السياحي
هل نمضي على خطى التجربة البرازیلیه الفریدة؟
علي الحامدي
تشغل البرازیل مساحات شاسعة من أمریكا الجنوبیة تصل الى 8511965 كم2 .
ولدیها موارد طبیعیة هائلة من أراض زراعیة تصل الى 6 %من مساحتها وثروة مائیة ضخمة تم استغلالها في انشاء محطات الطاقة الكهرومائیة. إضافة الى الواجهة البحریة بطول 7491كم طولي. والذي مكنها من ان تكون مركز استراتیجیا لوجستیا هاما لكل دول أمریكا اللاتینیة وربطها ببقیة دول العالم. ویعتمد اقتصادها على الصناعة كالسیارات والطائرات وغیرها من الصناعات المتنوعة والمتقدمه. وعلى الزراعة ولاسیما إنتاج البن والكاكاو. إضافة الى السیاحة حیث یدخلها كل عام اكثر من خمسة ملایین سائح حسب احصائیات منظمة السیاحه العالمیه (UNWTO (نظرا لتنوع الحیاة الطبیعیة فیها.
نظام الحكم في البرازیل جمهوري فیدرالي ولدیها دستور هو المؤسس لهذا النظام والذي تم اقراره على وقع ثورة عارمة عمت البرازیل في مطلع عام 1985م. وهي مقسمة الى 26 ولایة تجمع فیما یسمى
بالاتحاد البرازیلي المكون من ثلاث كیانات مستقلة سیاسیا وهي: الولایات ومنطقة العاصمة الاتحادیة والبلدیات التي تمثل دوائر الحكومة. وهذا الاتحاد قائم على خمسة مبادئ رئیسیة وهي: السیادة والمواطنة وكرامة البشر والقیم الاجتماعیة والتعددیة السیاسیة.
شهدت البرازیل تقلبات سیاسیة عدیدة منذ إقرار الدستور عام 85م والى ان جاءت لحظة ولادة المعجزة البرازیلیة في مطلع عام 2003م حینما تولى الحكم فیها الحاكم الشعبي (ماسح الأحذیة) لولا دا سیلفا، صانع النهضة البرازیلية والذي خرج من رحم الطبقات الفقیرة لیعید التوزان في المجتمع البرازیلي ویحقق بذلك المعجزة البرازیلیة الفریدة في ظرف ثمان سنوات فقط.
اهم ملامح نجاح التجربة البرازیلیة في مطلع عام 2011 أعلنت البرازیل رسمیا انها تربعت على عرش سادس اقتصاد في العالم في حجم الناتج المحلي الإجمالي وهو المؤشر الحقیقي لنجاح تلك التجربة بقیادة لولا دا سیلفا منذ عام 2003.
وقد كانت البرازیل ابان حكم لولا مدینة لصندوق النقد الدولي ب 93 ملیار دولا وهي على شفیر الإفلاس ابان حكم لولا.
ان من أبرز مؤشرات نجاح التجربة البرازیلیة الفریدة هي:
توفیر فرص عمل ل20 ملیون عاطل
تسدید دین صندوق النقد الدولي بالكامل وهو 93 ملیار دولار
ارتفع الحد الادني من الأجور من 200 دولار الى 510 دولار شهریا
انخفض معدل البطالة من 2.9 %الى 2.6%
ارتفع حجم الصادرات من 3.60 ملیار دولار الى 9.152 ملیار دولار
ارتفع اجمالي الاحتیاطي النقدي من 38 ملیار دولار الى 275 ملیار دولار
سر نجاح التجربة البرازیلیة منذ وصول لولا الى الحكم في عام 2003 شرع في تنفیذ مشروعه الاقتصادي الرائد والذي استطاع ان یحقق تلك النتائج المذهلة.
یتكون المشروع الاقتصادي الذي تبناه لولا من ثمانیة برامج ساهمت وبشكل كبیر في تحقیق تلك المعجزة البرازیلية.
1 . أعلن في بدایة حكمه عن اول برنامج له وهو التقشف وترشید النفقات لسد عجز الموازنة.
فحقق بذلك التوجه تخفیض عجز الموازنة السنویة للحكومة والذي أدى الى ارتفاع التصنیف الائتماني للبرازیل. مما أعاد ثقة المستثمرین بالاقتصاد البرازیلي. فتدفقت خلال الفترة من 2004 الى 2011 أكثر من 200 ملیار دولار وهي مجموع حجم الاستثمارات الاجنبیة في البرازیل.
2 . اتبع برنامجا آخر في السیاسة النقدیة من خلال تخفیض نسبة الفائدة على التسهیلات الائتمانیة لصغار المستثمرین. فخفض نسبة الفائدة من 25.13 %الى 75.8 .%وبذلك زادت الاستثمارات في المشروعات الصغیرة وتوفرت فرص العمل وانخفض معدل التضخم الى حوالي 4 %في عام 2007 نتیجة ارتفاع معدلات الطاقة الإنتاجیة في البلاد.
3 . الاستفادة من الثروات الطبیعیة الهائلة التي تتمتع بها البرازیل واهمها الزراعة وخصوصا في منتجات البن والكاكاو التي تشتهر بها البرازیل وعلیها طلب عالمي كبیر. إضافة الى الاستفادة من الثروات النفطیة والمعدنیة. هذا البرنامج أثمر في سد عجز میزان المدفوعات الذي كان یعاني منه الاقتصاد البرازیلي قبل عام 2003.
4 . برنامج التوسع الصناعي من خلال التركیز على شقین: الصناعات البسیطة في التعدین والصناعات الغذائیة. وفي الصناعات التقنیة المتقدمة كصناعة السیارات والطائرات.
5 . برنامج تفعیل قطاع السیاحة نظرا لما تتمتع به البرازیل من غابات وانهار وحیوانات بریة وهي مصادر جذب للسیاح العالمیین. واضافة الى ذلك تفعیل المهرجانات السیاحیة المتنوعة والتي تشتهر بها البرازیل كرقصات السامبا والتي تجتذب ملایین السیاح حیث تستقطب سنویا اكثر من خمسة ملایین سائح.
6 . برنامج اجتماعي شهیر یعرف باسم (بولسا فامیلیا) وهو برنامج خاص بإعاشة الاسر الفقیرة وذلك لمعالجة مشكلة الفقر بقیمة اجمالیة سنویة تصل الى 30 ملیار دولار . ساهم هذا البرنامج في معالجة الفقر لثلث الشعب البرازیلي وتوفیر 20 ملیون فرصة عمل. وتخطى حوالي 28 ملیون من الشعب البرازیلي خط الفقر. وزاد الالتحاق للتعلیم العالي بنسبة 63.%
7 . برنامج الانضمام الى التكتلات الاقتصادیة العالمیة والمتمثل في منظمة المیروكسور وهي بمثابة سوق مشتركة لدول قارة أمریكا الجنوبیة: البرازیل والأرجنتین وباراجواي وأوروجواي وفنزویلا وبولیفیا. ومجموعة البریكس وتشمل: البرازیل والصین والهند وروسیا وجنوب
افریقیا. وهي تمثل اسرع الاقتصادیات نموا في العالم.
فهل ستلهمنا التجربة البرازیلیة ونحن على وقع الاستعداد لتنفیذ رؤیة عمان 2040م ؟.. اعتقد اننا بقیادة مولانا السلطان هیثم حفظه االله نسیر في ذات الطریق لنحقق المعجزة الاقتصادیة العمانیة في ظرف خمس سنوات قادمة بإذن االله. وبشائر المراسیم السلطانیة والتوجیهات السامیه المتوالیة تدل
على ذلك.
المصادر والمراجع:
1.José Afonso da Silva, Curso de Direito Constitucional Positivo (Malheiros,
2004; ISBN 85-7420-559-1), p. 46.
2. “Geography of Brazil”. The World Factbook. Central Intelligence Agency. 2008.
3. https://youtu.be/WkveFJ0diSc
4. http://www.fao.org/fishery/countrysector/naso_brazil/ar
5 . امل عبد الحمید ومنى عبد القادر، اقتصادات عالمیه، تجربة النمو الاقتصادي في البرازیل- الدروس المستفاده، 2017،
دراسات دوریه، العدد السابع، بنك الاستثمار القومي.