على الرغم من الثورة التقنية الواسعة التي قامت بها شركة مايكروسوفت منذ تسعينات القرن الماضي ولا زالت مستمرة الى يومنا هذا وهي تحقق انجازا تلو الاخر، إلا أن المتتبع التاريخي وبنظرة فاحصة لنشأة شركة مايكروسوفت يرى أنها قامت بدور الثعلب الماكر فارتقت وقامت على أفكار وجهود الآخرين معتمدة بذلك على ذكاء مؤسسها بيل جيتس، والذي لا يختلف عليه أحد على ذكاءه البرمجي الفذ، فهو ثعلب ويعرف من أين تؤكل الكتف عبر انتهازه لأي فكرة تطفو على السطح ويراها بذكاءه إن لها الدور المستقبلي لإدارة دفة سوق التقنية[1].
ففي بداية سبعينات القرن الماضي قام جيتس بتحطيم مجاديف عملاق البرمجيات IBM عبر توقيعه عقد شراكة معها من أجل توفير نظام تشغيل لأجهزتها، فقام بتطوير نظام تشغيل DOS تحصّل عليه من أحد مهندسي الكمبيوتر أسمه تيم باترسون مقابل أن يأخذ نسبة من مبيعات هذه الشركة ليكون عقد أبديا مدى الحياة، ومع مرور السنوات أصبحت مايكروسوفت هي اللاعب الحقيقي لسوق البرمجيات لتسحب البساط من الازرق الكبير كما كانت تكنى [ 2] .
وفي منتصف السبعينات كانت شركة أبل تفتخر بنظام تشغيلها الفريد من نوعه ذو الواجهة الرسومية إلا أن عين الثعلب بيل جيتس كانت عليه لما يحتوي هذا النظام على أدوات رسومية تجذب المستخدم فحاول بشتى الطرق الحصول على الكود البرمجي وفك شيفرة النظام حيث كان دائم التردد لشركة أبل من اجل تزويدها ببعض البرمجيات كعقود مبيعات بين الشركتين وكان كثير السؤال للموظفين حول طبيعة هذا النظام وبعد مدة تمكن من الحصول على فكرة النظام فقام ببلورة نظام تشغيل جديد أسمها نظام التشغيل ويندوز والذي كان له الدور في احتكار المستخدمين لاستخدامه رغم المنافسة الشرسة من قبل انظمة التشغيل المختلفة بما فيها نظام التشغيل أبل نفسة [1 , 3 ] .
مع بداية منتصف تسعينات القرن الماضي ظهرت الانترنت وبدأت في الانتشار السريع، وكان لدى شركة Netscape متصفح للأنترنت ذائع الصيت وسيطر على سوق متصفحات الانترنت لفترة من الزمن وكان بيل جيتس في بداية الامر لا تستهويه فكرة الانترنت ويعتبرها نوع من المخاطرة بعدها تنبه للأمر وقام بشراء حصص من هذه الشركة وقام بإنشاء وتطوير متصفح انترنت إكسبلورر حتى أصبح المتصفح هو المسيطر على سوق متصفحات الانترنت من خلال سياسة الاحتكار التي تتبعها شركة مايكروسوفت الامر الذي ألحق الخسارة الكبيرة لمتصفح شركة نتسكيب وحطم مجاديف المتصفح وصولا إلى الإفلاس لتبدأ مسيرة المحاكم مع شركة مايكروسوفت لسنوات طويلة هددت من خلالها شركة مايكروسوفت بعقوبة اغلاق الشركة إن هي استمرت في سياسة الاحتكار [ 6 ].
في عام 1994 تأسست شركة ياهو وكانت أحد اللاعبين الرئيسيين في قطاع الانترنت وظلت ياهو رائدة ومسيطرة على سوق الانترنت واجهت منافسة شرسة من قبل شركة جوجل القادمة بقوة في نفس القطاع، وقد حاولت شركة مايكروسوفت شراء ياهو في أكثر من مناسبة وكل محاولاتها باءت بالفشل إلى ان جاء عام 2009 وقامت ببناء شراكة مع شركة مايكروسوفت من أجل مواجهه خطر جوجل المتنامي بقوة فعرضت مايكروسوفت على ياهو استخدام متصفح البحث الجديد ( بينغBing ) التابع لها في مواقعها مما زاد من متاعبها وخسائرها لتعلن انتهاء مرحلة ياهوو في عام 2017 م[ 4,5 ]
في عام 1996 شهد ميلاد موقع البريد الالكتروني الشهير هوتميل وحصل على نجاح باهر ومنقطع النظير كما حصل على الجوائز مختلفة وبعد عام تقريبا من إطلاقة حصل على أكثر من 12 مليون مستخدم وكان صاحب الموقع مهندس من اقليم بنجالور الهندي اسمه صابير بانيا عمل عليه بعد تخرجه من كلية ستانفورد ولم يمضي عام واحد على اطلاق موقع هوتميل حتى استولت عليه شركة مايكروسوفت في ظاهرها الاستثمار وفي باطنها استلام هوتميل وتطويره وجذب المستخدمين فقامت بشراءه في عام 1997 بمبلغ 400 مليون دولار ومقابل عقد عمل لصابير بانيا لمدة سنة يعمل على تطوير الموقع وبعد انقضاء سنة من العقد تم انهاء عقد صابير بانيا ولم يكن له اخبار في هذا المجال بعد ذلك [ 7] .
وقبل أيام مضت طالعتنا أخبار التقنية عبر المواقع الإلكترونية والمنصات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي بخبر نية شركة مايكروسوفت وقف خدمات متصفحها الشهير إنترنت اكسبلورر Internet explore والاستغناء عنه في أغسطس من عام 2021 لتعمل على متصفحها الجديد مايكروسوفت ايدج Edge Microsoft وهو قائم على تعاون برمجي مع متصفح جوجل كروم التابع لشركة جوجل على الرغم من المنافسة الشرسة بين الشركتين [8 ]، فهل تشهد السنوات القادمة التفافة من مايكروسوفت وتحطيم مجاديف جوجل كروم؟؟ هذا ما تثبته السنوات القادمة .