نجمة عمانية ساطعة في فضاء المشهد الدرامي محليا وخليجيا وعربيا، عبر سلسلة من الأعمال التلفزيونية والمسرحية التي قدمتها خلال مسيرتها الفنية الطويلة. هي من الجيل المؤسس للدراما العمانية منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي وإلى اليوم، وقد أصبحت جزءا أصيلا من ذاكرة الدراما العمانية والخليجية. جسدت مختلف الأدوار بمهارة فنية عالية، وتنقلت بين الكوميدي والتراجيدي وغير ذلك من ألوان الأداء الدرامي الذي جسدته في أدورها الكثيرة. إنها الفنانة الكبيرة فخرية خميس التي تطل على المشاهد هذا العام من خلال ثلاثة أعمال تعرض في عدد من الفضائيات العربية، وهذه الأعمال هي (أم هارون) و(الشهد المر) و(سَوّاها البخت). ورغم حضورها الخارجي اللافت، إلا أنها تغيب هذا العام عن شاشة التلفزيون محليا.
الفنانة الكبيرة فخرية خميس آثرت مؤخرا الصمت وعدم الظهور في حوارات إعلامية، وامتنعت عن التصريح لأي قناة أو صحيفة أو أية وسيلة إعلامية خارجية أو داخلية، رغم الاتصالات الكثيرة التي تأتي إليها. ولكنها حين قررت الحديث فتحت قلبها لـ(التكوين)، إيمانا منها بأن التكوين، ستنقل صوتها بكل صدق وشفافية، ولأن التكوين تواصلت معها في الوقت الذي كانت تريد أن تقول شيئا.
تحدثت فخرية خميس بألم عن ما لاقته من تهميش وإجحاف في حقها في مسلسل (أم هارون)، كما بكت فخرية خميس بمرارة شديدة وهي تتحدث عن الدراما العمانية وما آلت إليه الأمور. إلى جانب الكثير من القضايا التي تضمنتها تفاصيل الحوار التالي …
حوار: حسن المطروشي
“أم هارون” إجحاف واتهامات
بدأنا الحديث مع فخرية خميس عن مسلسل (أم هارون) والضجة التي أثرت حوله واتهامه بأنه عمل يهدف للتطبيع مع إسرائيل، فقالت: عمل مثل هذا أحببت أن أشارك فيه، وليس من الضروري أن أؤيد فكرة التطبيع. لقد لفت نظري، عندما قرأت شخصيتي في النص، أن الخط لدوري أنني كنت أجسد شخصية امراة مسلمة. ولا يعني المسلمة في هذا العمل أنها تشارك اليهود في كل شيء، وإنما هم يقيمون في حارة واحدة. ولكن دعنا نتساءل، منذ متى انفصل اليهود عن المسيحيين والمسلمين، وهم في الأصل جيران ويجمعهم بلد واحد؟. بل بالعكس، نستثني ولا نعمم، فهناك يهود ضد القرار الصهيوني وما تفعله الصهيونية وما تمارسه إسرائيل ضد الفلسطينيين. وهناك في المقابل يهود لا يتحلون بذمة ولا أمانة، وذلك ما تمثل في شخصية “داود” التي يقوم بأدائها الفنان القدير عبدالمحسن النمر.
وتضيف فخرية خميس: إننا كمسلمين نحترم هذه الديانات السماوية. والذي يربط هذه الشخصيات في المسلسل باختلاف دياناتها هو الجيرة. الذي ربط بينهم كان التعارف والسلام من بعيد عند الالتقاء، ولكن لأن الولد تعلق بالبنت، وهذه قصة اجتماعية، ربما نعتبرها حالة استثنائية، وقد حدثت هذه العلاقة وأصبحت واقعا. فما هو موقف الأسرتين هنا وهم مسلمون ويهود؟. بطبيعة الحال سيكون الرفض سواء من قبل اليهود او المسلمين. وبما أب الولد كان إمام مسجد فقد كان يرفض هذه العلاقة، كذلك الأم كان موقفها رافضا، وقالت لابنها عليك أن تختار بعقلك لا بقلبك. ورغم أنهم متجاورون ويجمعهم السلام في الطريق، ولكن على المستويات الأخرى لم يربطهم سوى الولد والبنت، وكان الموقف واضحا. هناك اعتبارات إنسانية نستثنيها، وربما البنت، مثل ما هي أم هارون، أحبت مسلما واعتنقت الإسلام، لأنها أحبت الإسلام وصارت مواقفها ومعاملاتها إنسانية، لأنها أحبت دينه ومبادئه.
