نقلب اليوم أوراق الشاعر الدكتور محمود حمد، نقترب منه في عزلته، بين كتابة الشعر والقراءة والبحث وممارسة الحياة اليومية، وفقا لما تفرضه مقتضيات الحال وطبيعة الظرف واشتراطات المرحلة .. سألناه ما هو الدرس الذي تعتقد أننا تعلمناه من أزمة انتشار كورونا؟
وبصراحة المعهودة يجيب قائلا: مع أني كنت أودّ التّحفظ على هذا السؤال حتى لا يتأذى الآخرون نفسيّا في كون الجائحة تعطي دروسا، ولكني سأتجاوز ذلك إلى ما انكشف واتّضح وهو كثير، وسنكتفي بما يناسب المقام.
على رأس ذلك الهشاشة التي كانت تطوّق مجتمعنا على مستوى الأفراد والمنظومة؛ فكنّا نخزّن “الحَشَف” للمستقبل ونعمر “البُور” للأجيال، اعتمدنا على الآخر في كل شيء ليفضح عجزنا أمام أبسط متطلبات العيش.
ويضيف الدكتور محمود حمد: إننا المريض الذي يخفي علّته عن الطبيب لنبدو أمام غيرنا في صحة وعافية. ثقافة الحياة في الأسر متداعية عند الكثيرين منا، وإن كان الكثيرون كذلك قدّموا نماذج رائعة، وهنا كان الوقت ثقيلا بعد أنْ صُرف كثيره في الطعام والشراب ليمرّ خفيفا. ولا أقول ذلك حكما عاما، لكني كنت قريبا من بعض المواقف التي صرّح أصحابها بذلك، وعندما اقترحتُ عليه القراءة أو أي برنامج ثقافيّ يعوّض ذلك تعلل بأنه لا يقرأ ولم يتعوّد هو أو أسرته على القراءة أو رمى أولاده بهذه التهمة مقارنا إيّاهم بغيرهم.
وعن بعض التفاصيل اليومية التي يعيشها ويبقيها في ظل الحجر المنزلي يقول محمود حمد: حرصت على جعل البيت دفئا للوقت قراءة وعملا وسينما وفعاليات بسيطة للأسرة تعينهم على تحمّل الالتزام بالبيت. ومما ساعدنا أننا في القرية قريبون من الطبيعة للبقاء في عزلة فردية أو أسرية حيث كنا نخرج بعيدا لكسر الرتابة أو الملل في فضاء تحده الجبال والسماء. وأخذت أشجار البيت وحديقته الصغيرة الحظّ الوافر من العناية، إضافة إلى جدول الأعمال المنزلي الذي يشمل كل أفراد الأسرة، مع الحرص على العناية بالنظافة وتوجيهات الوقاية والتعقيم المستمر، ولا خروج إلى التسوق الجماعي أبدا؛ وإنما كان تسوقا فرديّا نادرا.
ويرى الدكتور محمود حمد أن الإجراءات الوقائية المتخذة لدينا لمواجهة انتشار كورونا كافية جدا، وتبقى ثقافة الناس وحرصهم عليها فردا وأسرة ومجتمعا، وهذا يعود إلى قيمة الحياة والصحة.