الفني

السعودي محمد آل ناصر: السلطنة بلد الطبيعة وتنوع الحياة البرية

حوار – عامر بن عبدالله الأنصاري

 

هل كان يعلم المصور السعودي محمد حسين آل ناصر يوما أنه سيصبح مبدعا يشار إليه بالبنان في فن التصوير، وخاصة في مجال الحياة البرية؟ هل كان يعلم حينما كان طفلا يشاهد ما يشاهده والده بكل شغف، ذلك العالم الخفي في كثير من تفاصيله سوى التي توثقه عدسات تلك البرامج التلفزيونة من عوالم الحياة البرية وطريقة عيشها وقانون الغاب الذي ينص على أن البقاء للأقوى فقط!

ليس بالضرورة أنه كان يعلم ذلك، إلا أن تلك المشاهدات كونت لديه حب الفضول واكتشاف العالم الخفي من حوله، بل إن ما يشاهده في شاشة التلفاز لم يكن يكفي لإخماد ذلك الجموح الذي في داخله، إلا أن يكون موجودا في قلب الحياة البرية قريبا من تلك الحيوانات، قريبا من طريقة عيشها، قريبا من أطفالها ومن الهدوء والجمال والبشاعة والعنفوان والوحشية. تفاصيل متعددة كان قد شاهدها بعينيه، ووثقتها عدسات كاميراته المتعددة، متحملا طول الانتظار، متعلما الصبر والحلم، محترسا من كل المخاطر، فاهمًا طبيعة تلك الكائنات التي طالما شاهدها في التلفاز صغيرا، اليوم بينها كبيرا.
قدَّم المصور السعودي محمد آل ناصر ذات يوم تجربته في مجال تصوير الحياة البرية، في واحدة من زياراته المتعددة إلى السلطنة، في مقر جمعية التصوير الضوئي، وقد سرد حينها الكثير من المعلومات والمفاهيم المتعلقة بالحياة البرية، ذهبت تلك المعلومات في مهب الريح، بين زحمة الأعمال والحياة وما يشغلنا بها.
محاولة لملمة خيوط ذلك الحديث لا تكفي لمعرفة تفاصيل العديد من الأمور المتعلقة في شغف آل ناصر بالحياة البرية. فكان السبيل إلى معرفة تلك التفاصيل الاستماع إليه ومحاورته للخروج برؤى وأفكار علَّها تروق لمحبي التصوير، ومحبي الحياة البرية:
العشق والمخاطر
ابتدأ الحوار بسؤال المصور محمد آل ناصر عن تخصصه بهذا المجال، ولماذا مجال الحياة البرية دون غيرها، فأجاب بقوله: «بسبب عشقي وشغفي الكبير بمتابعة كل ما يخص عالم الحيوانات، ليس الآن إنما منذ الصغر، وتعلقي بالتحديد بما يخص الحيوانات البرية الأفريقية دون سواها من القارات، وهو ما دفعني للتفكير بالسفر لهذه القارة الجميلة المثيرة، ومشاهدة وتصوير هذه الحيوانات بنفسي».
قفز سؤال آخر، حول المخاطر والتحديات وأبزرها، فلا يخلو ذلك العالم من الخطر، وحول ذلك قال: «المخاطر كثيرة بلا شك، أبرزها، التي تقلق أغلب المسافرين لأفريقيا بالذات، هي الأمراض المنتشرة هناك كالحمى الصفراء والملاريا، ولكن مع الوقاية وأخذ التطعيمات والأدوية اللازمة لا قلق من ذلك، ويجب علينا لتفادي خطورة الحيوانات اتباع تعليمات مسؤولي المحميات والتقيد بالأنظمة لتفادي إزعاج الحيوانات ودفعها لمحاولة مهاجمتك».
بدأ محمد آل ناصر في مجال تصوير الحياة البرية فعليًا عام ٢٠١٠، عندما سافر في أول رحلة سفاري إلى جنوب افريقيا، وبعد تلك السنوات، سألنا المصور عن تعريفه للحيوانات، أو كيف أصبح يراها، فقال: «الحيوانات بتعريفي الشخصي هي تلك المخلوقات الجميلة التي تشاركنا العيش في هذا الكوكب ولها عالمها وحياتها الاجتماعية المعقدة والتي نجهل الكثير والكثير منها..ووجودها سبق وجود الانسان بكثير ولكن وبكل أسف وجود الانسان سبب لها الضرر الكبير وسبب للكثير منها ان تنقرض او تكون معرضة للانقراض».
