العام

سلمى لاغرلوف.. تكريمها بعملة وطابع بريد ومتحف

كتب: خالد المعمري (باحث في الشؤون البريدية)

موضوعنا هذه المرة عن شخصية محبوبة كثيرا من الاطفال، وحاصلة على جائزة نوبل للأدب عام 1909م، كأول سويدية، وتعتبر أول امرأة تحصل على الجائزة، وبعدها بخمس سنوات أصبحت بطلة قصتنا أول امرأة تحصل على عضوية الأكاديمية السويدية  في عام 1914م، وأيضا كانت من ضمن أعضاء اللجنة لجائزة نوبل.

هي سلمى لاغرلوف، ولدت في مقاطعة حدودية بين السويد والنروج، وكان ترتيبها الخامس بين أخوتها، وعند انتهاء مراحل دراستها الاولى ذهبت إلى كلية المعلمين في ستوكهولم. في عام 1885 أصبحت معلمة في مدرسة البنات الثانوية في لاندسكرونا. وكانت تكتب الشعر منذ أن كانت طفلة، لكنها لم تنشر أي شيء حتى عام 1890، عندما منحتها مجلة أسبوعية سويدية الجائزة الأولى في مسابقة أدبية. 

وفي عام 1891 نشرت أول رواية لها وهي (ملحمة غوستا برلنغ) لكنه لم يلاحظها أحد أو يهتم بها حتى تمت ترجمة الرواية الى الدنماركية، ووجدت الرواية والكاتبة  إشادة واسعة من النقاد، ومهدت الطريق للنجاح الدائم للكتاب في السويد وأماكن أخرى. وفي عام 1895 شجعها الدعم المالي من عائلتها والأكاديمية السويدية على التخلي عن التدريس تمامًا.

وبعدها توالت عليها العروض من دور النشر حتى ذاع صيتها بكل مكان لكن المميز انها اصبحت محبوبة من قبل الاطفال، ليس بالسويد وحدها وإنما بكل دول العالم،    لأنها اهتمت بالكتابة لهم وابدعت فيها، وخاصة روايتها الشهيرة، والتي تحولت الى مسلسل تلفزيوني ومسلسل كرتوني هادف للأطفال وترجم لعدة لغات، للاستفادة من تجربة نيليز برحلته الشهيرة حول السويد وسرد تفاصيل عن القيم والشجاعة والتسامح من خلال الرحلة، وسرد بعض القصص للاستفادة من التجربة هذه لدى الاطفال، ولاقى المسلسل الكرتوني شهرة واسعة في جميع أنحاء العالم، وتمت دبلجته لعدة لغات عالمية.

بداية الرحلة للعالمية والشهرة

كانت البداية لتأليف رحلة نيلز العجيبة (The Wonderful Adventures of Nils) رسالة لسلمى من الاتحاد الوطني حول تأليف كتاب تربوي للأطفال يثير اهتمامهم بجغرافية السويد مفادها (نحن بحاجة ماسة إلى كتاب مدرسي يستمتع الأطفال بقراءته في حجرات الدراسة، ليثير اهتمامهم بجغرافية بلادهم كي يعرفوها أكثر ويحبّوها، نرجو أن يكون الكتاب مثيرا لاهتمامهم ليس بالجغرافيا فقط، وإنما أيضا بالتاريخ والأساطير الشعبية)، ومن هنا تولدت لدى سلمى الفكرة وتحمست لها، وأخذ منها الكتاب نحو ثلاث سنوات حتى أتمته لأنها قضت الثلاثة سنوات بالترحال والقراءة والبحث عن جغرافية السويد مرورا بالعادات والتقاليد والبحث في القصص الشعبية والفنون التراثية السويدية حتى تخرج بكتاب متكامل عن كل اجزاء بلادها، ولاقى هذا الكتاب استحسان كل من اطلع عليه وتمعن بمحتواه وترجم الى 30 لغة ومنها اللغة العربية.

وكانت الرواية تتحدث عن الفتى نيلز السيئ الطباع، ومن صفاته الكسل وإيذاء الحيوانات والطيور، وذات يوم رأى قزما يعبث بأغراض أمه فاصطاده بشبكة وتوسل إليه القزم وأغراه بهدايا إن هو أطلق سراحه. وعندما استعاد القزم حريته لطم نيلز وأدخله في غيبوبة وحوّله إلى قزم مثله، وأعطاه قدرة لمخاطبة الحيوانات والتحدث معها، وحين أفاق نيلز ظل يبحث عن القزم لمصالحته ليعود كما كان.

 

حاول نيلز الاستعانة ببعض الحيوانات والطيور لمعرفة مكان القزم إلا أن إيذاءه المستمر لها جعلها ترفض مساعدته وسخرت منه ايضا.

ومرَّ سرب من الإوز البري فوق المزرعة التي كان بها بيت نيلز فهبط  الاوز قريبا منه وناداه “تعال، معنا فنحن في طريقنا إلى التلال” وقرر نيلز أن يخوض هذه التجربة والمغامرة  فأمسك برقبة ذكر الإوز ارتفعا معاً. نظر نيلز وهو ممسك بذكر الإوز إلى أسفل ليشاهد الحقول الخضراء المربعة الشكل والبساتين والغابات.

و وجد نيلز نفسه مع سرب الإوز البري، والمكوّن من ثلاث عشرة إوزة بقيادة الإوزة العجوز الحكيمة آكا.

هنا، تغيرت صفات نيلز السابقة، وأخذ  يساعد الطيور والحيوانات الضعيفة، وتعرّف نيلز على العديد من الحيوانات والطيور التي لم يشاهدها من قبل، كما تعرف على الكثير من القلاع والكنائس ذات الأبراج العالية والبحيرات والأنهار وشاهد الطرق والسكك الحديدية، ومرَّ بالعديد من الجزر والخلجان والمرتفعات والوديان والمدن والقرى، وتمتّع بالطبيعة الخلاّبة لبلاده، وعرف الكثير من تاريخها وعاداتها وأساطيرها وحكاياتها الشعبية.

 

ومرت رحلة نيلز بالعديد من المواقف حتى رجع الى مزرعته، ورجع مثل سابق عهده، وتعلّم الاطفال من هذه القصة الكثير عن بلادهم والتي اصبحت تدرس في المناهج السويدية، واستفاد بقية اطفال العالم الذين تعلموا عدة دروس أفادتهم  في حياتهم، وحتى أن القصة ألهمت الكثير من الدول لتغيّر كتب الجغرافيا والتاريخ لتوصيل الفكرة بسرعة للطفل من خلال قصة مصورة لبعض الدروس، لأن بعض الاطفال يشتكون بسبب الملل، وأصبح درس الجغرافيا هو المفضل في مدارس السويد بسبب هذه القصة.

وأصبحت هذه القصة حديث الساعة، وحتى أن الحكومة السويدية كرمت الروائية سلمى لاغرلوف على هذه الرواية بوضع صورتها على العملة الرسمية فئة 20 كرونا في الأمام، ومن الخلف صورة  الطفل نليز وهو على ظهر الاوز 

وتم اصدار طوابع بريدية تكريما لها بوضع صورها مره ومرة صور الفتي نليز بطل اهم قصة عالمية للأطفال، و تم عمل تمثال لها يقع في مدينة كارلستاد. 

توفيت سلمى لاغرلوف في 16 مارس من عام 1940، وقد تحول منزلها في مدينة مورباكا إلى متحف باسمها يضم مقتنياتها المهمة.

 

 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق