التقني
حور العميرية: القرآن هو بداية كل شيء
- حوار: أنوار البلوشية
- صغيرة في العمر، ولكنها كبيرة في الطموح، وشاسعة جدا في الأحلام والأمنيات، تحاول جاهدة تحقيق الكثير من الطموحات بخوض تجارب عدة تمر في حياتها، تنقاد خلف الإبداع، وتستقي من الملهمين والمثقفين الكثير حتى تصقل شخصيتها. حور بنت محمد بن حارث العميرية، ذات السابعة عشر صيفا، لديها هوايات متجددة ومتعددة، بداية من الخطابة مرورا بكل شيء آخر، كالتقديم والرسم والبرمجة والكتابة وغيرها. ولمعرفة المزيد من التفاصيل، كان لنا معها الحوار الآتي..
بداية أحببنا التعرف على حور من خلال تفاصيل حول طفولتها ونشأتها بين أسرتها وأقرانها، حيث أجابت عن ذلك قائلة: صدفة كونية بأن وُلدت وأنا الصغرى بين أخواتي، مما سهّل عليّ الطريق لاكتشاف هويتي، كنت متقلبة الأهواء حينها، أحب الاختلاط مع الأطفال تارة، وأحبذ العزلة عنهم تارة أخرى. تعلقت بوالدتي وأخواتي أكثر من أي شخص آخر، وفي نهاية المطاف، ارتأيت بأن أحيا على التفاصيل وأكسر سطحية الأمور في الحياة.
وأضافت قائلة: أنا حاليا في الصف الحادي عشر، أصبحت شخصيتي على نقيض ما كانت عليه عندما كنت في الصف الرابع، كل عام أضع هدفا نصب عيني، وهو السعي نحو تحسين شخصيتي قبل التحصيل الدراسي، وآمل أن أتوفق بتحقيق النجاح في الأمرين. كنت سلفا أمشي بوجه عبوس، ولكن اليوم، الابتسامة تسبق خطوتي، أصبحت أساسيات حياتي تشوبها الكثير من المعاني، كالسلام على الجميع، والتطوع، والسؤال والشغف وغيرها من التفاصيل الجميلة.
حب اللغة العربية
كيف تعلقت حور بحب اللغة العربية، كشفت عن ذلك قائلة: القرآن هو بداية كل شيء، فمن ثلاثة حروف بدأ الأمر (ح، و، ر)، هذه الحروف التي ذكرها الله -عز وجل- في كتابه الكريم، في سورة الرحمن، هنا تمعنت وتيقنت مدى الإعجاز اللغوي بين المفردات والتراكيب، حتى تبادر في ذهني أن خط كتابة الحروف كان بارزا، حينها أدركت أن لتلك البلاغة عالما متكاملا لا يشوبه الشك مطلقا! وتطابقت هذه الحروف بحروف اسمي.
حققت حور المركز الثالث في مناهزات اللغة العربية في سبتمبر ٢٠١٩م، حيث أول مشاركة لها في هذا المجال، حدثتنا عن ذلك قائلة: تسوقنا الأقدار إلى حيث تشاء، شاركت في هذا الحدث رغما عني، فقد جاءت الدعوة في توقيت غير ملائم بالنسبة لي، حيث التحقت بمدرسة جديدة آنذاك، بمواجهة سنة دراسية جديدة في الصف الحادي عشر، احترت كثيرا في اتخاذ قرار المشاركة في المنافسة، ولكن بعد تشجيع من حولي قررت خوض التجربة، شاركت في البداية على مستوى محافظة الداخلية، حتى يتم اختيار ثلاث طلاب لتمثيل المحافظة على مستوى السلطنة، حيث توفقت ولله الحمد وتأهلت للدخول في الامتحان التحريري والمقابلة الشفهية التي ستخولني لتمثيل السلطنة على مستوى دول مجلس التعاون، حيث تأهلت بالمركز الثالث في سبتمبر ٢٠١٩م، ذلك يعني بأني في المركز الأخير من بين المتأهلين، سعدت كثيرا ولكن ساعدتي كانت مغلفة بشعور من عدم الرضى التام، فلم أقبل بالمركز الأخير، فعاهدت نفسي على بذل المزيد من أجل نيل الميدالية الذهبية في المرحلة الأخيرة.
سأحقق ما أريد
وتواصل حور حديثها، قائلة: أعيد المشهد الذي لن أنساه أبدا، صبيحة يوم من أيام التدريب، كتبت على قصاصة ورقية، عبارة: “عهد مني سأحقق ما أريد”، لازلت أحتفظ بها، اجتدت لأيام وليالٍ، سعيت وحاولت مع التوكل على الله، كُتب لي أن أنال مبتغاي، مثلت السلطنة خليجيا في صبيحة العاشر أكتوبر ٢٠١٩م، وتم تتويجي بالميدالية الذهبية ولله الحمد. مما ساعدني على الفوز في المنافسة هو خوضي لتجربة المنافسة سابقا، وذلك في مسابقة الخطابة والتحدث بالفصحى على مستوى السلطنة، وراقبت عل التفاصيل من حيث الدقة والاحتدام، بالكاد أستطيع مدى شدة رغبة كل طالب في تمثيل وطنه، مع تفاوت القدرات اللغوية، فالمنافسة قوية، هناك من تلقى تعليما خاص في قواعد النحو على يد شيوخ وعلمين، ومنهم مثلي من لم يتلقى أي دعم متخصص في هذا الجانب.
حاولت بكل ما أوتيت من جهد بأن لا أضع هذا الأمر حاجزا يحول بيني وشغفي، مع وجود الكثير من الوسائل التي تسهّل علينا الوصول إلى المعرفة والحصول عليها في الوقت الحالي، إلى جانب التوفيق من الله تعالى.
واجهت التحديات فغلبتها
لابد من التحديات التي تقف دائما أمامنا عند ارتقائنا لسلم النجاح، واصلت حور حديثها قائلة: ربما عدم امتلاكي لقاعدة واسعة في المجال اللغوي كان من الأمور المقلقة بالنسبة لي، إضافة إلى قلقي حول كمّ الدروس التي فاتتني في تلك الفترة، حيث لم أتعرف على معلماتي أو زميلاتي بعد، مما أشعرني بالضياع نوعا ما، إلا أن الوقت كان كفيلا بحل كل هذه الأمور وتغلبت على كل هذه المخاوف، واستطعت التعويض عن دروسي لاحقا.
كما ذكرت مشاركاتها المختلفة في مجالات عدة، قائلة: شاركتُ في مسابقة الخطابة والتحدث باللغة العربية الفصحى وحصلتُ على المركز الأول على مستوى المُحافظة، وأيضا شاركتُ في المناظرات الأدبية التي حصلتُ فيها على المركز الأول على مستوى القطاع، كما شاركتُ في مسابقة الخطابة للإبداع الشبابي، وكانت لي مشاركة في مسابقة اقرأ للناشئة، وفي تحدي القراءة العربي حيث مثلت محافظتي في ذلك. وشاركت في المسابقة الثقافية للإبداع الشبابي ونلت المركز الثالث على مستوى القطاع.
إضافة لتقديمي حفل تكريم المجيدين في الأنشطة التربوية على مستوى المحافظة مرتين متتاليتين، وشاركتُ في مسابقة مقال البيئة البحرية، وفي مسار الناشئة حول تعلم برمجة بايثون، وشاركتُ في أولمبياد الكيمياء والفيزياء، وفي مسابقة الابتكارات العلمية.
الإبداع يلهمني ويحفزني
وعن الأسس التي نشأت عليها حور، وأدت إلى صقل شخصيتها، ذكرت قائلة: لعائلتي التي تتسم بالمرونة دور كبير في ذلك، إلى جانب المدرسة، فجميع تلك العوامل ساهمت في تكوين أفكاري، ثم القراءة وتوسيع المدارك الثقافية كان له دور كبير في تشكيل الشخصية التي أنا رغبت بها، المتسمة بالقوة والمرونة، المليئة بالشغف، الساعية نحو تحقيق الأسس التي خلقنا الله من أجلها.
أجزم بأن كل إنسان نقابله لديه أمر ما نستطيع أن نتعلمه منه، أدركت هذا الأمر منذ سنوات عديدة، فأحببت أن أنهل من المعرفة والخبرات في كل مكان أقوم بزيارته، ومن كل شخص أقابله، حتى أجمع القطع التي تشكلني وتكوّن ذاتي.
أحب المبدعين من البشر، لذلك أستفيد من كل إنسان أبدع في أي جانب من جوانب حياته، منهم الكتاب والشعراء والفنانين ممن يملكون الكثير من الإلهام والمخيلة الواسعة والإبداع في الرسم، كل ذلك يلهمني ويأسرني.
الوقت ثم الوقت!
بسؤالنا حول كيفية تنظيم حور لوقتها بين الدراسة وممارسة الأنشطة المختلفة، أجابت قائلة: هذه إحدى أعظم المشاكل التي واجهتني، الوقت! لا سيّما أقوال البعض حيال تفويت بعض الحصص والدروس، أنني لا أهتم مثلا ولكنني أفعل!
الدراسة ترنو على الأنشطة أهمية، لكنني خُلقت بفطرة لا تحب الاعتياد، الاستثناء هو أن أحصل على درجات مرضية، وأتابع شغفي في الأنشطة والمشاركات، ولا يجب على المرء أن يقتصر على حلم واحد، يمكنه اللحاقُ باثنين أو ثلاثة في الوقت ذاته، وهذا ما أحاول فعله، أربع وعشرون ساعة كافية لفعل أي شيء.
وفي الختام…
فتحنا المجال حتى تسترسل حور بالحديث عن طموحاتها المستقبلية، حيث ذكرت قائلة: إن كان طموحي الوظيفي، فهو أمر قدّره الله ولا أعلمه، وكل الرغبة في أن أخدم البلاد وكفى، وإن كان يخصُّ اللغة، فهي دعوة أرسلها لله حين كل صلاة، أن يرزقنا الفصاحة والبلاغة والبيان والقدرة الكتابية والإبداع، وأتمنى أن أقف في مسارح عدّة أمام فجّ عميق من الناس، فهذا الأمر يروق لي جدا.
الحلم ليس حكرًا على أحد، هو فقط يحتاجُ إلى الرغبة، وتحقيقه يفتح على المرء آفاقا مُبهجة تيسر عليه طريقه، في يوم تمنيت فيه أن أقارب أنطوان تشيخوف، لكنّني اليوم أتمنى أن أكون أنا بقدر هائل من المفردات والعلوم وتحقيق الأحلام، أن أكون استثناء. أمرٌ أخير، مدرستي المُحبّة أحد أسباب نجاحي.