أفضل البلدان
وحول أفضل البلدان التي يقصدها آل ناصر لاقتناص صور من الحياة البرية، وما إذا كان منها دول عربية أو خليجية، اوضح آل ناصر: «كينيا، وتنزانيا، من أفضل الدول التي أحرص على الذهاب لها بشكل سنوي، للأسف لم أزر بلدا عربيا لغرض تصوير الحياة البرية ولكنها من ضمن خططي المستقبلية وخصوصًا تلك التي تحتضن حدودها حيوانات نادرة».
وتبادر سؤال آخر، فيما إذا كانت هناك رحلات «سفاري» فاشلة بالنسبة لآل ناصر، فأجاب: «رحلات السفاري تعتمد في كثير من الأحيان على عامل الحظ فيما تتم مشاهدته هناك من حيوانات ومن تفاعل لها بعضها قد يكون نادرا، ولكني احرص على الاستمتاع بكل لحظاتي هناك ولذلك لا اعتبر ايًّا من رحلاتي بأنها رحلات فاشلة».
ومن البديهي أن مصورا مثل محمد آل ناصر يملك أرشيفا كبيرا من صور الحياة البرية، ولكنه لا بد أن هناك أقربها إلى قلبه، فسألناه ليرد مجيبا: «الصورة الاقرب إلى قلبي هي صورة لعبور جواميس (النو) نهر (المارا) في كينيا من أول رحلة لي لمحمية (ماساي مارا) سنة ٢٠١٢، الشعور لعيش التجربة وخصوصًا بمشاهدتي لأكبر عبور رأيته في تلك الرحلة بالرغم من سفري الى نفس المحمية سبع مرات بعدها ولكنها تبقى الأميز بينها».
واسترسل محمد آل ناصر بالحديث، قائلا: «من أجمل حسنات وفوائد هواية التصوير هو تعرفي على الكثير من المصورين ومن شباب عمان بالتحديد، وهناك من هو متخصص في تصوير الحياة البرية ومبدع فيها مثل وحيد الفزاري وناصر الكندي وهيثم الشنفري ومحمود البلوشي وجميعهم تشرفت بمرافقتهم في رحلات سفاري سابقة لأفريقيا، لي معارف كثر من اهلنا في عمان،وكم أراهم محظوظين بالسلطنة لوجود تنوع كثير جدًا وجميل فيما يخص الكثير من مواضيع التصوير ومن ضمنها الحياة البرية والمناظر الطبيعية بالتأكيد».
رحلات ومعدات
وسألنا المصور السعودي عن أبرز معدات التصوير، والعدسات، فأجاب: «الحرص على ان تكون كاميرا ذات سرعة غالق عالية وجودة ممتازة في الأجواء ذات الضوء المنخفض، من ناحية العدسات يفضّل ان تكون ذَات بعد بؤري أو (زوم) عالٍ ٢٠٠ فما فوق».
وفيما يتعلق بالماكرو، المعني بتصوير العالم الصغير مثل الحشرات، إلا أن آل ناصر أكد أنه قد كانت له تجارب في هذا المحور من التصوير، إلا أنه لم يستمر فيه بشكل جاد.
لاحظنا أن المصور محمد آل ناصر، ينظم العديد من رحلات السفاري للمصورين المحبين للحياة البرية، فسألناه ما إذا كانت هناك أهداف ربحية أو غيرها من الأهداف، فرد قائلا: «رحلاتي ليس تجارية أبدًا، ولكنه الحرص على التعرف على المصورين المهتمين بهذا النوع من التصوير ومرافقتهم في هذه الرحلات وتسهيل جميع الأمور لهم في البلدان التي نذهب لها، حيث أقوم بتجهيز جميع ما يخص الرحلة من وقت الوصول إلى وقت المغادرة بشكل كامل وبدون أي ربح تجاري».
وتختلف مسابقات التصوير، وتخرج بالعديد من الصور المذهلة، فهل لآل ناصر نصيب من تلك الجوائز؟ حول ذلك اوضح: «لدي العديد من الجوائز لمشاركاتي في صور تختص بالحياة البرية من أهمها فوزي بمجموعة صور (بورتفوليو) لتوثيق هجرة جواميس (النو) في مسابقة سيينا في إيطاليا». جدير بالذكر بأن المصور محمد آل ناصر عضو فاعل في الاتحاد الدولي للتصوير «الفياب» ويحمل لقب EFIAP.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق