لا تكاد تجلس إلى شخص تخبره عن معاناة مالك عقار مع مستأجر إلا ويمكنك العثور على عشرات من القصص القصيرة.. وأغلبها مؤلمة.
أما إذا فتحت جروح معاناة مالكي العقارات مع المستثمرين فيمكنك أن تكتب رواية، وأنت تضع يدك على قلبك خشية مما يحدث في البلاد من حالات نصب واحتيال، تبدأ بالقانون.. ولا تنتهي مع شراهة البعض للتلاعب بالقانون، أو بثغرات يجيدها، لا أقول المستثمرين العرب، بل “المحتالين” العرب.. ويقع ابن البلد ضحية (فيها) فلا يخرج منها إلا بعد أن يصاب بجلطة أو بأزمة قلبية.. لا سمح الله.
أما المستثمر / المحتال، فبكل سهولة، يغادر البلاد، ومعه مئات الآلاف إن لم يكن الملايين.. وكله حسب القانون، والقانون به إجراءات، والإجراءات تمر على محاكم، والمحاكم فاتحة أذرعها للمشتكين، ولكن المشتكى بهم يعرفون المسالك التي تجعلهم يمضون في حلب البقرة (البناية) حتى آخر قطرة حليب ممكنة.. وليس بوسع المتضرر أن يلجأ للقضاء.. إلا إذا امتلك صبر “أيوب”، فيكفيه ما فيه من حسرة وقهر وهو يرى مشروعه يستفيد منه “نصّاب” ذكي!
القضية من جلسة إلى جلسة، ومن محكمة ابتدائية، إلى استئناف، إلى عليا..
المالك يطالب بعقاره، كأضعف الإيمان، والمستثمر (المحتال) يملك كل الخيوط بيده، يتسلم الآلاف شهريا، والقضية كلها.. قيد الإجراءات، والتحاكم.
حتى إذا رأى أن المشهد الأخير يقترب من عنقه يختفي في ظروف غامضة، ويظهر في بلده ثريا، حيث لا يمكن استعادة ما جناه من رزق صاحب العقار.
عشرات القضايا، أو أنها بالمئات، تتردد بين أروقة المحاكم..
سألت أكثر من محامي.. يؤكد أن “الصلح خير”، لأن المالك لن يحصد إلا الريح، وعليه الانتظار سنوات!!
وسألت صاحب شركة عقارات معروفة فقال أن الوضع “صعب” جدا..
والحل؟
أجابني: في هيئة التنظيم العقاري.
هنا سيأمن صاحب العقار على استثماراته.. ولن يدخل المجال إلا المعتمد من هذه الهيئة، وهناك وديعة كبيرة يضعها، يمكن السحب منها لو أضاع حق من حقوق آخرين.
والأهم: أن الاستثمار العقاري في البلد يصبح جاذبا.. فهناك قانون جاد يعالج القضية من جذورها، فلا يضيع حق، فكيف بهذا الحق إن ضاع.. ووراءه كل هذه المطالبات.. كما يحدث في وضعنا المحلي اليوم؟!
متى يأتي هكذا تشريع، بوجود هيئة تنظم سوق العقار، تستطيع أن تموّل نفسها بنفسها؟!