صدر عن دار لبان للنشر كتاب “رسائل المقبرة الخضراء من غزة” للكاتب الفلسطيني نصر عيد، والذي يعرّف نفسه في غلاف الكتاب الأخير: “لست سوى لاهٍ ببضع حروف لعلّي أتقن حياكة بعض الجمل التي قد تكون بصورة البرّ المطلق لهذا الوطن، أكتب عن الحرب والحياة ولكن كلها في ها الوطن، غزة ثم فلسطين.. هذا انا والسلام”، ويهدي الإصدار “إلى مشرق الشمس ومطلع القمر، إلى العابدة الزاهدة.. أمي وقرة عيني.. لقد دوّنتك للأبد”.
يشير الكاتب خليفة سليمان الزيدي إلى أن هذا الكتاب “هو مبتدأ أعمال الكاتب النثرية، حيث طرق أدب الرسائل باحترافية وأسلوب بديع وبليغ. ذهب في حروفه وكلماته إلى البساطة والوضوح، والكثير من التشويق. أحدث رسائل بلغة تصويرية عذبة وكلمات دفّاقة فريدة. رفد عباراته بالخيال والصور الأدبية الجميلة لتجسيد أفكاره المحتدمة، وهو يسطّر خطاباته من غزة عن المقبرة التي ما زالت خضراء رغم تزاحم أجساد الشهداء في جوفها”.
يكتب المؤلف في مفتتح كتابه عن غزة التي “ليست قبرا واحدا بل مقبرة كاملة، سيبعث أمواتها في يوم شديد الحر وسينهشون وجوه كل من تسبّب بموتهم، سيعيشون للحياة من رماد أحلامهم كما العنقاء”، موضّحا بأن هذه الرسائل “كتبت بعد صقيع حلّ على هذه المدينة وستجليه حرارة الأحلام التي لن تخبو أبدا”.
وتتوالى الرسائل بعد ذلك، نحو ثلاثين رسالة، واحدة هي ما قبل الأولى، “إلى أمّي” لتصل إلى الرسالة التاسعة والعشرين حيث “الأماكن الهادئة هي الأكثر صخبا”، جميعها مرسولة إلى “أنجيليتا” يخبرها الكاتب، كما ذكر الزيدي في مقدمته، عن المدينة المتعبة، وعن شوقه وتعبه، وعن صمته وضجيجه، عن هدوئه وذعره، عن كل الآمال المعلقة بإنجيليتا، فيها دفء الحب وبرودة الصقيع، فدوّن بعضا من رسائله قبيل هطول المطر وعند الخيبة الكبرى وقبل الموت الأخير بدقائق.