العام

دعم المجتمع بشكل إيجابي نابع من حب العمل التطوعي

محمد الكندي

(رئيس الجمعية العمانية للسينما)

من الجمعيات الفاعالة في مضمار العمل المدني في السلطنة الجمعية العمانية للسينما. وقد أثبتت خلال تجربتها التي تمتد إلى سنوات دورها البارز على هذا الصعيد، الأمر الذي رسخ حضورها عميقا لدى عشاق السينما والمحترفين والمواهب على حد سواء.  المخرج السينمائي، رئيس الجمعية العمانية للسينما، محمد الكندي يشارك في هذا الملف عبر الحوار التالي الذي تحدث فيه عن الجمعية بشكل عام وأهمية المجتمع المدني في الدول المتحضرة، إلى جانب رؤاه لتطوير هذا الميدان وأهم المعوقات والصعوبات التي تعترض طريقه.

حلقة وصل بين الدولة والمجتمع

إن مفهوم عمل مؤسسات المجتمع المدني أو ما يسمى أيضا بالمجتمع المحلي، ضارب في القدم في المجتمعات الإنسانية الأولى وإلى العصور المتقدمة، التي أضحت أكثر تنظيما وفاعلية، واتخذت مفاهيم أكثر تطورا مع تقدم التفكير البشري، وهي غالبا ما تتكون من فرق أو مجموعة أو تشكلات من أفراد تجمعها سمات وقواسم مشتركة، تقدم خدمات إنسانية تطوعية جليلة تساعد في رفع جودة الأعمال التي يعول عليها أن تتطور مع مرور الأزمنة دون النظر إلى العائد المادي المباشر.

ويضيف محمد الكندي أن مؤسسات المجتمع المدني تعد ساعدا من سواعد العمل المؤسسي في الدولة، بل هي حلقة وصل بين مؤسسات الدولة والمجتمع، فهي تقدم خدمات دون مقابل مادي مباشر برغم الكلفة الباهظة، بحيث يلقى المجتمع المدني من لدن هذه المؤسسات رعاية مستقلة وتنافسية في تقديم الخدمة دون ضغط حكومي أو مؤسسات القطاع الخاص. إن ما تقوم به مؤسسات المجتمع المدني في سلطنة عمان من تقديم خدمات ورعاية للمجتمع المدني المنتسب للمؤسسة (المتطوع) والمستهلك للخدمة، ما هو إلا وسيلة من وسائل دعم المجتمع بشكل إيجابي وحب نابع من العاملين في العمل التطوعي.

ضرورة الاستقرار

وعرج محمد الكندي إلى الحديث عن التحديات التي تواجهها مؤسسات المجتمع المدني في السلطنة قائلا: إن تحديات مؤسسات المجتمع المدني كبيرة وكثيرة حيث تشتكي من تذبذب معين الموارد البشرية والمالية، فكلما عظم شأنها وكبر حجمها وتوسعت أنشطتها كانت المعاناة أكبر. ومما يزيد من معاناتها أنه لا يحق لها الدخول في العمل التجاري المباشر الذي يكفل لها المتنفّس من الغطاء المادي. كما لا يحق لها تعيين موظفين ثابتين يقومون بإدارة عملياتها الإدارية والمالية. ونظرا لعدم وجود ذينك الاستحقاقين فإن ذلك يحول دون أن يكون للجمعيات استقرار فعلي على أرض الواقع، وبالتالي تظل تعاني من دوامة عدم استقرار أعضاء مجالس الإدارات التي تتعاقب عليها أو ديمومة الأعضاء المنتسبين الذين يقدمون خدماتهم حسب الإمكانيات والوقت المتوفر لديهم.

كما أن المجتمع العماني وهو مجتمع يصنف على أنه مجتمع فتيّ فإن هذا ينبغي أن يكفل تدفق الطاقات الكامنة في الشباب على العطاء، ولكن للأسف فإن أعباء الحياة اليومية وتوفير المتطلبات الأسرية والالتزامات العائلية هي كثيرًا ما تكون جزءا من الإشكالية التي تحول دون الاستمرارية في العمل التطوعي.

مؤشر على تحضر المجتمعات

وحول ضرورة وجود مؤسسات المجتمع المدني وأهميته يقول محمد الكندي: هي واجب وطني وأضحت من الضرورات التي يمكن لها أن تقف على قوامة المجتمع من أجل تقديم خدمات جليلة دون الضغط عليه من قبل جهات مختلفة سواء كانت من القطاع الحكومي أو الخاص. كما أن مؤسسات المجتمع المدني تعطي مؤشرًا لمدى تحضر المجتمعات، ورقيّ الشعوب، وتعكس مدى تقدّمها في تقديم الخدمات، كما أنها تخلق الألفة والترابط بين أبناء المجتمع، ولا تفرّق بين النوع أو الجنس.

ومن خلال التجربة الشخصية في العمل الميداني يرصد محمد الكندي تحولات هذا المشهد قائلا: لقد عملت ما يقارب سبعة عشر عاما في العمل التطوعي في مجال السينما بالجمعية العمانية للسينما التي أثرت الساحة السينمائية المحلية والدولية، ومن خلال الجمعية قمت بتهيئة مجموعة من الشباب العماني والمقيم لإنتاج أعمال سينمائية روائية ووثائقية ترصد الحياة العمانية بكافة أنواعها. كما أتاحت مشاركتي كعضو متطوع في الجمعية عددا من المشاركات الدولية، وحققت نجاحا طيبا فيها وخاصة التواجد في لجان التحكيم، أو نيل الجوائز من المهرجانات الدولية، وتمثيل السلطنة في عدد من المحافل السينمائية الدولية، ورفع علم السلطنة في تلك المهرجانات.

سينما عمانية رصينة

لجمعية السينما إسهام ملموس في مجال العمل المدني، يوضحه محمد الكندي قائلا: إن من الأدوار التي تلعبها الجمعية العمانية للسينما بالإضافة إلى لمّ شمل المشتغلين في المجال الفني السينمائي، وضع عمان على خارطة العمل السينمائي خارجيا، وهذا من بين أهدافها، كما تقوم باستقطاب العديد من المنتجين والفنانين إلى عمان من أجل تقديم أعمالهم الفنية. وساهمت الجمعية في الترويج السياحي لعمان من خلال الأفلام التي تشارك في المهرجانات، وإقامة مهرجان مسقط السينمائي الدولي والمناشط الأخرى كالملتقيات أو الحلقات التدريبية.

 كما تقوم الجمعية بنشر ثقافة سينمائية عمانية رصينة تتيح الفرصة لأكبر عدد ممكن من الشباب العماني المحترف والهاوي للتعريف بثقافة وحضارة الشعب العماني داخليا وخارجيا، كما أنها تبرز المواهب الشابّة الجديدة بين الأوساط الفنية، وتقوم بتأهيلهم وتطوير أعمالهم الفنية من خلال الحلقات والندوات والمحاضرات، وإشراك أعمالهم في الملتقيات والمهرجانات المحلية والدولية، لإبراز طاقات الشباب العماني في هذا المجال.

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق