مقالات
لبيك اللهم.. بشكر نعمتك
شيخة الشحية
في موسم محدد من كل عام ومن الفجاج العميقة، يتسابق المسلمون متجهين إلى مكان واحد وبقعة واحدة بهدف الطاعة والامتثال لأوامر الخالق وحده، ساعين في تلك الخطوات إلى بلوغ الرضا والفلاح..
عجبا من ذلك الأمان والاطمئنان الذي يعيشه الإنسان في تلك البقعة الطاهرة، رغم اختلاف الألوان والأجناس والإمكانات، وتنوع الأمنيات بين الصغيرة والكبيرة المستعجل منها والمؤجل.
كلهم صغوا للنداء فلبوا، يوحدون الخالق، ويتوجهون لمالك الملك، ويرجعون الحمد والثناء لرب الأرض والسماء، فـ (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
الأمر كله هيبة، وسكينة، ووقار، فالخطوات تتسارع والشفاه تتحرك بالحمد والثناء والذكر الكثير، والأصوات تتعالى حبا وخوفا ومناجاة لله والتكبير والتسبيح فـ ( الله أكبر كبيرا والحمدلله بكرة وأصيلا). كلمات وعبارات تتردد فيعج بها المكان ويمتلئ بها الهواء يأخذها في كل الاتجاهات وهي التي تأتي من كل حدب وصوب معلنة أن الدين حق.
يأتي الناس في قوافل من كل حدب وصوب، يبحثون عن منافع شتى، معلنين عن اخلاصهم لله وحده، والأمر كله ليس إلا ابتغاء مرضاته عز وجل. يبدأون المناسك بين منى ومزدلفة ومكة وما بينها من شعائر مكملة عمل الحاج. أما يوم الوقوف بعرفة الذي قيل فيه (الحج عرفة) فبه من الهيبة والسكينة والتضرع إلى الله الكثير، تختلط فيه الدعوات والأماني في مكان مغطى بالبياض يكسوه السلام، ويناجي فيه المرء ربه باكيا خاشعا نادما متمنيا ومتلهفا للاستجابة.
وتمضي الأيام تلك مسرعة، وكل شيء يمضي مسرعا حقا، فعسى أن يكتب الله لنا السير في هذا الطريق أعواما وأعواما.