الثقافي
من… رسائل الروح
هدى الحوسني
القارئ ..
تحملك الحياة في دقائق الله روحًا يحملها الحنين دائمًا إلى الجنات، إلى الطهر والسمو، إلى عالمٍ لا يزال يفسح الدرب لهنائك، وراحتك، وسعادتك، وطيب مقامك وارتحالك، إلى صلاة يهدأ الليل لها، ويشرق الفجر من ماءِ وضوئها.
في دقائق الله – يا عزيزي – حياتك تعيش في معناها الكبير، وفي طريقها الربيعي، وفي قوتها المُدهشة، وفي نورها المُضاء كالكوكب الدُرّي، وفي روحها التي لن يهزها فقرٌ ولا خوفٌ..
في دقائق الله تُحملُ الأثقال، وتُكابد الأهوال بعقلٍ مُتزن، وفكرٍ حكيم، وبقلبٍ ينبضُ بالحُب والشغفِ والرضا مُتوجّه دائمًا إلى الخيرِ والإحسان، يلفه الوعي، وتحركه السكينة، وتغلفه أزهاير الحُب..
في دقائق الله لو ضللت الطريق، ستصل إلى قلب الحياة، وشغف الوجود، ونور الكون، ويسمع الزمان خطاك، وتتبارك الأمكنة بوجودك..
في دقائق الله نفسك تُنقى بالمياه الطاهرة، فيُجبر كسرها، ويُيسر أمرها، ويُكشف كربها، وتُشفى عِلتها، ويرفع قدرها، ويكلؤها الله بحفظه ..
في دقائق الله تعيش أيامك عيشًا طيبًا، تصون عظمتك، وترعى قدرك وترفع مقامه، ويتورد بالزهر عمرك، وتشع جواهرك الإنسانية في الحياة الدّنْيا..
في دقائق الله لن يعجزك تحقيق حلمٍ، ونيل مرتبةٍ، ووصول غايةٍ، فستنتمي إلى السُعداء الذين سئم عالمهم الركود واليأس، وتجالس المُؤنسين الذين عاشت أرواحهم تتقلب بذكر الله، وترافق الطيور في تحليقها وارتفاعها..
في دقائقِ الله قلبك من الفائزين الّذين لا تحدّهم عثرة، ولا تقيدهم حدود، ولا تحبسهم ظلمة، ولا يقطع أمانيهم يأس، عاشت أفئدتهم بنور خالقها، وآمنت بلطفه وكرمه، ولقيت رحمته وتيسيره..
في دقائق الله مأواك الأمان، ومجلسك الراحة، ومنامك العافية، وقيامك السلام، ورائحتك المسك، ودرجتك العلياء تطوف الحياة بها وتذهب حيث شئت إلى النعيم ..
في دقائق الله موصوفة أعمالك بالجواهر، يشعُ أثرها، ويتضاعف خيرها وإحسانها، راغبة في رضى بارئها، تسير مُطمئنة إليه، يقودها الأمل إلى الدربِ بحيويةٍ وانتعاشةٍ ونشاط، وتحملها الطمأنينة إلى السلام، وتتلاقاها رأفة الله وتوفيقه..
في دقائق الله خطواتك، عثراتك، ظلماتك، تقلباتك، ضجيجك الداخلي الذي تصارع به الحياة يُحيي الله لكل هذا سلام الأرض، وود ولطف الكون، ورحمة وغيث السماء حتّى تطيب وتأنس وترضى وتستريح وتتزن ..
في دقائق الله تصحو حياتك، وتسمو روحك، ويلتئم جرحك، ويعلو مقامك..
في دقائق الله أنت في منازل تتنزل عليها السكينة والرحمة ويحفها السلام والأمان ..
ففي دقائق الله – يا عزيزي – سر الحياة الراقية المرتقية، الطيبة المُطيبة، الكريمة المُكرمة، الجميلة المُجملة، ففيها تنشط الهمم، وتعلو القمم، وتسمو النفوس، وتتبارك الأوقات.
من إصدارها
(رسائل الروح)
الصادر عن مؤسسة بيت الغشام