الثقافي

الأسير الفلسطيني حسام كناعنة.. صاحب قلم يرسم القضبان بالكلمة

حسن المطروشي: رام الله

حسام كناعنة أخصائي علم نفس، من بلدة عرابة البطوف في الجليل، من مناطق فلسطين المحتلة عام 48، أسير محرر، وسجن لمدة عشر سنوات ونصف، وذلك من بداية عام 2004م، إلى منتصف 2014م، بتهمة “مساعدة العدو في زمن الحرب”، وكما هو معروف أن العدو بالنسبة للصهيوني هو شعب الفلسطيني.

وإضافة إلى كونه متخصص في علم النفس ويحمل شهادة الماجيستير في هذا المجال، فهو أيضا شاعر وأديب، وله في هذا المضمار ديوانان شعريان وعمل سردي في مجال أدب السجون.

التكوين التقت حسام كناعنة في معرض فلسطين الدولي للكتابفي شهر مايو المنصرم، وكان لها معه الحوار التالي.

ـ لك تجربة طويلة في الأسر في سجون الاحتلال. هل لك أن تحدثنا عن جانب منها؟

** اعتقلت خلال أحداث الانتفاضة الثانية عام 2004م، وقضيت معظم فترة الاعتقال في سجن “جلبوع” الواقع في منطقة بيسان، مرج ابن عامر في فلسطين الداخل. كما قضيت فترة قصيرة في سجن “نفحة” الصحراوي في النقب، حتى أفرج عني عام 2014م.

وتجربة الحركة الأسيرة في سجون العدو، طويلة جدا تمتد لأكثر من أربيعن سنة، وهناك حراك نشط وقوي. خلال فترة اعتقالي خضنا إضرابا مفتوحا عن الطعام ثلاث مرات عام 2004م و2011م، و2012م. الإضراب كان إضرابا شاملا لمدة 29 يوما، بهدف إلغاء عقوبات الأسرى، وبالذات الحركة الأسيرة، إلى جانب المطالبة بالسماح لأسرى غزة بأن يزورهم أهلهم وذووهم، حيث كان الاحتلال يمنع عنهم زيارة أهلهم. وقد تحققت هذه المطالب بفضل الله، لكن العدو يستغل دائما أية نقطة ضعف لدى الحركة الأسيرة ليعاود الانقضاض على الإنجازات التي تتحقق ليعيد الكرة من جديد.

ـ وكيف تصف وضع الأسرى الان في السجون الإسرائيلية؟

** وضع الأسرى الآن صعب جدا، وللأسف حالة الانقسام بين الضفة وغزة لها آثار سلبية على الحركة الأسيرة وداخل السجون الإسرائيلية، ولكن هذا لا يثني عزيمة الأسرى، وقد شهدنا مؤخرا تصاعدا لموجة الإضراب عن الطعام للأسرى الإداريين وهم الأسرى الذين يتم اعتقالهم ويودعون في السجون لأشهر ولسنوات دون أن تقدم ضدهم لائحة اتهام، وهناك بالمقابل حملة تضامن مع الأسرى الإداريين على المستويين الفلسطيني والعربي.

ـ بما أنك عشت تجربة السجن كأسير لسنوات، وددنا أن تحدثنا عن هذه التجربة لمعرفة الحياة التي يعيشها الأسير؟

** هنا يمكن أن يكون الحديث على شقين، الشق الأول هو ما يتعلق بإدارة السجون وتعاملها، أما الشق الثاني فيتعلق بالحياة والتعامل بينا نحن كأسرى. التنظيمات الفلسطينية والحركة الأسيرة داخل السجون لها نظام وترتيب خالص بها، حسب اللوائح اللوائح المتفق عليها بين كافة الأسرى وكافة التتنظيمات الفلسطينية. شخصيا قضيت معظم سنوات الأسر في الدراسة، وفي السنوات الأخيرة أنجزت كتابين وهما (مرايا الأسر: قصص وحكايا من الزمن الحبيس)، وهو الذي صدر حديثا، ومجموعة شعرية بعنوان (رحابة المدى: قصائد وأشعار من الزمن الحبيس). كما أنجزت في السنة الأخيرة مجموعة شعرية أخرى بعنوان (أقانيم وقصائد أخرى من الزمن الحبيس)، وهو قيد الإصدار.

