الصليب الأحمر والهلال الأحمر، كلاهما رمزان مستخدمان في العمل الصحي التطوعي والمبادرات الإنسانية، وهما أيضًا من الموضوعات المطلوبة للغاية لهواة للطوابع كتخصص لما تحتويه من قيمة تاريخية وبدا استخدامها خلال الحرب العالمية الأولى من خلال ارسال الرسائل إلى الجنود أو بيعها للعامة في المقام الأول لأغراض إنسانية وهي جمع التبرعات. وبما أن هذه الطوابع كانت لأغراض إنسانية، فقد تم قبولها واكتسبت زخمًا بين عامة الناس.
وتعود فكرة الصليب الأحمر والطوابع إلى جان هنري دونان عندما أتته فكرة الصليب الأحمر كوسيلة لمعالجة المشاكل والمعاناة بعد معركة سولفرينو (1859).
في 24 يونيو 1859، خلال حرب التوحيد الإيطالية، اشتبكت القوات الفرنسية مع القوات النمساوية بالقرب من بلدة سولفرينو الصغيرة في شمال إيطاليا. في ذلك اليوم، كان رجل أعمال سويسري اسمه هنري دونان في المنطقة لمقابلة نابليون الثالث في مسألة تجارية. في مساء يوم المعركة، وصل “دونان” إلى قرية كاستيجليون بنفس اليوم الذي حصلت به المعركة حيث لجأ أكثر من 9000 جريح كما تشير بعض الاحصائيات للاحتماء في الكنيسة الرئيسية Chiesa Maggiore، وسارع السيد هنري دونان للمساعدة بتوفير الرعاية الصحية بنفسه وبتنظيم السكان المدنيين، وخاصةً النساء والفتيات، لتقديم المساعدة إلى الجنود المصابين ولكنهم افتقروا إلى المواد الطبية والإمدادات الكافية، وقام دونان بشراء المواد اللازمة وساعد على إقامة مستشفيات مؤقتة، وأقنع السكان بخدمة الجرحى بغض النظر عن جانبهم في الصراع وفقًا لشعار «توتّي فراتيلّي Tutti Fratelli» (الجميع إخوة) ونجح في إطلاق سراح الأطباء النمساويين الذين أسرتهم فرنسا.
وعندما عاد إلى جنيف في 11 يوليو كان يعاني من صعوبات مالية بسبب ما أنفقه على علاج الجرحى ولم يستطع أن ينسى ما رآه من الأهوال التي سببتها الحرب، وفي عام 1862 نشر كتاب بعنوان A Memory of Solferino. (ذكرى سولفرينو) في هذا الكتاب، وصف المعركة والجرحى واختتم بسؤال: “ألن يكون من الممكن، في زمن السلم والهدوء، تشكيل جمعيات إغاثة لغرض تقديم الرعاية للجرحى في زمن الحرب من قبل متطوعين متحمسين ومخلصين ومؤهلين تأهيلاً كاملاً؟ “.. كان هذا هو السؤال الذي أدى إلى تأسيس الصليب الأحمر. كما سأل السلطات العسكرية في مختلف البلدان عما إذا كان بإمكانها صياغة بعض المبادئ الدولية، التي تقرها اتفاقية ولا تنتهك في طبيعتها، والتي بمجرد الاتفاق والتصديق عليها، قد تشكل الأساس للمجتمعات لإغاثة الجرحى في الدول الأوروبية المختلفة.
حقق كتاب هنري دونان نجاحا كبيرا، وتمت ترجمته إلى جميع اللغات الأوروبية تقريبًا وقرأها أكثر الأشخاص نفوذاً في عصره، وكان من بينهم جوستاف موينير وهو مواطن من جنيف ومحامي ورئيس جمعية خيرية محلية وهي جمعية الرفاهية العامة في جنيف، في 9 فبراير 1863، قدم استنتاجات دونان إلى جمعيته التي شكلت لجنة من خمسة أعضاء لدراسة مقترحاته.
هذه اللجنة، التي ضمت موينير نفسه ودونان وعضوية كل من الجنرال غيوم هنري دوفور والدكتور لويس أبيا والدكتور تيودور مونوار، كانت تسمى في البداية اللجنة الدولية لإغاثة الجرحى. ومع ذلك، سرعان ما أصبحت تعرف باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر (IC RC). اجتمعت لأول مرة في 17 فبراير 1863، ويعتبر هذا هو التاريخ الرسمي لتأسيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر.
ومن هنا اتت فكرة الطوابع البريدية كوسيلة لدعم المبادرات الإنسانية، شاركت الدول في جميع أنحاء العالم دعمها من خلال طباعة نفس الطوابع لإظهار الدعم. تم فرض رسوم إضافية، وذهبت العائدات مباشرة إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وبفضل هذه العائدات، استلمت المنظمة حتى اليوم 2.5 مليار جنيه إسترليني – إيرادات حسب بعض الاحصائيات من بيع الطوابع البريدية التي تحمل شعار الصليب الاحمر او الهلال الاحمر الدولي والتبرعات الاخرى ناهيك عن بعض الطوابع الاخرى والتي يذهب ريعها لبعض المنظمات الخيرية.
ونذكر أقرب مثال لنا في طابع مرفأ بيروت لإحياء الذكرى الأليمة لمرفأ بيروت بقيمة اسمية قدرها 10 الاف ليرة لبنانية سيتم التبرع بجميع عائدات هذا الطابع للدفاع المدني اللبناني خدمة الطوارئ العامة التي تقوم بنقل المرضى والبحث والإنقاذ وأنشطة الاستجابة لمكافحة الحرائق.
وتتنوع مجموعة الطوابع التي تحمل شعار الصليب الأحمر أو الهلال الأحمر لكن لو نلاحظ سنجد أن الطابع يحتوي على، قيمتين قيمة الطابع بالإضافة إلى مبلغ اخر سيذهب ريعه لصالح هذه المنظمة كما نراه بهذه الطوابع التي تحتوي على قيمتين من الأسعار.
واشتهر الكثير من هواة الطوابع بالتخصص هذا وجمع الطوابع المتعلقة بالصليب الأحمر، وهناك من قام بعمل دراسات عنها واستعان برسائل الجنود من خلال الحرب العالمية الأولى وأيضا تكريما للمؤسس الحقيقي وصاحب الفكرة الأسمى وهو السيد “هنري دونان” الذي ساهمت رؤيته في انطلاق العملية كاملة، ورغم أنه انعزل في قرية صغيرة في الجبال السويسرية بسبب إخفاقه بمشاريعه التجارية التي لاقت فشلا ذريعا وانعزل عن كل الأنشطة وأيضا ابتعاده عن اللجنة الدولية، ولكنه تم تكريمه كأول من ينال جائزة نوبل للسلام في عام 1910 توفي بعد أن ترك بصمة بكل مكان وترك عالمنا بعدما ترسخت جذور الصليب الأحمر بكل العالم.