وتستنكر فخرية خميس: لا أدري لماذا قوبل هذا العمل بهذه الطريقة التي أعتبرها عنهجية، من قبل بعض المتلقين للآراء التي لم تتضح كاملة بعد. الذين حكموا قبل أن يشاهدوا العمل؟. إنني أرفض تماما كلمة “التطبيع”، ولسنا بصدد أي تطبيع في هذا العمل. الأمر بعيد تماما عن ذلك، والعمل يتحدث عن حقبة زمنية قديمة تدور أحداثه في الأربعينيات من القرن الماضي. وهذه الشخوص كلها من تلك المرحلة. كل واحد فيهم يمارس طقوسه وعاداته في بيئته الخاصة، في منزله، وليس في الحارة أو الأسواق. كل واحد منهم ملتزم بدينه ويحترم دين الآخر، باستثناء هذا الشخص غير السوي المتمثل في شخصية داود، وكان المسيحيون والمسلمون جميعا يرفضون تصرفاته. القصة واضحة. ربما هناك أخطاء تاريخية، فأنا لست ملمّة بكل التاريخ. هذا يخص الكاتب، ويخص المنتج، ويخص القناة أيضا، بما أن كان هناك مشرفون يأتون ويشرفون على سير العمل. كان بإمكان الرقابة أن تتدخل وتتابع إذا كان هناك أخطاء. أنا ملتزمة بأداء دوري كممثلة. نعم قرأت أبعاد كل شخصية على حدة وعرفت توجهاتها. وقد وجدت في العمل شيئا مقنعا، ولم يكن هناك شيء مؤذٍ أو أي شيء يستدعي مني أن أرفضه.
إن هذا “تمثيل”، نقل للواقع ولكن لابد من أن يتدخل فيه الخيال. إن القضية أكبر من أن نتناولها على مستوى نص، والقضية الفلسطينية لا تنتهي في يوم وليلة، فمنذ متى بدأت وما زالت قائمة حتى الآن. إنها قضية مؤرقة، ستسمر فيها أجيالنا ، مثلما فتحنا نحن أعيننا عليها، وجميعنا مؤيد لفلسطين وحق الإنسان الفلسطيني والقدس التي هي قدسنا.
عتب وتعليقات
وتفتح فخرية خميس صفحة العتب والألم قائلة: لقد جاءتني تعليقات مؤلمة بالسب والشتائم واللعنات، ويتهمونني بالتطبيع. ولم ينظروا إلى خط شخصيتي في المسلسل أنها مسلمة، وهي الإنسانة البسيطة التي هي في بيتها، ليس بسبب القمع لأن زوجها إمام مسجد، وإنما هو يمنحها حريتها في الخروج وزيارة الجارات وغير ذلك. كان دوري بسيطا وخفيفا. فمن بين ما يدور في العمل من أحداث هناك أحداث ثقيلة وحزينة، ولكن أرادوا أن يرسموا البسمة من خلال دوري، حتى أنني أحببت أن أكون متنقبة عند خروجي من المنزل حتى لا يرى أحد شكلي، ما عدا في المنزل، مع النساء، ولم يكن الرجال يعرفون شكلي. وحتى في المشهد الاستهلالي، عندما خرجنا جميعا واجتمعنا بين المسجد والمعبد والكنيسة، قمت أنا بتغطية وجهي، لأنه كان يهمني كيف أُظهر هذه الشخصية بالتزامها، بحجابها، بشكلها، كمسلمة وزوجة إمام مسجد.
