عندما أعلنت جمهورية الصين لمنظمة الصحة العالمية وجود إصابات من فيروسٍ مستجد في مدينة ووهان الصينية، بدأ العالم يستنفر لمرحلة جديدة من التحديات الصحية، وأمست الدول تراقب عن كثب ازدياد الإصابات والوفيات في مختلف بقاع العالم بلا استثناء.
ولم تكن السلطنة في معزل عن هذا الوباء، فلقد كانت كالكثير من الدول المجاورة، سباقةً في بحث آليات التعامل مع التطورات الناتجة عن فيروس كورونا المستجد، للحد من تأثيرات انتشاره على المجتمع، وذلك من خلال الإشراف المباشر لعاهل البلاد المفدى وتشكيل لجنة عليا تتولى اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بهذا الشأن.
وفي خضم هذه الأحداث برز دور الرعاية الصحية الأولية في السلطنة، ممثلاً بطب الاسرة في المراكز والمجمعات الصحية، كونها الخط الأول في سلم الرعاية الصحية في البلاد. فلقد كان دورها ملموساً في مناقشة الحيثيات ووضع الخطط وتحليل البيانات وعرضها على المختصين لاتخاذ القرارات المناسبة لكل مرحلة.
ومع إعلان منظمة الصحة العالمية هذا الفيروس كوباء عالمي بتاريخ الـ 12 من مارس 2020، أصبحت كل المراكز الصحية وعيادات طب الأسرة تعمل كخلية نحل لساعات طويلة استعداداً لهذا الضيف الثقيل، فبدأت بتطبيق قوانين الحماية من العدوى في كل مؤسساتها، وتطبيق التباعد الاجتماعي لمرضاها وموظفيها، وقد قام أطباء الاسرة أيضاً بالتعاون مع فريق مكافحة العدوى بتدريب جميع العامليين من أطباء وممرضين وفنيين في هذه المؤسسات الصحية على خطوات تعقيم اليدين، وتطبيق جميع الإجراءات الاحترازية أثناء معاينة المرضى المشتبه إصابتهم بهذا الفيروس.
ويبدأ دور طبيب الاسرة من اللحظة التي يدخل فيها المريض للمؤسسة الصحية ، وذلك من خلال أخذ معلومات المريض والتاريخ المرضي، وفحص المريض سريرياً، وإجراء المسحة بالطريقة الصحيحة، ومن ثم صرف العلاج المناسب له .
ولا يقتصر دور طبيب الأسرة على هذا الجانب فحسب، بل يتعداه إلى الكثير من الأعمال الأخرى التي يحتاج فيها الطبيب لمتابعة مرضاه المصابين بالفيروس عن طريق الهاتف، وتتبع جميع الحالات المخالطة لهم، والاتصال بهم ومعاينتهم، وإرسال طاقم طبي لهم إلى المنزل إذا استدعى الأمر.
كما لا يخفى دور أطباء الاسرة في متابعة المؤسسات الصحية الخاصة، والوقوف على جاهزيتها لاستقبال الحالات المشتبه بإصابتها ، و تسهيل كافة الامكانيات للقيام بالدور المنوط بها على أفضل وجه.
وحين أًصبح الوباء نقطة حوار ساخنة لجميع أفراد المجتمع، كان ظهور أطباء الاسرة جلياً في وسائل الإعلام المختلفة، كالتلفاز والإذاعة وجميع وسائل التواصل الاجتماعي، وذلك للحديث عن مستجدات الجائحة ونشر المعلومة الطبية الصحيحة ودحض الشائعات.
وقد حرص أطباء الاسرة على تبادل الخبرات والنقاشات العلمية عن طريق عقد اجتماعات وحلقات تعليمية الكترونية لجميع الاطباء العامليين في الرعاية الصحية الأولية، وذلك إيماناً منهم بضرورة تبادل المعلومات ومناقشة آخر مستجدات الأبحاث العلمية في هذا الصدد.
إن المتأمل في المنظومة الصحية في السلطنة أثناء الجائحة، يدرك يقينا كمّ المسؤولية الملقاة على عاتق طبيب الأسرة، ومدى نجاحه في التصدي لها، وهو بلا شك، الركيزة الأساسية للرقي بجودة الرعاية الصحية الأولية.