثقل بالآلام سيُفسد رونق الشعر وجماله. ومع ذلك، لا ينبغي للشاعر الفرار منه، مما يضع الشاعر حينها في مأزق يصفه أوين بحصافة في مسودة مقدمة مجموعته الشعرية: «قصائد الحرب»، فيقول:
أنا غير معنيٍّ بالشعر
موضوعي هو الحرب
وجزع الحرب
مسكينٌ أيها الشعر!

(9)
يقول رمضان لاوند في كتابه (الحرب العالمية الثانية: عرض مصور) أن المراسل الحربي روبرت ليكي نقل نصا مكتوبا على شاهدة أحد قبور الجنود جاء فيه:
«وعندما يعود إلى السماء،
سيقول للقديس بطرس:
إنني جندي جديد في خدمتك يا سيدي،
لقد سبق لي أن خدمت في الجحيم»!

(10)
فاحلم، على الأقل، وأنت في القبر
ولا تحاول تَعَرُّفَ شيء جديد
لأنه كما في السابق
يرقص السادة في القصر،
بعد المعارك المظفرة،
بينما ينظر الوجه الجائع نفسه
من عتمات الشوارع!

بابلو نيرودا ـ النشيد الشامل (ترجمة: صالح علماني)

(11)
يروي تاريخ الحرب العالمية الأولى أن الجنرال الإنكليزي السير هاملتون الذي كان يقود الأسطول البحري الإنكليزي لضرب تركيا كان شاعرا. فكان يتصرف أحيانا على نحو إنساني حضاري، وهو ما لا يتفق مع طبيعة الحرب الوحشية، مما تسبب بهزيمة نكراء لحملته، كبدت بريطانيا العظمى خسارات فادحة!
يقول عمر الديرواي في كتابه (الحرب العالمية الأولى: عرض مصور): والحق أن هاملتون قد أجاد في وضع استراتيجية حركته، ولكنه كان مهذبا وإنسانيا أكثر مما ينبغي لجنرال صناعته الموت. وقد أضعف من مركزه الحربي أنه كان شاعرا فدفعه ذلك، ترفعا، إلى عدم الانقضاض والفتك بخصومه غير الأنداد له، حتى أنه أثناء عملية الإنزال ظل يناور في سفينة حربية قريبة من الشاطئ دون أن ينزل بنفسه.
وكان بوسعه أن يسيطر على كامل الأحداث في الأربع وعشرين ساعة الأولى. أما لما انقضت تلك الساعات، فقد تغير الموقف. فالجنود الذين نزلوا وجدوا أنفسهم قبالة منطقة صخرية يسيطر عليها العدو، وبلغة الحرب كان الجنود النازلون في «أرض مكشوفة» و»في مدى نار العدو .. الكثيفة والمتفرقة».

(12)
غداً تخرج الحرب للنزهة
اتركوا النعومة
والضحك
والرقص
والطفولة
والنساء
والأسرَة
وأكواب الشاي بالحليب
ومقاعد الدرس
وما تبقى من أحلام
متناثرة في الزوايا
إنها لا تحب الشوكولاته
وتبادل القبل في الطرقات
وأمورا كهذه تضر بصحة الحرب
التي ستخرج غدا للنزهة!

عبدالرزاق الربيعي: من قصيدة (غدًا تخرج الحرب للنزهة)

(13)
وقف خطيب أثينا ديموستين، الذي كان يستنهض أهل أثينا ضد (فيليب) ملك مقدونيا، صاحب التطلع والطموح للاستيلاء على كافة بلاد اليونان. وقف مرة مخاطبا قومه فقال: «إن الحروب لا ضابط لها ولا قانون، فهل تريدون الانتظار حتى يأتيكم نبأ الإغارة المفاجئة»؟

(14)
عرف التاريخ العماني ما يمكن أن نطلق عليه أقصر حرب في التاريخ وهي التي دارت بين السيد خالد بن برغش والبريطانيين في زنجبار. إذ إن السيد خالد بن برغش كان يطمح في تولي الحكم في زنجبار، وقد لاحت له السانحة بعد وفاة السلطان حامد بن ثويني الذي لم يكن له أبناء يخلفونه في الحكم. بينما كان البريطانيون يرغبون في تنصيب السيد حمود بن محمد.
في كتابه (مذكرات رجل عماني من زنجبار) يصف سعود بن أحمد البوسعيدي تفاصيل هذه الحرب قائلا: بتاريخ 25 أغسطس 1896م، استولى السيد خالد بن برغش على السلطة، وشكل جيشا من 2,800 رجل. وبتاريخ 26 أغسطس عزز السيد خالد ورجاله حماية القصر، وأرسوا الفرقاطة السلطانية «جلاسكو» في الميناء قبالة القصر. ومن أجل تطويق هذه التحركات، جمع البريطانيون خمس بوارج حربية في الميناء، ثم أنزلوا عدة أفواج من قوات المارينز الملكي فوق الساحل. وفي تمام الساعة 8:00 صباحا بتاريخ 27 أغسطس، صدر إنذار للسيد خالد بمغادرة القصر في غضون ساعة، وإلا فإن الحرب ستبدأ. وفي تمام الساعة 9:02 باشرت البوارج البريطانية بإطلاق النار. وبعد إغراق الفرقاطة «جلاسكو» دكوا القصر بوابل من النيران، مما أرغم السيد خالد على رفع الراية البيضاء. وقد استغرقت الحرب قرابة 45 دقيقة.