التهميش.. بسبب المخرج
وحول ما واجهته من تهميش وإجحاف في هذا المسلسل قالت فخرية خميس: لقد أحببت الدور من داخلي، ولكني أشعر أنني لم أؤد الدور بالشكل المطلوب، لأن المخرج لم يحب فخرية، ولم يحب بيت فخرية، ولم يحب بيت المسلمين، وإنما كان يحب بيتا آخر على حساب بيت المسلمين. وأنا لم أكن أرغب أن أصرح بهذا الكلام، ولكن جاءت الساعة لأصرح به، وقلت عندما أصرح فسوف أصرح في بلادي، من خلال صحافة بلادي وإعلام بلادي. لقد تأثرت كثيرا من تعامل هذا الرجل. قسما بالله أنني عاملته مثل ابني … وكنت معه بالسلام والكلام والحضور والالتزام، إلى أبعد الحدود، حتى في معاملته المجحفة في حقي. فهو لم يعاملني كنجمة. ربما لا يعرفني كنجمة، ولكن عليه أن يسأل، ومن حقه أن يسأل، ولكن لا يلغيني. إلغاء الآخر كان كثيرا في هذا العمل. وقد وُجد هذا الحس من أول يوم، ولكني حرصت على المودة والعلاقة الطيبة معه، فهو محمد العدل، والاسم يشكل قيمة خاصة، لأنه يأتي من عائلة “العدل، الذين لهم تاريخ في الفن العربي، وفي مصر بالتحديد، ومن منا لا يحب الأعمال المصرية، ومن لا يحب مصر والمصريين. فأنا أحترمت هذا الشخص، لاسيما أن عمه هو سامي العدل، ولأن هذه الشركة تنتج أعمالا مهمة وقد أثرت الحركة الفنية في مصر، عبر الكثير من الأعمال، سواء على مستوى الأعمال التلفزيونية أو السينمائية. فعندما يأتي أحدهم فهذا يعني أن له ثقله وله حضوره القوي من خلال الأعمال التي قدمها. وبالتالي فقد وجدت العمل في هذا المسلسل مغريا، نظرا لاكتمال عناصر النجاح فيه، وبوجود مخرج جيد، ومنتجة ونجمة قديرة وهي حياة الفهد، وأيضا القناة الفضائية، وهي الـ (إم بي سي)، ولديهم نجوم لهم بصمتهم في الخليج.
تضيف الفنانة فخرية خميس: لقد شعرت بنجاح المسلسل منذ البداية، خاصة أن العمل تولى كتابته اثنان من الشباب الطموحين، وقد كتب بشكل جميل. ولكن تدخل المخرج في العمل وحذف بعض مشاهدي وكان يرفض تصوير بعض المشاهد الخاصة ببيت إمام المسجد. وكان المنتجون على علم بمعاملة المخرج لي، وقد شكوت لهم الأمر، ولكن لم يتغير شيء. وهذا الحذف تسبب في الهبوط بمستوى العمل، حتى تدخل المنتجون وحالوا إنقاذه، من خلال تصوير بعض المشاهد في الكويت، واستدعائنا نحن لتصوير بعض المشاهد أيضا، التي لا أعلم إن كانت حذفت أم لا. لذا شعرت بأني خطي ضعيف، وكأنه لا يحرك أحداثا. لذلك كنت أشعر بقلق كيف سأقدم هذا الدور، في ظل وجود هذا النص الجميل، وثقتهم فيَّ، بأن اختاروني وأتوا بي للمشاركة معهم كاسم يضيف للدور، ولكني انصدمت، لعدم وجود الاهتمام من القائمين على العمل. أحترم الأستاذة حياة، ولكني كنت أتمنى أن تهتم في فخرية مثل ما اهتمت في آخرين. وحتى في التتر والإعلان الذي نشروه لم يكن لي أي حضور على مستوى الصور وما ينشر من المشاهد الإعلانية. أنا لست كومبارس، وقد تألمت وتعبت في هذا العمل كثيرا، ولكن يهمني أن يعرض، على قناة الإم بي سي ويشاهده الناس.
“الشهد المر” و”سواها البخت”
وحول مشاركاتها الأخرى هذا العام قالت الفنانة فخرية خميس: اختارني الدكتور حبيب غلوم للمشاركة في مسلسل (الشهد المر) وقد كنت مواكبة لهذا النص من خلال الأستاذة سعاد علي التي كانت تحدثني عن الدور، الذي كان في الأصل لها، ولكنها اعتذرت عنه لأسباب خاصة. وبعد اعتذارها عرض الدور علي، ولكني تريثت في قبول الدور حتى تواصلت مع الفنانة سعاد علي وأبلغتني باعتذارها رسميا، وباركت لي قبول الدور. وبالفعل أنني أحسست بأهمية هذا العمل فالنص جيد والمنتج جيد أيضا وبمشاركة نخبة من النجوم. كانت هناك مباراة ساخنة في الحوارات وفي الأداء. توليفة جميلة في الكواليس. لذا أكملنا التصوير رغم الخوف والهلع في ظل تفشي جائحة كورونا. والحمد لله طرح العمل وتلقته الجماهير بالقبول.
أما العمل الآخر (سواها البخت) الذي يبث لي حاليا على أكثر من قناة، فهو عمل كوميدي، ولكني لم أشاهده حتى الآن. إنني أعيش في ارتباك شديد وتتزاحم لدي الأفكار من ردة فعل الجمهور على مسلسل “أم هارون”، لأن الجمهور يهمني.
الدراما العمانية وفصل البكاء
وما أن فتحنا ملف الحديث عن الدراما العمانية حتى بدأت فخرية خميس فصلا من البكاء المر قائلة: إنني أعتب وأبكي ودمعتي لا تجف أنني أتغرب .. نعم يشعر المرء أحيانا بالغربة، بالرغم من أننا بلدان خليجية واحدة وبيوتنا وقلوبنا مفتوحة لبعضنا البعض، ولكن من الصعب أن تعمل في الخارج، في مثل هذه الظروف التي تشعر فيها أنك تود أن تكون في وطنك، ترغب بأن تكون مع صحافتك وجمهورك الذي عرفك وأحبك وتابعك وجعل منك نجما. جمهوري في عمان يهمني، ويهمني أن يكون لي في عمان عمل أو عملين في العام على الأقل. أتألم أن الدراما العمانية توقفت، ولم يعد لها صيت في الإنتاج، بعد أن كنا غزيرين في الإنتاج الدرامي في السنوات الماضية. نتفاجأ بتوقف الدراما، فأين اللجان التي شكلت من أجل البحث في المشكلة. هناك عمل واحد حكموا عليه بالإعدام منذ لحظة الميلاد، في الوقت الذي يقوم فيه التلفزيون بعرض أعمال كوميدية خليجية أتمنى أن يتكلم الناس عن مستواها. هل هي أفضل من الأعمال المحلية؟!
