الثقافي
أكثر الناس ضررًا
وفاء سالم
لستُ ممن يُجيد الانتقام. في الحقيقة أنا لا أفكر في الانتقام إطلاقًا، من أولئك الذين يتسببون لي بأذى نفسي، اجتماعي وعملي، ولكني دائمًا ما أسأل نفسي: لماذا يحب الآخر أن يذكرك بالسوء أو يُدمر علاقتك بالآخرين؟!
لماذا يُلفق التهم والأقاويل باسمك؟ بل السؤال الأكبر: كيف يعجز البعض من أن يكون كاتمًا للسر، حافظًا للحديث، مؤتمنًا لمواقف صارت بينك وبينه؟..
إن أكثر الناس ضررًا هم أولئك الذين يلتصقون بك، يطاردونك كظلك، يظهرون لك دهشتهم المتواصلة منك، يطلبون دعمك، يشكون لك خذلانهم من العالم. هؤلاء الذين ترممهم، تعيد الحياة لهم، ترتب فوضاهم وتتيح لهم سبل البدء من جديد. تقضي أياما من عمرك في دعمهم، رفع معنوياتهم، ويصبحون بعد ذلك يفتخرون أنك صديق لهم، وفي نفس الوقت يكرهون صراحتك معهم، قسوتك التي تنجيهم، هؤلاء هم من ضمن أبشع المخلوقات البشرية على وجه الأرض..
المؤسف حقًا أنك تدرك ذلك بعد فترة طويلة، ولن أقول بعد فوات الأوان، لأن الأوان لم يفت في تعلمك المستمر من الحياة ومما تحمله لك من مفاجآت قد لا تُسعدك دائمًا..
وتسأل نفسك أيضًا، كيف لأشخاص يفترض أن يكونوا على معرفة بك أن يصدقوا أي طفيليات بأنك سيء؟
أأقول بعد تساؤلي: لأنه دائمًا يتعامل معك من باب المصلحة لا الثقة، لاسيما عندما يبدأ بذكر ما منحك إياه، وكأنه قد منحك كل ذلك دون مقابل، وينسى بأن لكل عمل أجره..
لن أقول: شكرًا كورونا، لأنك جعلتني أرى الناس على حقيقتهم. فأنا قد سمعت عنها من قبل، لكني لستُ ممن يصدق القيل والقال، ولا آخذ حكمي على المرء مما قالته ألسنة من حولهم، لكني أقول لنفسي “هتعيشي وتشوفي يا وفاء الحياة مليئة بالأوغاد والأصدقاء السفلة”..
الحقيقة أنني لا أشعر بالأسف إلا عليهم وعلى قلوبهم المتشبعة بالسواد والحقد الذي لا أفهم مغزاه حتى الآن..
كان الله في عونهم، والله إني أضحك كلما أفكر كيف لشخص يسمي نفسه قارئًا أو مثقفًا أن يكون بهذه الأخلاق. وفهمت لماذا كان أخي الأصغر يقول لي: “والله يا وفاء ما شفت شخص قلبه أسود أكثر من بعض الي يسمون نفسهم مثقفين” …
العالم ليس بحاجة للقبح، فهو متشبع بكل أنواع القبح، لاسيما ذلك الذي نراه ونسمع به، ولا أتمنى أن يصبح مصدر القبح أصحاب الكلمة، فلن يعول حينها خيرًا على أي شيء في كوكب الأرض..
لن أنتقم، ولن أفكر في الانتقام، لكني أُحب أن أرى أثر دورة الحياة على من تسبب بالضرر والدمار..
صدقتي يا أستاذة وفاء مقال مليئ بالحقائق المؤسفة في وقتنا الحاضر وكلنا تعرض لشتى أنواع الخذلان من القريب والبعيد وشكرا كرونا لإنك أفسدت بعض أخلاق البشر وخربت العلاقات .