مقالات
أبحث عن أصدقائي.. عن ذاتي
منى المعولية
.. وأحتاج إلى الاصدقاء الذين تعاقدت كفي مع كفوفهم في الأزقة والطرقات
أصدقاء المطر،
أصدقاء الريح،
أصدقاء جزر البحر وانحساره ونحن نغطس في ملوحته غير آبهين..
أصدقاء الطائرات الورقية..
أصدقاء الجدران..
أصدقاء الحجارة المرجومة بها أشجار الجيران.
أصدقاء كرة العنبر..
و لعبة البيلو..
أصدقاء الغُميضة.
أصدقاء الزمن الجميل.
أصدقاء ليس بيني وبينهم كبسة زر.
ولا يفسد قضية ودي وإياهم تراجم الحروف.
اصدقاء لايزيحون من قوائم رفقتهم..
ولا أبحث عن صفحاتهم ويفاجئني البحث المحظور..
أفتقد أولئك الأصدقاء الذين أعود معهم صباح اليوم التالي وقد تناسينا عراك المغيب..
أصدقاء تتلطخ لقمتهم بالرمل..
وأيديهم بالطمي..
وأقدامهم مطمورة في الوحل.
و ملابسهم مزقتها شطحات القفز.
أشتاق لأولئك الأصدقاء الذين تناصفت معهم عشق المكان وعدوت معهم في صهد الشمس وقساوة الزمان.
أشتاق لأولئك الأصدقاء المجردين من الألقاب..
أصدقاء الجيوب المفلسة,
والمعدة نصف الفارغة.
أصدقاء الأحلام التي لا تكتمل واللحظات غير المضجرة.
اصدقائي الذين بيني وبينهم مسافة عمر وصندوق من الذكريات.
أصدقاء المذكرات الوردية المعطرة
والأقلام المنقوشة بأسمائنا.
أشتاق للأصدقاء الذين رسموا حروفهم بالفحم والطباشير.
الاصدقاء الذين نسوا أن يتقنعوا..
و رفضوا أن يتلونوا.
وكافحوا على السير ببراءتهم على الخط المستقيم.
أولئك الأصدقاء الذين فرقتني الأيام.. وهم.
وفرقتنا المناصب..
وفرقتنا الجغرافيا..
وفرقتنا الألسن والعادات .
وسلام على روح البعض منهم الذي حصدته أنياب الموت باكرا، وغابت ضحكتهم في صخب الشوارع وحوادث السيارات.
خارج نطاق البوح
ومازالت أحن إليهم، وكلما صادفت أحدهم خلسة أرى وجوههم اليانعة قد جعدتها هموم المسؤولية ومديونية البنوك.. ولطخت فرحتهم سوداوية الحياة.
كلما رأيتهم شعرت برعب، ففي وجوههم أتيقن أن العمر مضى.
و أن الدهر قد شاب..
وقد كبرنا..
كبرنا كثيرا.
كبرنا أكثر مما ينبغي.
كبرنا ونحن في أوسط العمر، وفي أوج العطاء، كبرنا فرادا ولم نعد أصدقاء..