تضيف فخرية: لقد اعتذرت عندما عتب بعض الجمهور على مستوى العمل المذكور، وليس كل الجمهور، فهناك كانت بيوت تنتظر ما يقدمه لهم الفنان العماني، وتحب أن تضحك وتبتهج من خلال المواضيع البسيطة الحلوة التي لامست وجدانهم، فتابعونا وأحبونا. القائمون على التلفزيون حكموا بناء على آراء بعض الناس والأقلام التي كتبت، وأنا لا أنفي هنا، ولكن ما حدث أن الذي شاهد العمل والذي لم يشاهده حكموا بأن هذا العمل رجع بمستوى الدراما إلى الأسوأ. وبالفعل اعتذرت شخصيا وقلت إذا لم يعجبكم ما قدمناه هذا العام فسيعجبكم القادم، بإذن الله. لقد عتب علي المخرج وجهة الإنتاج أنني تكلمت، فقلت أن هذا جمهور ونحن نجومهم وهو يغارون علينا، ولا يحبون أن يرونا في أعمال ليست في المستوى الذي كانوا يتوقعون. فمن الواجب أن أمتص غضبهم، ولذلك اعتذرت. لأنني أنا الذي كنت أنشر عن العمل يوميا عبر حساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي، وأتحدث عن “حارة الأصحاب” وفي النهاية وجهت الأسئلة والاتهامات لي، وكان الجمهور يتساءل، أين العمل الذي حببتنا فيه فخرية؟ فكان لابد أن أتكلم.
وتصف فخرية خميس القرار بأن تتوقف الدراما العمانية بأنه كان غير صائب، مضيفة أن الذكاء أن تستمر، وبما أن هناك لجانا، فيتوجب توظيف أناس لديهم الدراية والأمانة في قراءة النصوص، فساحتنا لا تخلو من الكتاب في عمان مثل أحمد درويش الحمداني وأحمد الأزكي وغيرهم الكثيرين الذين لو جرى احتواؤهم بشكل أفضل فلن يتوقفوا عن كتابة النصوص المحلية. ولكن الثقة تزعزعت لدى الجميع، فما عادوا يريدوننا، وأصبحت المقارنة ظالمة في حقنا، إذ أصبحوا يقارنون أعمالنا بالأعمال الخارجية، حتى ولو كان مستواها ضعيفا. لماذا نشأت هذه العقدة أن الذي يأتي من خارج السلطنة مقبول والذي يأتي من الداخل مرفوض؟!. إن هذه عقدة، ومثل ما يقولون “عقدة الأجنبي”.أنا لا أحب هذه الكلمة، ولكنه من الواضح أن الأمر كان هكذا.
وتشكو فخرية خميس: إنني أتألم، أنني في هذه المرحلة العمرية، وبعد هذا التاريخ، فمنذ عام 1974 وأنا على خشبة المسرح، من خلال الفرقة الأهلية التي أسسناها آنذاك، وإلى اليوم وأنا مستمرة في الفن، ولم أبخل على جمهوري، دون أن يعلموا عن ظروفي الصحية أو المادية وغيرها، حتى أنني أحيانا أتنازل عن أجري، فقط من أجل أن تستمر الدراما. لقد وقفنا كثيرا ودعمنا الدراما كثيرا، ولكن أين نحن الآن؟ .. الجميع لا يريدنا. أصعب شيء أن المجتمع لا يريدك .. نعم (وتبكي مجددا) أصعب شيء على الفنان أن المجتمع والجمهور يرفضه. لقد حكموا علينا بالإعدام من عمل واحد. والتلفزيون أخذ برأيهم. أينك يا معالي الدكتور الرئيس؟ أنت الإنسان المثقف الواعي الذي كنت تحب الدراما وتحب كل النجوم العمانيين؟. إننا ننتظر رأيك .. على الله ثم أنت يا معالي الدكتور بأن تعيد النظر وتعيد الثقة بالفنان العماني، لكي تستمر الدراما المحلية. كانت الدراما “فاتحة بيوت” على المستوى المادي، والآن الكل يريد أن يعمل. حرام أن تموت هذه المواهب والقدرات. نحن ليس لنا لنا بعد الله إلا التلفزيون العماني لينتج أعمالنا.
