الفني

عدنان البلوشي: التلوين فنّ يعتمد على الإحساس والرؤية

يحمل عدسته ويتجول في الأماكن ويزور المواقع المختلفة .. القريبة والنائية. مدفوا بشغف الاكتشاف ولذة المعرفة. يرصد حياة الناس، وينبش في ذاكرة الأيام بحثاعن صورة عتيقة لها وقع خاص على القلب، فيعيد تلوينها ويخرجها من جديد بلمسة مغايرة، يستنطق تفاصيلها ويتأمل في ملامحها بعين الفنان المبدع الذي يجعل من القديم جديدا نابضا بالجمال والإحساس.

إنه المصور عدنان البلوشي، أحد الشباب الذين قرروا الخوض في مغامرات الإبداع في مجال التصوير الضوئي. تحاوره التكوين في هذا العدد، حيث يتحدث عن عشقه للصورة وحبه للبحث عن المغاير في حياة الناس وأساليب عيشهم، ليوثق ذلك في أعمال تحكي قصة الإنسان والمكان.
معايشة اللحظة
في البدء يقول عدنان البلوشي: لدي شغف كبير بتجميع الصور القديمة النادرة منذ زمن بعيد، سواء الصور التي أحصل عليها من الإنترنت أو من المصورين القدامى أنفسهم. ولأني أتأمل هذه الصور كثيرة وأحب التدقيق في تفاصيلها فقد تمنيت أن أراها وهي ملونة، حتى أتمكن أن أعيش لحظاتها بشكل أكثر قربا ودقة. ونظرا لكوني مصورا فوتوغرافيا ولدي قدرة في التعامل مع برامج معالجة الصور كاللايترووم (وهو البرنامج الذي أستخدمه)، قمت بتجربة تلوين أول صورة عن طريق هذا البرنامج، وكانت النتيجة قوية جدا ومشجعة، لذلك قمت بنشرها ولمست التفاعل الكبير جدا مع الفكرة. وهكذا واصلت فكرة التلوين لهذه الصور القديمة.
وعن الوسائل والأدوات والبرامج التي يستخدمها يقول عدنان البلوشي: أستخدم برنامج اللايت رووم وأقوم بتلوين الصورة عنصرًا فعنصر بدقة وعناية فائقة، وكأني أستخدم فرشاة التلوين، وأختار الألوان الصحيحة للعنصر أو القريبة جدا من اللون الطبيعي (مثلا لون العمامة السعيدية التي في صورة السلطان سعيد بن تيمور، فقد كان يتوجب علي أن أعرف ألوان العمامة بالتفصيل ومن ثم أقوم باستخدام نفس الألوان الحقيقية) وهكذا بالنسبة لجميع العناصر حتى أتمكن من الحصول على نتائج دقيقه وشبه واقعية .
ويضيف عدنان البلوشي موضحا: ولأني استخدم هذه الطريقة الدقيقة والتقليدية فإنني أستغرق وقتا طويلا جدا حتى انجز العمل، إذ أن بعض الصور أخذت عدة ساعات والبعض يأخذ أكثر من يوم، وذلك حسب العناصر الموجودة في الصورة. العملية ليست سهلة جدا. وأنا دقيق جدا في عملي. نعم هناك برامج إلكترونية يمكنها أن تقوم بتلوين أي صورة بضغطة زر، ولكني لا استخدمها، لأن التلوين فن يعتمد على الإحساس والرؤية وليس وضع الألوان فقط.
اختيار دقيق
وعن رؤيته ومعاييره في اختيار الصور التي يتشغل عليها في التلوين يوضح عدنان البلوشي قائلا: في العادة أختار صورا عالية الجودة، حتى تسهل علي عملية التلوين، وكلما كانت الصورة أوضح تكون العملية أكثر دقه والعمل عليها أسهل، كما أن النتيجة تكون أقوى وأفضل. كما أنني أختار الصور ذات القيمة الفنية والاجتماعية والوطنية التي تمثل بعدا تاريخيا وحضاريا ومعرفيا عميقا، وليس أي صورة. لا بد من أن هذه الصوة تلامس إحساسي وأجد فيها قصة أو لحظة ذات أهمية خاصة.
وتحدث عدنان البلوشي عن أكثر الأشياء إثارة لاهتمامه في مجال التصوير فيقول: بالنسبة للتصوير أنا مهتم في بتصوير حياة الناس والتعرف على ثقافاتهم وعاداتهم. يستهويني رصد ملامح الحياة وتفاعل الناس وتنوع العادات والتقاليد في الملبس والعيش والممارسة اليومية. وتأتي الصورة توثيقا لهذه التفاصيل والمشاهدات، وفقا لرؤية المصور وتقنياته وبراعته في إعطائها أفقا جماليا مغايرا عبر التقاطاته ووعيه وحسه الفني الخاص.
وأشار عدنان البلوشي في حديثه إلى أن السلطنة تتبوأ مكانتة عالية جدا في مجال التصوير، وهذا واضح من الحضور العماني البارز في هذا الميدان خارج السلطنة، ومن خلال الجوائز الكبيرة التي يحظى بها المصورون العمانيون في المسابقات الدولية عاما بعد عام. فقد حققت السلطنة إنجازات كثيرة في مجال التصوير على المستويات المحلية والإقليمية والدولية.
وبكل تأكيد إن هذا لم يكن ليتحقق لولا الاهتمام والدعم الكبيرين من الجمعية العمانية للتصوير الضوئي للمصورين ولفرق التصوير الأخرى التابعة للأندية، إلى جانب الدعم الذي يحظى به المصورون من مختلف المؤسسات الأخرى مثل وزارة التراث والثقافة ومرسم الشباب وغيرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق