الفني
“معرض القلعة” يروي تجارب 16 فنّانا تشكيليًّا عبر 23 لوحة
رصد المعرض بالكلمة والصورة:
عبدالله بن خميس العبري
احتفى «معرض القلعة» بأعمال 16 فنانا تشكيليا ليقدم لهم 23 عملا فنيا في «القصبة الشرقية» بتنظيم من فريق «فن فن» التابع لنادي بهلاء، وسط حضور كبير من المهتمين والمشتغلين بالفنون التشكيلية. (التكوين) رصدت بالكلمة والصورة هذه الفعالية عبر لقاءات مع الفنانين المشاركين والمعنيين بالفن التشكيلي في السلطنة.
يتحدث رئيس فريق «فن فن» حاتم الشعيلي عن الفكرة قائلا إنها تعد تجمعا فنيا كبيرا للفنانين التشكيليين العمانيين، يقدمون مجموعة من الأعمال في مجالات الفنون التشكيلية المختلفة، حيث يوجد التصوير والنحت والخزف، مشيرا إلى أن الفكرة تسعى إلى نشر الثقافة الفنية في بهلاء خاصة وفي ربوع السلطنة عامة، موضحا أن هؤلاء الفنانين لديهم أعمال فنية لم يشاهدها الكثير من الناس، إضافة إلى ذلك يعتبر المعرض مزارا للطلاب ومزارا لمتذوقي الفنون التشكيلية لمدة ستة أشهر، مضيفا أن الأعمال مقسمة إلى نوعين: معلقات جدارية وعددها ١٧ عملا، ومنحوتات وعددها ست منحوتات وتضم الخزف والنحت منوها أنه لا توجد مدرسة معينة وإنما كل فنان مشارك له أسلوب مغاير فنيا عن الفنان الآخر ولكل لمسته الفنية المختلفة.
ويتحدث محمود الديهني أحد أعضاء فريق «فن فن» ومعلم للتربية الفنية بمدرسة بلعرب بن سلطان عن سبب اختيار قلعة بهلاء لإقامة هذا المعرض وبالذات القصبة الشرقية قائلا: جاء الاختيار لهذه القلعة لتفعيلها «بدلا من أن تكون جدرانا صماء، وهي من القلاع التي ضمت إلى قائمة التراث العالمي، والقصبة الشرقية أقدم أجزاء القلعة تمتاز بالارتفاع الشاهق وبالتالي وأنت متجه للمعرض تمر على أجزاء من القلعة وترى واحة بهلاء من هذا الارتفاع.
وأضاف الديهني أن المعرض يضم حاليا مجموعة من الأعمال الفنية في مجالي التصوير الزيتي والنحت وسندخل مجالات أخرى مستقبلا، كما أن هناك توجها لتغيير مكان المعرض بحيث يمر على أجزاء القلعة المناسبة لعرض الأعمال.
وحول اختيار الفنانين المشاركين قال محمود الديهني إنه يعود إلى «تأثيرهم في الحركة الفنية العمانية كونهم رواد الفن التشكيلي في السلطنة مثل الفنان أنور سونيا والفنان سليم سخي والأستاذة مريم الزدجالي والفنان أيوب البلوشي، ومن فئة الشباب الفنان أحمد الشبيبي والفنان علي الجابري وغيرهم، ولقد ارتأينا الجمع بين الرواد والفئة الشابة، متمنيا مشاركات أوسع من الفنانين مستقبلا، معتبرا أن هذه البداية على أمل أن تكون الخطوة القادمة أقوى وأكثر توسعا.
دعم الجمعية
من جهتها تؤكد مديرة الجمعية العمانية للفنون التشكيلية وراعية حفل افتتاح المعرض الفنانية التشكيلية مريم بنت عبدالكريم الزدجالية اهتمام الجمعية بدعم الشباب والفرق التي تشتغل على مجالات الفن التشكيلي من خلال إقامة المعارض والأنشطة والفعاليات التي يمكن أن تروّج أعمال الفنانين في كل بقعة من عمان مثمنة الفكرة واللفتة التي قام بها فريق «فن فن»، وأيضا تسليط الضوء على التراث العماني والمعمار الجميل مشيرة إلى أن السلطنة غنية بهذا الثراء الذي نفتخر به، ودعم الشباب واجب على الجميع، والجمعية معهم دائما، وتحتضن هذه الفرق هؤلاء الشباب لإقامة مثل هذه المناشط، ونحن معهم لتسهيل الصعاب في تنفيذ الفعاليات.
وأشارت مديرة الجمعية إلى إمكانية نقل المعارض السنوية التي تقام عادة في مسقط، خصوصا أنها تبرز التجارب التي يشتغل عليها الشباب وكبار الفنانين، بما يطرحونه من أفكار وبما يساعد على تبادل التجارب والتقنيات، وطرح كل ما هو جديد في مجال الفن، وتبقى إشكالية نقل اللوحات والخشية عليها من التلف والكسر منوهة بجمالية المكان في قلعة بهلاء ومناسبته لاستضافة المعرض السنوي على أن يكون كل عام في قلعة عمانية للتعريف بالفن التشكيلي وما وصل إليه من تطور والأفكار التي تطرح في المعارض يتم التعريف بها لأبناء المحافظات، مضيفة أن الفنانين الإيرانيين الذين رافقوها منبهرين من المعمار العماني، وأبدوا إعجابهم بروح التعاون بين الفنانين التشكيليين لإقامة هذا المعرض.
حضور البيئة
يقدم الفنان سليم سخي عملا فنيا عبارة عن تكوين يلخص البيئة العمانية، من حيث المكان والموروث اليومي للحياة العمانية القديمة بتكوين مبسط جدا لكن بمضمون قوي، يصف عمله قائلا: السدو المتدلي من الأعلى يرمز للثقافة وامتداداتها، وللموروث وللتراث العماني والأرضية المفتوحة والشاسعة للبيئة العمانية بكل بساطتها ويضيف: هذا العمل تلخيص للحياة القديمة وامتداد لها، من أجل المحافظة عليها، في العمل اختزال وبساطة، لكن كما قلت بمضمون قوي وواسع، هذه المواضيع البيئية هي امتداد لمواضيعي، مثل الحياة البرية النادرة ومثل حيوان المها وهي كلها من مفردات البيئة، واختتم الفنان سليم سخي حديثه معربا عن أمنيته بأن ينال العمل إعجاب الجمهور.
ستة أشهر
الفنان عبدالكريم الميمني أثنى على فكرة المعرض الذي سيستمر ستة أشهر، وتحدث عن مشاركته قائلا إنها تمثل «الصفاء الإنساني» بحيث يتمكن المرء من خلال صفائه وسلامه الداخلي «من أن ينشر الجمال والسلام والصفاء على كل من حوله مهما تنوعت الرؤى ومهما تنوعت الأماكن التي يعيش فيها، قد تكون الأماكن خصبة وجيدة وقد تكون الأماكن ذات تحديات كثيرة جدا، لكن بصفائه يمكن أن ينشر هذه المفردات الرائعة».
الميمني خريج جامعة السلطان قابوس – تربية فنية – شارك في معارض محلية ومعارض دولية يقول: أقمت خمسة معارض شخصية وأطمح خلال العام القادم إلى إقامة المعرض السادس وآمل صدور أعمالي في كتاب، وأعمل الآن على إصدار كتاب يتضمن قراءات وانطباعات عن تجارب الفنانين التشكيليين العمانيين، حيث كنت أكتب وأنشر في الصحف المحلية هذه التجارب وهذه الأعمال وأستقرئها من واقع شخصي ومن واقع انطباعات مستقاة من خبراتي في مجال الفن التشكيلي، وأيضا من خلال دراستي في هذا المجال، ويضيف: «استقرأت مجموعة من أعمال الفنانين التشكيليين وبحثت في خفاياها وطرزها ومختلف اتجاهاتها الفنية وغصت نوعا ما في رؤية الفنان ورؤية المتذوق وخرجت بحصيلة جيدة من المتابعين لهذا الفن، كما استفادت مجموعة كبيرة من هذا الطرح وعرفوا كيف يمكن تذوق العمل الفني.
الحب والوئام
الفنان أنور سونيا من الفنانين الذين لهم بصمتهم في تطور الحركة الفنية التشكيلية في السلطنة كونه من أقدم الفنانين، شارك بلوحة، وفي حوارنا معه لخص لنا مشاركته قائلا: أتشرف بوجودي مع الفنانين التشكيليين تشجيعا للجيل الصاعد الذي بدأ يشق طريقه في مجال الفن التشكيلي، وشاركت في هذا المعرض بلوحة عن العائلة العمانية التي يسودها الحب والعطاء والأمل والتعاطف من خلال الرمز وهو الدائرة في خلفية اللوحة، مشير إلى أن اللوحة بشكلها العام «تمثل الشعب العماني بما يسوده من حب ووئام، أما عن المعارض القادمة فأشار إلى أنه يشارك في المعارض بلوحات وليس له حاليا معرض شخصي، ففي معرض العيد الوطني عرضت له لوحتان بعنوان «عودة السفينة» و«سوق سناو» وهي بألوان الاكريليك.
أما بخصوص جمع لوحاته في كتاب فأجاب: ليس لدي استطاعة لجمع هذه الأعمال ونشرها في كتاب إلا إذا كانت هناك جهات تتبنى مثل هذا العمل لأن إصدار كتاب بهذه اللوحات يحتاج إلى مبالغ كثيرة ليظهر على أرض الواقع.
الفحم والرصاص
الفنان يونس المعمري قدم عملين بالفحم والرصاص، ويشير إلى أن الفنانين المشاركين من مدارس مختلفة وبألوان مختلفة، فبعضهم يستخدم ألوان الاكريليك ومنهم من يستخدم الألوان الزيتية وبعض الخامات الأخرى المختلفة، كما يضيف: المعرض لديه ميزة مختلفة كونه يقام داخل قلعة وهذا شيء مميز ويربط الفنان بالتراث ويربط الفنان بموروث قديم جدا، ووجود الفنان داخل القلعة ينمّي خياله الواسع، فتجد في القلعة النوافذ القديمة والأبواب القديمة والنقوش الخشبية وهذا كله تغذية بصرية للفنان حتى يبدع في أعماله القادمة، منوها بفكرة استمرارية المعرض لفترة طويلة يجعل السياح يشاهدون هذه الأعمال الفنية ويطلعون على الفن التشكيلي العماني، وبهذا سيكون هناك رابط بين الفنان والمجتمع وبين السياحة.
وعن جديد الفنان يوسف المعمري يشير إلى أنه مشارك في فرق فنية تنوي إقامة معارض في محافظتي شمال وجنوب الباطنة وكذلك في محافظة مسقط، إضافة إلى مشاركته في المعرض السنوي الذي تقيمه الجمعية العمانية للفنون التشكيلية وهذا معرض سنوي مصنف فيه التصوير والخزف وفيه التشكيلات الحروفية والرسم.