تشير في حديثها إلى أن شركات الإنتاج الكثيرة، مؤكدة: لكن ليس لديها القدرات المالية لإنتاج الأعمال. وهناك أعمال لم يقصر فيها المنتجون، عندما استعانت الجهات الرسمية بمنتج منفذ، فلم يبخلوا على الإنتاج. مركز الأحلام له بصمات ونجاحات كثيرة في الإنتاج مثل (انكسار الصمت) و(أرواح) و(زيد وعبيد) و(حارة الأصحاب)، وهناك أعمال لم أشارك فيها، ولكن لها بصمة. لا يصح أن نحكم على ذلك بالإعدام من عمل واحد. وهناك يوسف البلوشي وشركة القدس وغيرها الكثير فيها فنانون كبار، ومخرجون ومعدات وفنيون، ولا نقل شأنا عن أي أحد، سواء على مستوى الفن أو على مستوى القدرات الفنية والتقنية. إمكانياتنا رائعة وأعمالنا محلية مائة في المائة. نعم كانوا أحيانا يستعينون بمخرجين من الخارج، ولكن في الفترة الأخيرة أصبح العمل عمانيا كاملا من فنانين وفنيين.
تضيف فخرية: العام الماضي، صرف المنتج المنفذ على عمل مثل (مجرد لحظات) كل ما أتوي من جهد ومال، ولم يبخل على العمل، وتكاتفنا جميعا، وكان المخرج مبدعا، وقد نجح، ولكن لم يتكلم عنه أحد .. لماذا لم يتكلم الناس عن النجاح؟ لا صحافة ولا قنوات ولا إذاعات، باستثناء بعض الإشارات حوله.
تقول: إنني أتألم بحق، ولا أريد أن أذهب للعمل في الخارج، ولكني أضطر للذهاب بدافع ظروفي المادية. فأنا أقوم بدور الأم والأب لأبنائي، ولدي أبناء لا يعملون. الحياة كفاح وتحتاج إلى الكثير من الأشياء. الفن مصدر رزقنا، وعندما لا يوجد عمل فإننا نظل نبحث عن الرزق ولقمة العيش. لذلك نضطر للذهاب للخارج، وعلينا أن نتحمل الذي يأتينا، سواء تعامل معنا الناس إنسانيا أو ظلمونا.
تشير الفنانة فخرية خميس إلى معاناتها، تقول: إنني أعاني كثيرا عندما أذهب للخارج (وتتوقف فخرية خميس عن الحديث في غمرة بكاء)، ثم تواصل.. ليس بودي أن أخرج. ورغم أن لي جمهورا ينتظرني في الخارج، ولكن أتمنى أن يكون لي ولو عمل محلي واحد في السنة .. لي ولغيري أيضا من الفنانين العمانيين. أريد أن يعود العهد الزاهر للدراما العمانية، لأن هناك تاريخا جميلا وبصمة حلوة شكلتها هذه الدراما.
أمين عبداللطيف الذي أوتوا به .. أين هو؟ أين آراؤه .. تنفسنا الصعداء بعودته، بعدما كنا نطالب. ولكن أين الوعود؟
(وتتقطع أنفاسها بكاء مرا .. ولكنها تواصل). لماذا أنا منزوية ولا أرغب في الكلام، لأنني أشعر أن الصوت لا يصل، وحتى لو وصل فسيواجه بالاستهتار والاستهزاء؟!.
تقول الفنانة فخرية خميس: أنتم أيتها الأقلام الذهبية، الأقلام الأمينة، أعيدوا ثقة العالم بنا، وبالفنان العماني. الجميع يؤاخذني لعدم رغبتي في الخروج في لقاءات صحفية وإعلامية. نعم لا أحب ذلك، وليس لدي ما أقوله. تعرض لي الآن ثلاثة أعمال، ولا أحد يكتب بإيجابية. كل ما أواجهه هو السب والشتم. لماذا هذه المفردات المسيئة؟ إنه من المعيب أن أذهب للمحاكم وأرفع القضايا. أنا لا أفعلها. إنني أستميح الناس عذرا، ولكن يجب أن لا يتعرضوا لي بالسب والإيذاء اللفظي. العماني ليس هكذا. ما الذي يجري؟ … وعند هذه النقطة تتوقف الفنانة فخرية خميس عن الحديث ليستمر نشيجها بمرارة ……!