مقالات

رسائل إلى صديقي السري

مروة يعقوب

تحية وحبا..
وسلاما يعبر الفضاء إلى الفضاء، وبعد..

هل تيممت قبل أن تقرأ رسالتي؟
حبذا لو تفعل ذلك.

صديقي العزيز..
تبتلع الأرض ذرات التراب، وهي أصلها، الذرات الدقيقة التي تخشى غضب الكون وهي تكوين فيه باجتماعها أو تفرقها. ونحن الكبار بحجمنا، على سطح الوسيعة، بأماكنها المتكتلة أو المنفلقة، نخشى الجماعة التي نحن أساسها، فلا ننشق تجنبا لسخط من اجتمعوا، ثم نتسبب لأنفسنا بالتجذر الذي يلصقها بالمكان وأحكامه، فلا ترف أغصاننا ولا تنضج أفكارنا، ولا تسقط أوراقنا إلا بإذنه وشروطه.
قلة منا تحمل فأسها وشجاعتها، فالأول لن يكون صالحا دون الثانية!

أيها الفريد، والوحيد..
الخوف بأصلين، التراجع أولهما، والتقدم ثانيهما.
وفي كل الأحوال فإن المدفوع بالخوف لا يشبه المدفوع بعزيمته، وإن تقاطعا في نقطة التقدم، فهناك المحكوم بالعاطفة وآخر محكوم بالفكرة والسبيل لبلوغها!

لذلك دعنا نركز على الثبات فهو المحور الأساس للحالتين السابقتين، فهناك ثابت بتقدمه وثابت بتراجعه. لعلمك، الشخص الثابت كثير التردد، تستقيم كلماته بعد أن تتكسر شكوكه الكثيرة في المسافة بين الإقدام والتراجع. أريدك أن تتذكر، جميعنا هذا الشخص باختلاف حجم التردد والثبات، وبيننا من لا يجيد تقييم المواقف فيعمد لانتزاع نفسه من تعب الاجتهاد إلى منطقة الراحة والكسل الذي قد يتمدد ملء الخوف القابع بنفس كل إنسان يخشى الفشل!
إلى رسالة أخرى..
نفسك
العزيز، الأوحد
صديقي..

كلما هدأ الطريق تفرعت عن رصيفه ساحة ممتدة، فأميل ميل الخيل للعدو حتى أضيع ثانية. يغفر الله ثم يهبني علامة تعيدني، لكنني عند كل عودة أضجر الثبات فأنحني.
هل يتفهم الطريق تركي له ثم عودتي؟

وأنت..؟
لمَ لمْ تصبك حتى الآن عدوى «إني أفهمك» أو لكنة هواة التشخيص والتمحيص «أعرفك أكثر مما تعرفين نفسك»؟
يمر هؤلاء في حياة كل منا، يزعمون معرفتهم بنا، وفهمهم لأمزجتنا وحالاتنا أكثر مما نفعل، والغريب أني بلغت الثامنة والعشرين ومع كل سنة أشعر بالتوتر والتشتت أكثر من سابقتها، وأدرك بأن لي نفساً لا أفهمها!
ولا أنكر بأنني في مواقف بعينها، اتخذت قرارات لأخالف توقعات الآخرين، وأبتر ادعاء كل من يعتقد بأنه يستطيع توقع ما أفكر به.
أَتعلَمْ؟ يقلقني باستمرار شعوري المتذبذب تجاه الأشياء وربما الأشخاص، فما أحبه «الآن» قد لا أحبه بعد «الآن».. مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك أشياء لطالما أحببتها ومازلت! لكنني خلصت إلى قناعة لاذعة، أن المعطيات ذاتها تتغير فلا نصل إلى حالة ثابتة ثباتا مطلقا!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

إغلاق