لا يمكن أن تُبنى الحضارات هكذا طفرة، ولا تتقدَّم الأممُ إلا بمواصلة البناء، ولا يمكن أن تنهض إلا بالعمل ليل نهار من أجل تحقيق كلِّ الأهداف، ولا يمكن لأيِّ دولة أن تجدِّد من نهضتها إلا بإصلاحات جبَّارةٍ وقويَّةٍ وفاعلةٍ تعانق السَّحاب، ولا يمكن أن يكون طريقُ الإصلاح مفروشاً بالورود والزهور؛ فمن أراد جني العسل يصبر على لسعات النَّحل، ومن أراد أن يشمَّ رائحة اللبان الجميلة لا بدَّ من نارٍ تكويه؛ فلا يضوع في أرجاء المكان وينتشر عبقه إلا بجمرةٍ ملتهبةٍ، ولا رائحة للورد إلا بعد أن يعرك، ولا ينتشر طيب البخور إلا بعد أن يحرق.
إنَّ بلادنا الغالية عُمان وهي تعيش نهضةً متجدِّدةً، تواكب العهد السَّعيد الذي يقود زمامها بحكمةٍ رشيدةٍ ورأيٍ سديدٍ حضرةُ صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه اللهُ ورعاه- وهي تدرك تماماً سلسلة هذا البناء المتجدِّد، ولا ريب أنها تسابق الزمن من أجل تحقيق كلِّ ما يصبو إليه المواطن ويأمله ويرجوه، فالمسألة في تحقيق هذه الغاية مرتبطة بالزَّمن، وأنَّ كلَّ هذه الخطط والبرامج نجاحها مرهونٌ بعامل الوقت والزمن؛ فما تمَّ من إصلاحات جوهرية لإعادة هيكلة البناء الإداري للدولة شيءٌ عظيمٌ يساهم بلا شكِّ في تصويب مسارات النَّهضة المتجدِّدة، ويدفع بها نحو تحقيق رؤية عُمان 2040 بكلِّ ثقةٍ واقتدارٍ.
لقد دارت عجلةُ التَّنمية في هذا العهد السَّعيد، ومضى قطارُ النَّهضة يحمل أملاً جديداً، وهذا هو التَّاريخ يسجِّل حروفه من ذهب، فكما كان الشَّعبُ ملتفاً حول قيادة الرَّاحل الخالد السُّلطان قابوس -طيَّب اللهُ ثراه- هذا هو اليوم يشكِّل ملحمةً تاريخيةً أخرى وقوفاً مع السُّلطان هيثم بن طارق -حفظه اللهُ ورعاه- في المنشط والمكره بكلِّ عزيمةٍ وإصرارٍ وتحدي حتى تتجاوز عُمان هذه المرحلة نحو فسحةٍ أرحب من البناء والمسيرة المظفَّرة الشَّاملة التي تجعل منها صديقة للعالم كما كانت وأكثر، وواحدةً من أقوى اقتصادات المنطقة سياسياً ومالياً ومعرفياً، ووجهةً سياحيةً رائدةً تواكب الدول المتقدِّمة، وتناهض الأمم والحضارات في التَّقدم والازدهار والرَّخاء.