مقالات
قطة .. على حافّة ما
منى المعولي
تحوم روحها محلقة حول المكان، رحلت وكأنها لم تكن، رحلت و كأنها ليست جزءًا من هذا العالم.
حادثتها لوهلة..
غرقت في حوار مع ذاكرتها.
لاح لي جسدها المسجى المبقور على حافة الشارع
كل ما حولها يثرثر إنها رحلت
حفيف الأشجار
أبواق السيارات
عامل النظافة المجازف بروحه كي يلتقط بمخالب مكنسته المعدنية بقاياها المتناثرة ليستقر بها الحال في كيس قمامة أسود.
بدا لي فروها مجهول اللون لا أعلم هل كانت بيضاء أم بنية أم هو الدم امتزج بوبرها الأبيض وأكسبها مزيجا من ألوان أجهلها.
خيالي رافقها إلى حاوية المخلفات وتتبع أشلاءها المتمزقة إلى المحرقة.
ماذا لو كانت في طريقها لإطعام صغارها الجياع!
ماذا لو كانت قد تركت خلفها والدة تستأنس بوجودها لدرء الفزع من الكلاب الضالة!
ماذا لو كانت قد أخطأت طريق العودة وقلب مالكها الطفل أو الطفلة يقلق لغيابها!
لم تمهلها إطارات السيارات المحمومة أن تعتذر لكل هؤلاء
تعجلَّ عامل النظافة بمواراة بقاياها، لم يتح لها الوقت لتخبرهم انها لن تعود.
غداً ستعود بعد أن تتحلل
غدا ستعود سماداً للأرض
غداً قد تعود زهرة أو شجرة أو نبتة صبّار تقاوم عجف الصحراء.
غدا تعود أي شيئ آخر عدا أن تعود قطة تدهسها قسوة الشوارع.
و تشمئز منها عين المارة.
و تشيح بوجهها عن بقاياها كل الأشياء..
ذاك الجسد الذي تقافز بين الأسوار
تلك الأقدام التي شقت قماش الحياة بمخالبها.
ذاك الكائن القادم من تلاحم مشاعر لا تفقه إلا الغريزة.
لا تتعصب للون
و لا لسلالة
ولا تهتم بعرق الجلد أو أصل البشرة.
واحدة من العشرات التي تُدهس كل لحظة.
كل خطئها إنها عبرت المسار ذات جهل وغفلة.