تطل علينا من غياهب الدهور، وجوه الراحلين، وتعصرنا الذكرى شوقًا إليهم فيرتفع الأنين، نقلب الماضي بصفحاته المشرقة، هُنا كانت خطى الغابرين، هُنا سعى الرجال للجهاد وللنصر المبين، هُنا دارت الدوائر وطبعت المفاخر وتركت الآثار لأولئك الأبرار، سلام عليكم بما صبرتم فطوبى للمحسنين.
أكتب هذه الكلمات وفي الصدر غصة لإرث قد غُيّب ولمفاهيم قد بُدلت، ولجهود قد ضيعت، ولركائز قد زحزحت فخرت وهوت ، ومساعٍ قد نسيت فاندثرت وتلاشت، وقد طغت الماسونية البغيضة وأطبقت على العالم الحديث بكل أطرافها وأذنابها وأنصارها من الخونة والمرتدين، وهذا السعي من أنصار الماسونية لم يكن وليد الأمس، بل كان هذا التخطيط منذ عقود طويلة، لتنفيذ الخطط ولحياكة المؤمرات وليس هذا بجديد على أحد، حتى يجد المرء نفسه شيئًا فشيئًا يتجه للعولمة وهو لا يدري، أو مُكرها ورغمًا عنه وهذا هو ما تريده هذه الأنظمة المُعادية للإسلام.
وليت أهل الإسلام قد فطنوا لذلك، وأعدوا العدة للتصدي لمثل هذه الأنظمة التي أصبحت بعد أن كانت مُقادة تمسك اليوم بزمام القيادة والسيادة، ولابد للصحوة من دور وللحق من رجعة وصولة وجولة بإذن الله ، إن ما يحدث اليوم في عالمنا المحيط لظلم قد طال ظلامه، ولابد لشمس الحق أن تسطع، فهناك من الشعوب الكثيرة من غربوا عن أوطانهم وسُلبت أراضيهم، ونهبت خيرات أوطانهم التي حل بها المُرتزقة وكان نصيب سُكان هذه الأوطان القتل والتشريد والتغريب والتعذيب واللجوء إلى الخيام، لم يسلموا من البرد والجوع وقد افترشوا في كثير من البقاع الأرض والتحفوا السماء.
أين حقوق الإنسان التي يتحدثون عنها؟ أم هي بالاسم فقط وقد آلت إلى الحيوانات والكلاب، فعجبًا! لأمة تخشى على سُلالات الحيوانات والكلاب أن تنقرض وتزول وتضحي بالإنسان، وهناك من الأقطار من تعاني الجوع والعطش. وانتشار الفقر والمرض ولا يلتفت إليهم أحد إلا ما رحم ربي، مغالطات تحدث في هذا العالم الذي هو في الأصل قرىً مترابطةً تكون بعضها البعض، شعوبًا تبدد أموالها في التفاهات والحروب وشعوبًا أخرى تموت من الجوع والبرد ومن القتل والتشريد، أين الرحمة والشفقة؟ وأين العدل والإنصاف؟ أين الذي إن حل ظلمٌ في أقصى البقاع هب للنصرة ورفع الظلم؟ أين الذي إن سمع عن فقر أو جوع في أحد البيوت؟ هب بنفسه ليحمل المؤن على ظهره، رحم الله أنصار الحق وقيض لنا من كمثلهم يقومون بشؤون الخلق، وسيحدث الله بعد ذلك أمرًا، علينا أن نُسلم الأمر لله وحده وأن ما يحدث في العالم تحت قدرته وهيمنته وحكمته في التدبير بالغة، وسيجعل الله من بعدِ العسر يُسرا.