ما أجمل الأخلاق في المعاملات وفي سائر الشؤون، وللأخلاق شأنٌ عظيم يرتقي بها المرء فيبلغ الآفاق، فهذا نبينا العظيم محمد صلى الله عليه وسلم، الذي ارتقى بأخلاقه السبع الطباق، وكان له شأنٌ عظيم بخلقه الكريم وبنهجه القويم، ولنا فيه أُسوةٌ حسنةٌ فقد وسع الجميع بأخلاقه، كيف لا وهو القائل: إنما بعثتُ لأتمم مكارم الأخلاق، صدق الصادق الأمين ذو المنزلة الرفيعة والمقام المحمود.
وقد تبين لنا ذلك في حادثة الإسراء والمعراج، هذه الرحلة الإيمانية العظيمة التي ارتقت بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السبع الطباق عبر الدابة التي سخرها له رب العزة والجلال وهي التي تُعرف بالبراق،
تسلية لقلبه صلى الله عليه وسلم بعد ما لاقى أشد الأذى من قومه وجزاءً لصبره وتحمله وأخلاقه الرفيعة، وهي من الآيات العظيمة ومن المعجزات الباهرة التي خص الله تعالى بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وذكر الله ذلك في بداية سورة الإسراء وقد افتتحها بالتسبيح، فسبحان من جمله بالأخلاق وارتقى به إلى السبع الطباق
ويطيب لي في هذا المقال، أن أذكر موقفًا حدث أمامي وهو من حياتنا اليومية المعاصرة، وقد شهدتُ ذلك بنفسي، وقد أدهشني هذا الموقف وجعلني أتعجب كل العجب.
فقد شهدتُ حادثة لأحد الموظفين، في بعض الدوائر الحكومية، وقد صبر هذا الموظف على المراجعين وتذمرهم، بل وفي بعض الأحيان كان يصبر على شتائمهم أيضًا،
وقد استمعت لهذا الحوار بنفسي، اعتاد هذا الموظف على إنهاء المعاملات اليومية للمراجعين، وقد تزاحم المراجعين على مكتبه ووقفوا طابورًا طويلًا،
وعجبت أن في نهاية هذا الطابور رجلًا كبيرًا في السن، ولم يأتِ هذا الرجل لينهي معاملة ما وإنما أتى لأمرٍ آخر، وكنت أقعدُ في مقاعد الانتظار أراقب الوضع عن كثب،
والموظف ينهي معاملات المراجعين، المعاملة تلو الأخرى حتى وصل إلى أحد المراجعين وقد حان دوره، وقد كان فظًا في الحديثِ وفي المعاملة ويفتقر إلى الأسلوب الحسن،
ومن نذالة هذا المراجع (واعذروني على هذا التعبير)، أنه رمى بورقة المعاملة على مكتب هذا الموظف وقال له بكل وقاحة أنهِ لي هذه المعاملة فورًا قال له الموظف بكل لطف: طيب لا تقلق ستنتهي المعاملة ولكن لا وجود لهذه المعاملة عندي، فبدأ المراجع بالصراخ وبكيل الشتائم للموظف، والموظف يجيبه بكل هدوء عندما تصل معاملتك عندي سأنهيها وأسلمك إياها على الفور وبدون تأخير،
وبينما هما يتحدثان، وإذا بالمعاملة تصل ويوقع الموظف على استلامها، ويرى المراجع معاملته وهي تصل فيصمت لأنه أراد إحراج الموظف فوقع هو في الإحراج،
ليقول له الموظف هذه معاملتك قد وصلت للتو فقط وسأنهيها لك على الفور، فقد وسع هذا الموظف هذا المراجع بخلقه وسمته وسعة صدره بل وبكريم عفوه،
ليأخذ المراجع معاملته وقد لقنه هذا الموظف درسًا عظيمًا في الأخلاق، واصل الموظف إنهاء معاملات المراجعين، حتى وصل لنهاية الطابور الذي كان فيه الرجل المُسن،
والذي كان ينتقل برجوعه للخلف في كل مرة يأتِ فيها مراجعٌ جديدٌ وذلك لإفساح المجال للمراجعين، ليقتنص هو الفرصة للسلام على هذا الموظف دون أن يزعجه، أو يؤخره عن عمله،
ولم يكن ينتظر لمصلحة ولا لمعاملة، بل أراد السلام على الموظف لأنه يعرفه وهنا كانت المفاجأة، فقد تهلل وجه الموظف بالسرور عندما رأى الرجل المُسن، وقال له: عمي فلان، قال له الرجل المسن: كيف حالك يا ولدي؟ قال الموظف: بخير كما ترى
أراك هنا اليوم بماذا أخدمك يا عمي؟
قال العم: لا شيء شكرًا لك إنما أردت السلام عليك فحسب، قال له الموظف: اعذرني يا عمي لم أنتبه لك قال العم: لا عليك وقد تعمدتُ فعل ذلك ولكني رأيتُ وسمعتُ كل شيء
وودتُ أن أسألك سؤالًا واحدًا قال له الموظف: تفضل يا عم وسل ما تشاء
قال العم: بكل ابتسامة وفخر من أين تعلمت هذه الأخلاق يا ولدي؟ أجاب الموظف دون تردد من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال العم: نعم أشهد أن رسول الله نعم المعلم انتهى الموقف، ولا أدري من خلقِ من تعجبت أكثر، من خلق الموظف اللطيف المثابر، أم من خلقِ العم الصابر، فقد كظم الموظف الغيظ وصبر، كما صبر الرجل المُسن ليختم هذا الموقف بسؤال عظيم كانت الإجابة عليه أعظم.
بارك الله فيك يا أستاذي الفاضل الكريم أبو يوسف ماجد الوهيبي أنت المخبر صدقت وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخبرنا عن أهل عمان الطيبين وأنت منهم فقد صدق الصادق المصدوق وصدق فيهم المصدوق المخبر عنهم لو أنك أتيت أهل عمان ما سبوك ولا ضربوك فنحن تعودنا من أهل عمان الخير وما زال ذلك الحديث في ذهني أذكره كلما أذكر أهل عمان
بارك الله فيك يا أستاذي الفاضل الكريم أبو يوسف ماجد الوهيبي أنت المخبر صدقت وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أخبرنا عن أهل عمان الطيبين وأنت منهم فقد صدق الصادق المصدوق وصدق فيهم المصدوق المخبر عنهم لو أنك أتيت أهل عمان ما سبوك ولا ضربوك فنحن تعودنا من أهل عمان الخير وما زال ذلك الحديث في ذهني أذكره كلما أذكر أهل عمان