يدخل الكاتب العماني محمد الجدّاوي عالم الحكاية من خلال مجموعة قصصية أولى صدرت عن دار لبان للنشر بعنوان “صانع النهايات” تضمنت عشرين نصا قصصيا، مفعمة بالتقاطات الحياة التي يقترب منها المؤلف بما يشبه توثيق اللحظة.
وتعمد بعض القصص إلى مقاربة الواقع من خلال حكاية رمزية تمتد إلى الأساطير السردية التراثية، مثل النص الأول “حل المشكلة” الذي يتحدث عن ملك يطلب الفقراء إلى قصره لحل مشاكلهم، فتنادى إلى نداء القصر حتى الطيور في أعشاشها، فجاء السرد باللغة المتناسبة مع حدث كهذا، فالفقراء “أحسوا أنهم في حدث من أحداث التاريخ الإنساني التي تخلد أفرادها مثل لحظات الانتصارات العظيمة، وأنهم على مشارف زمان جديد يولد غدا، لا يكون الفقر فيه إلا ذكرى بعيدة من زمان قديم غابر”، فجاء الحل الأخير لتخليص المملكة من الفقر بأوامر نفي الفقراء منها، وهكذا غدت بدون فقر، لولا أنها بدون “نادى بها نذير الفناء”.
وفيما تحمل قصة “صانع النهايات” عنوان المجموعة تتوزع بقية العناوين على صفحات الإصدار لتبدو أليفة للقاريء، متمسكة بحضورها الشعري فتبدو كعناوين قصائد، فهي “لن يعود البحر”، و”الظهور المقوّسة” حيث أن “الأشجار تتنهد” في “الاحتفالات الصغيرة” لتكتب عن “أحداث غير حقيقية من المدرسة”، عن “الانفجار” و”الأخشاب”، ومن “وادي الليل والنهار” يجد في “رسائل من بيوت مهجورة” ما يوثّق سيرة “الرجل الأسود” و”الرجل الصغار” “السعداء” في “العالم الجديد”.
فكرة القصة الأخيرة في المجموعة “العالم الجديد” تتحدث عن عالم مختلف فالزمن يحدده السارد “الساعات الأخيرة التي تسبق فتح بوابة العالم”، وهناك من ينتظرون بتساؤل ماذا هم فاعلون بعد الدخول، فهناك من يتمنى أن يكون شجرة، وآخر عصفورا يغرد فوق الأشجار، ومن يتمنى أن يصبح جبلا، وهكذا تتوالد الأمنيات بين المنتظرين الثمانية، ويسمّيهم بالأشياء.
وفي تجربته السردية يطل الكاتب محمد الجداوي بثقة على عالم القصة القصيرة في عمان، ليضيف إليها اسما جديرا بقراءة التقاطاته الحياتية الجميلة، صانعا منها قطعة أدبية لا تتنازل عن فنيات القصة، لكنها تجد لنفسها مساحة لكتابة متجددة.