إصداراتنا
سرى الصائغي تكتب رسائلها في “بياض بين عتمتين”
في إصدارها الأول المعنون بـ”ببياض بين عتمتين” تختار الكاتبة سرى الصائغية أسلوب الرسائل لتكون بوحها لأب راحل، فيأتي الإهداء محملا بحزن الفقد إذ تقدمه “لكُل روحِ فاقدة، لكُل شخص يشعر أن العالم لا يملكه، لكل شخص ترهق مشاعر الفقد روحه وجسده.. هذا الكتاب يحتويك، ويحوي مشاعرك المؤلمة.. هذا الكتاب يفهمك، ويقترب ممّا لا يفهمه أحد في عمقك.. أنت هنا، وأنا كتبت هذا الكتاب لك.. ومن أجلك”، لتنصح كل هؤلاء بجملة أخيرة في الإهداء: “تابع القراءة، وجَدتَ ملجأك”.
الإصدار يقارب بين أسلوب القصة القصيرة والرسائل الذاتية المبنية على يوميات ما بعد رحيل الأب في حادث مروري، فالوصف مبني على فنية سردية تقدم الحدث، من خلال الزمان والمكان، الطفلة المنتظرة أباها أن يعود، وأن لا يخلف وعده أن لا يتركها وحيدة وحزينة في غيابه، تحاول أن تجد الألوان التي تحبها، فلا يبقى في العلبة إلا لون واحد، هو الأسود، ومن خلال ذلك السواد، في العلبة، وفي حياتها، يظهر ذلك البياض، بياض الكفن، “لا أنام، ولا يأتي، ولا تأتي الألوان، لا شيء إلا البياض الحزين بين عتمتي ليل وموت. صوت مألوف يلوح في مسامعي ليقطع ذكرياتي. اسمه يناديه شخص ما، نعم أعرفه، صوتها الحاني أعرفه، يتهيأ لي قصيدة عذبة. ومناداتها باسمي أجمل مقاطعها”، حيث تبقى الطفلة وأمها شبحين ضائعين في زحمة تملأ البيت، لكن فراغ رحيله لا يمكن ملئه.
تبدأ الحكاية من بوصف الحالة النفسية للطفلة التي وجدت نفسها بدون الأب الذي كان يدخل غرفتها يلاطفها ريثما يأتيها النوم، فيخرج إلى حيث لا عودة، ثم تبدأ فصول الكتاب بسرد ما حدث بعد ذلك، من اليوم الأخير في شهر مارس باعتباره “يوم الحدث” ومرورا بعدة أيام تتشكل من عناوين رئيسية أسفلها تحديد الزمان على وجه التحديد.
تقول في إحدى الرسائل: كم هي من خيبة أمل أني أرسلتُ لك خمسة وعشرين رسالة.. ولم تُجب، كم من المؤسف أن أبكي طوال الليل، ومؤسف أكثر شعوري أن ذلك لا يهُمك ابداً،
وضعتُ لك أعذارا كثيرة، ومنها لربما أنك لا تمتلك أقلاما وأوراقا، ولكن لا شيء مستحيل إن كُنت تنوي الرد علي.
حسناً، دعنا من العتاب، فلا يجدي نفعاً، أتذكر عندما أخبرتُك أنني بدأت بكتابة القصص؟!
قد كتبتُ قصتناً بعنوان (بياض بين عُتمتين) تحكي قصتي مع غيابك، ورحيل ألوان حياتنا برحيلك.. أبي، إن طيف بياضك لا يفارق مخيلتي. يبثُ في نفسي الخوف الشديد، وينزع من روحي كُل شيء مرتبطٌ بك..
يا عزيزي، إنني تعبت.. لم لا تعد؟!”.
في خاتمة الكتاب تضع المؤلفة أمام قارئها طلبا، “آمل أن رسالتي لك قد وصلت، هناك شيء واحد فقط سأطلبه منك، ألا وهو: مقابل كُل رسالة تجد عبارة، قم بجمع كُل العبارات، واقرأها معاً، ستجد أيضاً رسالة أخرى لك.. ما إن تنتهي من قراءتها، سأضع لك صفحة فارغة، اكتب فيها ما شئت لفقيد، فرسائلنا المملوءة بالمشاعر الصادقة تصلهم، ثق بذلك.
يذكر أن الكتاب صادر عن دار لبان للنشر ضمن إصداراتها العشرة لشهر نوفمبر، حيث وضعت خطتها لإصدار عشرة كتب شهريا.