ـ كتب الكثير عن أدب السجون عربيا وعالميا، فما الجديد الذيتريد ان تقواه عبر (مرايا الأسر)؟

** الكتاب يحتوي على تجربة عشر سنوات من الأسر كأسير ومتخصص في علم النفس، إذ أنني أحمل الماجيستير في علم النفس، وقبل اعتقالي كنت أمارس مهنتي كاختصاصي علم نفس. لذا كنت أرصد حياة الناس ومشاعرهم وقضاياهم في الأسر. وارتأيت أن أوثق وأعرض تجربتي الشخصية وتضامن الناس الذين رافقوني في الأسر خلال هذه المدة الطويلة.

الكتاب يجسد حديثا داخليا لأسير مع شخصية وهمية من نسج خياله، وقد سماه “صديقي”، ويدور حوار مستمر مع الصديق ومع الذات، إذ أن هناك أشياء يصعب على المرء أن يحكيها هو شخصيا، وبالتالي فإن الصديق المفترض هو الذي يسمح لنفسه ويتجرأ على قولها. وقد كانت رسالتي في هذ الكتاب تتمثل في تعريف أهالي الأسرى كيف يعيش أبناءهم في الأسر. وهناك نظرة تقديس للأسير وقضيته لدى الشارع الفلسطيني، وينظرون إلى الأسير نظرة تقدير عليا. ولكني في هذا الكتاب أردت أن أعرض جوانب أخرى للأسير وحياته من خلال التجربة. بالتأكيد هناك صبر وتحمل وعزيمة وإرادة وصمود يضرب به المثل لدى هؤلاء الأسرى، ولهم أيضا خصوصية وإجلال واحترام، ولكن هناك أيضا نقاط ضعف في حياة مجتمع الأسرى، فالأسير معرض للضعف في لحظات معينة ويكون قويا في لحظات أخرى. وبالتالي نقلت في الكتاب صورا واقعية جدا دون مبالغة أو تضخيم ودون أن أقلل من قيمة الأسير.

ـ الحديث عن الضعف يقودنا إلى استغلال العدو لهذه الحالة، وبالتالي ربما يتعرض الأسير لشيء من المساومة بهدف خدمة الاحتلال والتعاون معه؟

** لم أتطرق إلى هذا الموضوع في هذا الكتاب، ولكن الكثير من كتاب أدب السجون قد تطرقوا له، وهي حالات موجودة، ونعرف الكثير منها، ونطلق عليها حالات “إسقاط”، إذ يتحول الأسير من مناضل إلى عميل، يشتغل لحساب العدو ويقدم له معلومات عن رفاقه وإخوته وزملائه في الأسر، وهؤلاء قد يتم تجنيدهم داخال السجن، والبعض يجند خارج السجن ثم يتم يدخل إلى السجن وقد تم تجنيده مسبقا، وحين يتم اكتشافهم ينقلون إلى أقسام أو عنابر أخرى نسميها نحن “أقسام العار”، ونسمي هؤلاء المجندين “عصافير”، وهي ظاهرة أصبحت معروفة جدا. وهناك الكثير من المعلومات التي توصل إليها العدو تتم من خلال هؤلاء العملاء. وبالطبع أنا لم أتحدث عن هؤلاء في كتابي، وإنما تحدثت عن قصص واقعية من حياة الأسرى الفلسطينيين في السجون، خصوصا من فلسطينيي الداخل، الذين قضى بعضهم أكثر من ثلاثين عاما في السجن، إذ أن أقدم الأسرى هم من الداخل الفلسطيني.

* نشر الحوار في العدد السابع عشر من مجلة التكوين…

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق
إغلاق