في كتابه الجديد “التاريخ.. مسارات الوعي وإعادة الكتابة” يقدم د. علي الريامي، رئيس قسم التاريخ بجامعة السلطان قابوس، مجموعة مقالات تستعرض جانبا من الأحداث الراهنة وربطها بمعطيات تاريخية، مطالبا بوقفة جادة لمزيد من تسليط الضوء على هذا المصطلح والعناية به لما فيه من منافع وطنية، حاضرا ومستقبلا.
وفي تقديمه للكتاب الصادر عن دار لبان للنشر يوضح د. عصام بن علي بن أحمد الرواس، أستاذ التاريخ وعميد كلية الآداب والعلوم الاجتماعية سابقًا، أن ” الكتاب هو عبارة عن مجموعة من المقالات، اتّخذت من التاريخ موضوعًا، بالإضافة إلى موضوعات أخرى بعناوين متعددة، مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بفكر الإنسان واهتماماته، ومحور حراكه في بيئته وتفاعله معها، مضيفا أنه “في عرضه لقضية التاريخ، علمًا وأدبًا وأسلوبًا ومنهجًا، وأهمية إيفائه بما يستحق من بحث وتقصٍ واستقراء” لامس اهتماماته بحقل أثير لديه.
وأشار د. عصام الرواي إلى “أن بعضًا من كتب التاريخ ودون حوادثه عبر العصور ألبس هذه الأحداث ثوب القدسية، حتى لو لم يكن شاهد عين، فكيف بمن دوّن بعد قرون هذه الروايات التاريخية المتواترة من جيلٍ إلى آخر دون اتباع منهج التقصّي والاستنتاج، فكيف من كان يحمل فكرًا متحاملًا لمن يختلف مع من صنع الأحداث الكبرى أو يجهل جغرافية وسكان وعادات وطرائق البشر في أزمنة غابرة، وعصور سحيقة، ولا يهمه إلا النقل والنّسخ لمعلومات وردت في مصادر سابقة لعهده، وهنا يصعب على كل من أراد التصحيح أو التوثيق أن يغيّر روايات في الأصل ثابتة في المصادر، والعقول، وخصوصًا عندما ينظر إلى النصوص التاريخية بأنها مقدّسة، وتتمتع بحصانة لا ينبغي تفكيكها أو دحضها، أو لقياس تفاصيل وقائعها، ومدى مطابقتها للواقع الماضوي في كل وطن وأمة تسكنه”.
ويرى المؤلف أنه التاريخ يثير فينا “هلوسات المجد والعظمة أحيانًا، كما قد يحيي في ذواتنا عقد الماضي، وقلق الحاضر، وبين هذا وذاك لا توجد حقيقة مطلقة فيما كُتب بالأمس، وما قد نفكر أن نكتب عنه اليوم من أحداث، وكما أننا لا نتعلم من التاريخ، ولا يمكن أن نبني مستقبلًا على أنقاض بطولاته وهلوسات عقده، إلا أن أفكار اليقظة والتنوير ومعالم الإبداع الحضاري تبقى ماثلة في مختلف الفترات التاريخية بنسب متفاوتة، ويمكن أن تكون نافذة نتشوّف من خلالها ما يمكن أن نكون عليه، ذلك أن الأفكار لا تموت حتمًا.. وإن توارت لبعض الوقت” موضحا أن الكتاب يتضمن مقالات كُتبت على مدار سنوات مضت، وبعضها حديث، وأغلبها نُشر في صحف محلية، وعلى صفحات نشرات الجامعة (المسار، أنوار، اقرأ)، علما أنها تسير على مسارين: الأول ويتضمن رؤى وأفكار حول فكرة التاريخ، مساراته ومآلاته، وأهمية التاريخ، والكتابة التاريخية من حيث توجهاتها التقليدية والحداثية، وكذلك وجهات نظر حول قضايا معاصرة إقليمية ودولية مثل: القضية الفلسطينية، ونظرية المؤامرة، والشرق الأوسط الجديد، بما في ذلك المستجد منها مثل نظرة بعض المؤرخين المرموقين لجائحة كوفيد19، وغيرها من القضايا المهمة، أما المسار الثاني فيحتوي على مقالات تتعلق بالشأن الوطني/ المحلي، وتتناول قضايا معاصرة في التاريخ والتراث والثقافة بوجه عام، والتوجهات المجتمعية، كما تطرح بعض الأفكار ذات العلاقة المباشرة وغير المباشرة بالتنمية المستدامة، وكيف يمكن الاستفادة من الموروث الثقافي المادي وغير المادي، وابتكار قيمة مضافة منه، تسهم في الحفاظ عليه من جهة، والتعامل معه كمنتج يمكن الترويج له بما يخدم توجهات التنمية.