(15)
إذا خسرنا الحربَ لا غرابة
لأننا ندخُلها..
بكلِّ ما يملكُ الشرقيُّ من مواهبِ الخطابة
بالعنترياتِ التي ما قتلت ذبابة
لأننا ندخلها..
بمنطقِ الطبلةِ والربابة
نزار قباني

(16)
يعد الصحفي البريطاني روبرت فيسك، من المعارضين للسياسات البريطانية والأمريكية، ويطلق عليها مصطلح (الأنغلو ساكسونيون). كتب روبرت فيسك يومياته كمراسل صحفي للعديد من الحروب الحديثة مثل الحرب الأهلية في لبنان والاجتياح الإسرائيلي للبنان ومذابح صبرا وشاتيلا وغزو العراق وحرب أفغانستان وغيرها. وثق فيسك ذلك كله ببراعة متناهية، في ما يشبه المغامرات، التي كتبها بروح المثقف ووعي الإعلامي المخضرم، ونشرها في سلسلة من ثلاثة مجلدات بعنوان (الحرب الكبرى تحت ذريعة الحضارة) حمل الجزء الأول عنوان (الحرب الخاطفة) فيما حمل الجزء الثاني عنوان (الإبادة) وجاء الجزء الثالث تحت عنوان (إلى البرية).

(17)
ولَوْ أَنَّنَا كُنَّا رِجَالاً وَكُنْتُمُ
نِسَاءً، لَكُنَّا لاَ نَقَرُّ بِذَا الْفِعْلِ
فَمُوتُوا كِرَامًا أَوْ أَمِيتُوا عَدُوَّكُمْ
وَدِبُّوا لِنَارِ الْحَرْبِ بِالْحَطَبِ الْجَزْلِ
وَإِنْ أَنْتُمُ لَمْ تَغْضَبُوا بَعْدَ هَذِهِ
فَكُونُوا نِسَاءً لاَ يُعَبْنَ مِنَ الْكُحْلِ
عفيرة بنت عباد
(18)
يقول الكاتب الأمريكي دايل كارنيجي في كتابه الشهير(دع القلق وابدأ الحياة): «لقد أثبتت الإحصاءات أن القلق هو القاتل رقم (1) في أمريكا. ففي خلال سني الحرب الأخيرة، قتل من أبنائنا نحو ثلث مليون مقاتل. وفي خلال هذه الفترة نفسها قضى داء القلب على مليوني نسمة. ومن هؤلاء الأخيرين مليون نسمة كان مرضهم ناشئا عن القلق وتوتر الأعصاب».
بكل تأكيد أن كارنيجي يتحدث هنا عن أبنائهم، إلا أنه من المؤكد أن ما حدث في هوريشيما وناجازاكي على يد أبنائهم أيضا لهو الأشد هولا في تاريخ الحروب على الإطلاق، ولم يكن ذلك نتيجة القلق، وإنما نتيجة القنبلتين النوويتين اللتين أطلقتهما بلاده على المدينتين اليابانيتين راح ضحيتهما أكثر من ربع مليون شخص أغلبهم من المدنيين أطفالا ونساء وشيوخا لا علاقة لهم بالحرب، ناهيك عن ما خلفته من الدمار والأوبئة والعاهات المزمنة!

(19)
لم أَكُن نائمًا عندما قامتِ الحَربُ..
كانت حِجَارةُ بيتي تَئِنُّ من القَصفِ
واللَّيلُ مُرتَعِشًا
وزُجاجُ النَّوافِذِ تَلهُو شَظَايَاهُ
فَوقَ الأَسِرَّةِ،
كانت عِظَامِيَ ثابتَةً
وجبالُ المدينةِ ثابتةً..
بَيدَ أَنّي حَزينْ!

د. عبد العزيز المقالح

(20)
مازن كرباج .. موسيقي لبناني يعزف على اَلة البوق .. من شرفته شهد القصف الإسرائيلي على بيروت، و كان على مقربة من هطول الجحيم على سقوف المدينة .. فكان أن ابتكر ثنائية مجنونة تمزج بين إيقاع القصف والموسيقى. وحين سئل عما إذا كان لا يعتقد أن في هذا المزج بين الموسيقى والقصف قلة ذوق، قال: إلقاء القنابل على الحافلات والأطفال وهم يفرون من قراهم به قلة ذوق أكثر».

(21)
وَما الحَربُ إِلّا ما عَلِمتُم وَذُقتُمُ
وَما هُوَ عَنها بِالحَديثِ المُرَجَّمِ
مَتى تَبعَثوها تَبعَثوها ذَميمَةً
وَتَضرَى إِذا ضَرَّيتُموها فَتَضرَمِ
تَعرُكُّمُ عَركَ الرَحى بِثِفالِها
وَتَلقَح كِشافاً ثُمَّ تَحمِل فَتُتئِمِ

زهير بن أبي سلمى

(22)
شهد التاريخ الإنساني حروبا شرسة وصراعات طاحنة أريقت فيها أنهار غزيرة من الدماء. إلا أن الحرب العالمية الثانية تظل من بين الحروب الأكثر وحشية في التاريخ والأعمق أثرا في وعي الإنسان الحديث، والأشد تأثيرا على سير الأحداث على الصعيد العالمي.
وقد استلهمت السينما الكثير من قصص هذه الحرب وأنتجت أفلاما كبيرة عن أحداثها بلغت قرابة 80 فيلما أو أكثر. وبطبيعة الحال كل فيلم يعبر عن وجهة نظر الجهة التي تتبناه إنتاجيا، وفق تقسيم المعسكرات والتحالفات التي شقت العالم فيما بعد إلى نصفين، في حرب جديدة أخرى، عرفت بالحرب الباردة، بين المعسكرين المنتصرين في الحرب وهما الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي. وامتدت هذه الحرب خلال الفترة 1947 ـ 1991م، حين انهار الاتحاد السوفييتي، تاركا الساحة العالمية تحت قبعة العام سام، لتمارس فيه أمريكا نشر هيمنتها ورؤاها وثقافتها بل وهمجيتها وبلطجيتها في أحيان كثيرة، تماما مثل يحدث الآن في عهد الرئيس دونالد ترامب.

(23)
من أوهام الحرب العالمية الثانية شيدت أمريكا متحفا للـ(هولوكوست) وهي محارق الأفران النازية التي قيل إن جيوش هيتلر حرقت فيها اليهود بروسيا. هذه المحارق التي حاكمت فرنسا بسببها المفكر الفرنسي المسلم روجيه جارودي، ليس لأنه أنكرها، وإنما فقط بسبب تشكيكه في الأرقام المبالغ فيها من اليهود الذين قيل إنهم أحرقوا.

(24)
يعد كتاب (من الذي دفع للزمار؟ الحرب الباردة الثقافية) لمؤلفته البريطانية فرانسيس ستونر سوندرز، ترجمة: طلعت الشايب، من أهم الكتب التي رصدت ووثقت لدور المخابرات المركزية الأمريكية في عالم الفنون والآداب، خلال حقبة الحرب الباردة.
تقول المؤلفة في مقدمة كتابها: «بينما كانت الحرب الباردة في أوجها، كرست حكومة الولايات المتحدة الأمريكية موارد واسعة من أجل برنامج سري للدعاية في أوروبا الغربية. كان أحد الملامح الأساسية لهذا البرنامج هو الحرص الشديد على أن يبدو كأن لا وجود له. أما الذي يديره فكانت ذراع التجسس السرية لأمريكا، أو وكالة المخابرات الأمريكية CIA. هذه الحملة كانت ركيزتها هي منظمة الحرية الثقافية».
وأشارت الكاتبة إلى أن المنظمة استقطبت العديد من الأسماء اللامعة في فضاء الأدب والشعر والموسيقى والإعلام والسينما والفنون بشكل عام وكانوا يعملون لصالحها، سواء بعلمهم أو دون علمهم.
وفي هذا السياق تقول الكاتبة: وكان من نتيجة ذلك أن تكونت شبكة محكمة من البشر الذين يعملون بالتوازي مع الوكالة للترويج لفكرة مؤداها أن العالم في حاجة إلى سلام أمريكي (American pax) وإلى عصر تنوير جديد، وأن ذلك سوف يسمى بـ»القرن الأمريكي».
ووفقا لما أوردته الكاتبة أن المنظمة أنشأت برنامجا أطلقت عليه (مجلس المجلات الأدبية). وفي منتصف الستينيات وسعت دائرة نشاطها من أوروبا الغربية إلى مناطق أخرى من العالم ذات أهمية استراتيجية مثل أفريقيا والصين والعالم العربي. ومن المجلات العربية التي كانت تتلقى الدعم من هيئات تابعة للاستخبارات الأمريكية مجلتا (شعر) التي أسسها الشاعر اللبناني يوسف الخال بعد عودته من أمريكا، و(حوار) وهي مجلة المنظمة الناطقة بالعربية.

(25)
أَدْخُلُ الحربَ بلا أعداءَ عندي
مؤسفٌ، أَقْتُلُ أنصاري وجُنْدي
أَحْشُدُ الأمواتَ قطْعاناً أمامي
طيلَةَ الليلِ، وأدعو: أينَ جَدِّي
فإذا كان أمامي صُحْتُ: هذا
صُنْعُ أخطائكَ، ماذا ثَّمَّ بَعْدي؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق